فشلت صربيا وروسيا الاثنين في دفع مجلس الأمن الدولي الى الغاء اعلان استقلال كوسوفو بينما اعترفت الولاياتالمتحدة ودول غربية اخرى بهذه الدولة الجديدة. وقال وزير الخارجية الصربي فوك يريميتش للصحافيين في ختام الاجتماع حول كوسوفو التي كان من المعروف مسبقا انه لن يتبنى اي قرار "للاسف، لم يتمكن مجلس الأمن من التوصل الى نتيجة". ومنذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، رأى المجلس ان مسألة استقلال كوسوفو لم تعد من مهامه بل تعود الى الاتحاد الأوروبي. ووعد يريميتش بان تواصل بلاده مقاومة استقلال كوسوفو بالوسائل الدبلوماسية والسياسية. وقال ان "صربيا لا تقبل به وستعمل بكل قوتها دبلوماسيا وسياسيا في كل منتدى ضد هذا القرار غير الشرعي". واعلن اقليم كوسوفو الصربي الذي يشكل الألبان غالبية سكانه الأحد استقلاله من جانب واحد. واكد يريميتش ان العلاقات بين بلغراد والدول التي تعترف بهذه الخطوة ستتغير. وقال ان "اي جهة تقرر الاستخفاف بالقانون الدولي (...) وانتهاك وتجاوز سيادة الجمهورية الصربية ووحدة اراضيها، لا يستطيع ان يواصل علاقات طبيعية مع بلدنا". وخلال اجتماع مجلس الأمن، دعا الرئيس الصربي بوريس تاديتش والسفير الروسي في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين الأمين العام للامم المتحدة بان كي-مون الى اصدار تعليمات لبعثة الأممالمتحدة في كوسوفو باعتبار الاستقلال "لاغيا وباطلا". إلا ان الأمين العام رفض التخلي عن موقفه الحيادي في هذا الملف. واكتفى بتلاوة بيان عن الأحداث في كوسوفو منذ الأحد ودعوة جميع الأطراف الى "الامتناع عن اي عمل او اصدار اي تصريح يمكن ان يعرض السلام للخطر ويحض على العنف او يهدد امن كوسوفو والمنطقة". ورأى تاديتش ان انفصال كوسوفو يشكل سابقة خطرة سيحذو حذوها آخرون وستتسبب "باضرار لا يمكن اصلاحها في النظام الدولي". واضاف "هناك عشرات الحالات مثل كوسوفو في العالم التي تنتظر ان تصبح عملية الانفصال هذه واقعا وتؤسس معيارا مقبولا". واضاف مخاطبا اعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر "احذركم بشدة من خطر تصاعد العديد من النزاعات الموجودة ومن تأجج نزاعات نائمة وظهور نزاعات جديدة". وتابع "اذا غضضتم الطرف ازاء هذا العمل غير القانوني من يضمن لكم الا تقوم بعض الاجزاء من دولكم باعلان استقلالها بالطريقة ذاتها؟". وطلب تاديتش من الاممالمتحدة اعلان الغاء استقلال كوسوفو مؤكدا مجددا ان بلغراد "لن تعترف ابدا" باستقلال كوسوفو. وقال "نطلب من الامين العام بان كي مون ان يصدر لممثله الخاص في كوسوفو جواكيم رويكر تعليمات واضحة لا لبس فيها باعلان ان انفصال كوسوفو لاغ وباطل". لكن الغربيين كرروا قناعتهم بأن كوسوفو حالة "فريدة نظرا الى الاحداث التي وقعت في التسعينات في دول البلقان". وقال السفير البريطاني في الاممالمتحدة جون سويرز ان "الظروف الفريدة للتفتت العنيف ليوغوسلافيا السابقة وتولي الاممالمتحدة ادارة كوسوفو يجعلان منها حالة قائمة بذاتها لا تشكل اي سابقة". واوضح نظيره الفرنسي جان موريس ريبر "انه وضع فريد ويشكل تتويجا لعملية تاريخية مميزة". وتوعد وزير الخارجية الصربي بان بلاده ستتصدى "بالاظافر والاسنان" انما بالوسائل الدبلوماسية والسياسية لاستقلال كوسوفو. وقال في تصريح صحافي في ختام اجتماع مجلس الامن ان "صربيا لا توافق عليه، وستتصدى بالاظافر والاسنان سياسيا ودبلوماسيا على كل منبر لهذا القرار غير الشرعي". واعلن ايضا ان علاقات بلغراد مع البلدان التي اعترفت باستقلال كوسوفو لا يمكن ان تكون كما في السابق.