يرتبط تاريخ الجزيرة العربية بتاريخ الدولة السعودية الذي تمخض نتاج سلسلة من مراحل متعاقبة وأحداث متتالية مرت وتفاعلت خلال القرون الأخيرة على صعيدها وأرجائها، ويشهد على هذه الحقب التاريخية المتوالية يوم التأسيس الموافق 21 جمادى الأولى عام 1351ه على يد المغفور له الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه وأكرم مثواه- ليكون الحدث الأكبر لتشييد وبناء هذا الكيان الواسع الكبير عبر هذه العقود المتألقة بوهج التاريخ العريق الحافل بالكفاح والأحداث والأمجاد والبطولات والإنجازات. يجيء اليوم الوطني لينقل معاني الحماس والفخر والعراقة والأصالة والترابط والتآلف لشعب المملكة وليعزز المثُل والقيم المرتبطة بهذه المناسبة الوطنية الفريدة، ويُرسِّخ الاعتزاز بالإرث التاريخي والعراقة التليدة والتماسك المجتمعي لهذه الدولة الحديثة المباركة. لقد بدأت انطلاقة التوحيد والتمكين من البدايات الأولى لتأسيس الأمير محمد بن سعود كيان الدولة السعودية الأولى في الدرعية لثلاثة قرون خلت والتي كانت بلدانها وأقاليمها وتخومها لا تفتأ تشهد فُرقة وتناحرًا وتشرذمًا وتشتتًا واقتتالاً دائمًا ليأتي ذلك الحدث الأبرز والتحول الأكبر في ذلك القرار التاريخي الذ أصدره المؤسس الباني بعدئذٍ ليكون لبنة البناء والتأسيس والوحدة بين أجزائها، وجعلها تحت حكم واحد لتنبع منها الحضارة وتزدهر فيها الحياة ويستتب بين ربوعها الأمن والاستقرار، نعم، إنه ذلك الرجل الفذ الذي شاءت القدرة الإلهية أن يكون على يديه جمع تلك الأطراف المترامية والأرجاء الواسعة والأصقاع المتباعدة من شبه الجزيرة العربية لينبثق فجر ميلاد المملكة العربية السعودية كدولة أسست على عبقرية الحكم وحصافة الرأي ومضاء العزيمة وحسن الإدارة وتطبيق الشريعة الإسلامية السمحاء. إن اليوم الوطني ليوم مشهود يتجدد عامًا بعد عام تتألق فيه صفحات مشرقة من تاريخ الدولة السعودية الحديثة، إذ يُعد هذا الحدث منعطفًا تاريخيًا مهمًا ونقطة تحول كبرى في تاريخ الجزيرة العربية بأسرها، نظرًا لما تمخض عنه من قيام دولة متماسكة حديثة بكل مقوماتها تمكنت بفضل الله ثم بحنكة مؤسسها صقر الجزيرة الملك عبد العزيز من جمع شتات متناثر وبناء كيان متماسك وتأسيس مُلك راسخ وتحقيق إنجازات حضارية واسعة في شتى المجالات، ولقد ساعده في ذلك مشاعر الحب والولاء والتفاني التي يُكنُّها سكان المناطق لأسرة آل سعود نظرًا لما تتمتع به هذه الأسرة من أصول مكينة وأسس عريقة وجذور راسخة تضرب في أعماق تاريخ الجزيرة العربية القديم والحديث، مما وفر لهذه المملكة السعيدة معنى الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار. إن اليوم الوطني يتجدد كل عام كذكرى مجيدة ملهمة للأجيال تنطق بالجهد المتواصل والكفاح الدؤوب الذي أدى لتوحيد شتات متفرق وبناء كيان قوي وتأسيس دولة حديثة تعرف بالمملكة العربية السعودية، تبوأت مكانًا مرموقًا بين الدول وأضحت ذات شأن وثقل بما منَّ الله به عليها باحتضانها الحرمين الشريفين وشرَّفها بخدمتهما وسدنتهما وبما أفاء به عليها من نعم الثروات الطبيعية التي أسهمت في نقل المملكة إلى دولة عصرية حضارية تتمتع في كل أرجائها بالرفاهية والرخاء وتنعم بين ربوعها بالأمن والأمان. عبدالله بن محمد الشعلان