تنقل مجلة الأيام الجميلة وهي مجلة تحرر من قبل قدامى ارامكو وتصدر باللغة الانجليزية عن شركة الخدمات التابعة لارامكو السعودية قصص رائعة عن مسيرة الاستكشافات النفطية بالمملكة والقصص التي صاحبت بداية رحلة التنقيب عن الزيت في صحراء المملكة وهي روايات مثيرة تحكي ملحمة تاريخية تمخضت عن تكوين نهضة هذا الكيان العظيم، هذه الروايات والتي ظل جزء كبير منها غير مدون رغم أهميته للأجيال الحاضرة والقادمة لكونه يحكي حقبة مهمة بالنسبة لتاريخ المملكة وبزوغ فجر النهضة التي نقلت الشعب من حياة البداوة والبدائية إلى حيث التطور والازدهار والاصطفاف مع ركب الدول المتقدمة والشعوب الراقية. هذه القصص تحتاج إلى من يعربها ويدونها بطريقة تراعي التسلسل التاريخي لبداية الاستكشافات النفطية بالمملكة وأثرها في تغيير النسيج الاجتماعي السعودي بجميع مكوناته ودور المستكشفين القدامى في النقل الثقافي والمعرفي والتقني وانعكاسات ذلك على صياغة الأجيال وتشكل الحضارات وبناء الوطن بصورته الحديثة وهو أمر أدرك بأنه ليس من السهل إذ يجب أن يعد له بطريقة علمية وعملية تنتهج المعايير المناسبة لمثل هذا التدوين. ومن هذه القصص الجميلة قصة أول طائرة تجوب الأجواء السعودية وتحلق فوق رؤوس الرعاة والمزارعين وتتخطاهم إلى الصحاري والمفازات بحثا عن مؤشرات تدل على مكامن النفط وقد نجح الطفل الجميل وهو الاسم الذي أطلق على هذه الطائرة في الكشف عن علامات تنبئ عن وجود الوقود الاحفوري. كان ذلك في أواخر عام 1933م عندما فازت شركة سوكال الأمريكية بامتياز التنقيب عن النفط بالمملكة حيث قادت حنكة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه إلى جلب هذه الشركة للبحث عن الثروات الطبيعة في المملكة سعيا إلى توظيف هذه العائدات في استكمال بناء الوطن. يقول فريق الطائرة في مذكراتهم وهم جو موتين -قائد الطائرة، وريوس غيرو- المكانيكي والمصور، وديك كير الجيولوجي والملاح ومساعد قائد الطائرة بانها كانت مغامرة كبيرة حيث ان المساحة التي يشملها الامتياز كانت كبيرة تتعدى 320ألف ميل مربع إضافة إلى أن المعدات التي يستخدمونها بدائية والظروف المناخية الصحراوية قاسية جدا، غير أن الإصرار على النجاح يحقق التميز بل ويقود إلى معجزات تصعد بصانعيها إلى قمم المجد. بدأ طاقم الطائرة مهامهم والتحليق في أجواء المنطقة الشرقية في عام 1934م واستغرقت المهمة حوالي تسعة أشهر حتى يكمل الطاقم مهام المسح الجوي وتصوير الأماكن التي يعتقد بأنها واعدة في الثروات النفطية وكانت الصور تترجم إلى خرائط حيث استخدمها الجيولوجيون خلال الجولات الاستكشافية الأرضية التي قادت إلى تدفق النفط من الأراضي السعودية. يشير الطاقم في مذكراتهم التي نشرت المجلة مقتطفات منها بان عمليات التصوير كلفتهم التحليق لساعات وكأنهم داروا حول العالم مرة ونصفاً غير أن ما يميز هذا الطاقم الذي اختير بعناية من قبل الشركة صاحبة الامتياز بانه متحمس ومفعم بالحيوية التي تدفعه إلى تحقيق الانجاز المتميز كما أنه سبق وان قام بمهمة عالمية عام 1928م ولذلك فهو فريق متجانس في الأفكار والرؤى ومتمرس بالعمل الجيولوجي. كانت الأراضي السعودية في ذلك الوقت معظمها صحاري ومناطق محفوفة بالمخاطر تعصف بها الأجواء المتقلبة بيد أن خبرة فريق المسح الجوي كانت من المهارة بمكان أن تغلبوا على هذه الظروف واستطاعوا أن يتعاملوا معها بحرفية أفضت إلى هذا الانجاز الذي فتح آفاقاً للجيولوجيين الذين جاءوا وأكملوا مسيرة الاستكشافات لمصادر الطاقة الاحفورية. وقد حملت الطائرة التي اطلق عليها تفاؤلا اسم الطفل الجميل "فيرتشايلد" على متن السفينة الأمريكية "اس أس اسشكوردا" وغادرت نيويورك في 5فبراير 1934م بعد أن رفع مدى موجات الراديو الذي على متنها إلى 500ميل ووصلت إلى ميناء الإسكندرية بمصر بعد إبحار استغرق ثلاثة أسابيع حيث أعاد الطاقم فحصها للتأكد من سلامتها ثم أقلعت مروراً بالقاهرة وتوقفت للتزود بالوقود بغزة بفلسطين ثم توقفت في بغداد ثم البصرة حيث استقبلت من قبل القوات الجوية البريطانية الموجودة هناك بعدها حلقت باتجاه الأراضي السعودية متجاهلة تعليمات القوات البريطانية بان تهبط أولا في البحرين غير أن قائد الطائرة اتجه مباشرة إلى الجبيل وهبط هناك ثم بدأت رحلة المسح الجوي في مارس 1934م، بعد حلت مشاكل صاحبت إجراءات الهبوط.