واضاف ان "كل من يقرر ان يدوس القانون الدولي، وان كل من يقرر ان يزدري سيادة الجمهورية الصربية ووحدة اراضيها لا يمكن ان تستمر معه علاقات بلادنا الودية والسلمية والديموقراطية". مندوبا الولاياتالمتحدة، زلماي خليل زاده، وروسيا فيتالي تشوركين ظهرا قبل بدء جلسة مجلس الأمن وهما يتبادلان حديثاً ودياً إلا أن هذه المشاعر لم تستمر طويلاً مع حلول موعد إعلان الدولتين العظميين مواقفهما تجاه اعلان كوسوفو استقلالها عن صربيا. المندوب الروسي قال إن اعلان كوسوفو الاستقلال من جانب واحد يعد خرقاً واضحاً للأعراف والمبادئ الدولية وفوق ذلك - حسب قوله لميثاق الأممالمتحدة. ورد المندوب الأمريكي خلال مناقشات مجلس الأمن على المندوب الروسي بأن اعلان كوسوفو الاستقلال يتماشى مع القرار (1244) كما أن اعتراف عدد كبير من الدول في اليوم الأول لاعلان الاستقلال بكوسوفو انما يؤكد على أن حقيقة ذلك الاستقلال لا يمكن عكسها. وفي تأكيد دولي لضرورة استقلال كوسوفو عن صربيا، استعاد مندوب كوستاريكا عضو مجلس الأمن المجازر التي ارتكبها الصرب عند البان كوسوفو قائلاً: "إن المعاملة الوحشية لغالبية سكان كوسوفو وهم الألبان من قبل صربيا تحت إدارة الرئيس سلوبادان ميلوسفيتش هي التي قادت شعب كوسوفو إلى اعلان الاستقلال. أول اجتماع لحكومة كوسوفو من جهة أخرى عقدت حكومة كوسوفو مساء الاثنين اول اجتماع لها بعد اعلان الاستقلال. ووافقت الحكومة على اول عشرة مشاريع قوانين سيقرها البرلمان الاربعاء. وتتعلق هذه المشاريع باقامة وزارة للخارجية وجوازات السفر والجنسية وانشاء شرطة كوسوفية وتأمين حماية خاصة للمناطق المرتبطة بالارث الثقافي الذي يرتدي طابعا دينيا والاديرة والكنائس الارثوذكسية وانشاء مجالس بلدية "كاساس وحيد لحكم ذاتي محلي". وذكر صحافي من وكالة فرانس برس ان اجتماع الحكومة جرى في اجواء من الفرح. وقال تاجي للصحافيين بعد الاجتماع "اهنئكم على الاستقلال واهنىء كل المواطنين على الاحتفالات التي اقاموها بشرف". وتبادل الوزراء التهاني. وقال وزير البيئة ماهر ياغشيلار لوكالة فرانس برس ان "الانتماء الى آخر دولة اعلنت استقلالها في العالم يثير مشاعر خاصة لكنه يعني تحمل مسؤوليات ايضا". وبدت اولى اشارات الاستقلال واضحة. فقد رفع علم كوسوفو على مقر الحكومة، كما مهرت به الوثائق الحكومية الرسمية وقد كتب تحته "جمهورية كوسوفو". بوش: استقلال كوسوفو سيجلب السلام من جهة أخرى صرح الرئيس الاميركي جورج بوش في بيان صحافي في دار السلام الثلاثاء ان استقلال كوسوفو "سيجلب السلام" الى منطقة البلقان. وقال بوش ان "الولاياتالمتحدة تدعم هذا الاجراء ونعتقد انه سيجلب السلام" الى البلقان.