تحرص العديد من دول العالم على حماية المناطق البيئية النوعية وتحديدها كمحميات طبيعية ذات قوانين وأنظمة خاصة، وفي المملكة جاءت الرؤية 2030 بالعديد من المبادرات والرؤى التي تهدف لتوسيع وتطوير المحميات الطبيعية من حيث مساحاتها وبرامج حمايتها وتحسين أدائها على المستوى البيئي والاقتصادي والاجتماعي عن طريق خطط تضمن الحفاظ عليها والاستفادة منها كمورد حيوي واقتصادي مهم. وتهدف الأنظمة العالمية إلى حماية الحياة الفطرية، وإنمائها، والمحافظة عليها، والعمل على إعادة الأنواع المهددة بالانقراض إلى مواطنها الطبيعية، وتنظيم الإفادة منها في الأغراض السياحية، والبيئية، وغيرها؛ بحسب ما يحدده هذا النظام، واللائحة التنفيذية. ويأتي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بإنشاء مجلس للمحميات الملكية برئاسة سمو ولي العهد محمد بن سلمان -حفظهما الله- في إطار اهتمامهما -أيدهما الله- بالحفاظ على الثروة البيئية في المملكة التي تعد امتدادًا للمقدرات الأولى للحياة على الجزيرة العربية التي بقيت معالمها منقوشة على صخور الجبال، وبطون الأودية، والأدوات التراثية التي خلدها الإنسان على أرضها منذ قرون مضت، فضلاً عن دعم الاهتمام الوطني في إثراء التنوع الأحيائي، وصناعة علاقة متوازنة ما بين حياة الحاضر ومتطلبات المستقبل في بيئة متكاملة يحيا بها المواطن وكل من يعيش على أرض المملكة العربية السعودية. ويبلغ عدد المحميات الملكية سبع محميات هي: محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد، محمية الإمام سعود بن عبدالعزيز، محمية الإمام تركي بن عبدالله، محمية الملك عبدالعزيز، محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز، محمية الأمير محمد بن سلمان، محمية الملك خالد. سبع محميات وتشكل المحميات الملكية في المملكة نسبة 13.5 % من إجمالي مساحة المملكة العربية السعودية، وهي سبع محميات، تتوزع على مناطق المملكة العربية السعودية، وتسهم تلك المحميات في مستهدفات زراعة الأشجار بما يزيد على 80 مليون شجرة حتى عام 2030. وبموجب هذه المستهدفات، ستقوم المحميات الملكية بحماية وإعادة توطين أكثر من 30 نوعاً من الحيوانات المحلية المعرضة للخطر والمهددة بالانقراض. ويأتي ذلك إدراكاً من المملكة بأهمية مكوناتها الطبيعية وأنها ثروة قومية يمكن الاستفادة منها من خلال التوسع في مجالات الاقتصاد الأخضر، وتشجيع السياحة البيئية واستثماراتها. بل واستدركت المملكة ضرورة التنمية السياحية المميّزة والتي تعد ذات منافع عدة وذلك من خلال دفع عجلة التنمية ودعم الاقتصاد الوطني. والمستهدف استقطاب أكثر من 2.3 مليون زائر سنوياً، بالإضافة إلى إعادة تحسين وتجويد أكثر من 15 موقعاً من المواقع الأثرية والتاريخية وحمايته بحلول عام 2030 ويأتي إعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس المحميات الملكية -حفظه الله- لاعتماد المستهدفات الإستراتيجية لعام 2030 للمحميات الملكية تأكيدا على هذا الاهتمام الجلي في الحياة الفطرية والبيئة. وذلك من خلال التركيز على حماية الحياة الفطرية وأنشطة التشجير وتعزيز السياحة البيئية وتوفير فرص العمل. وهذه المستهدفات الاستراتيجية الشاملة للمحميات الملكية المعتمدة حديثا تأتي للمساهمة في دعم جهود المملكة المستدامة للحفاظ على البيئة من خلال المشاركة في أهداف مبادرة السعودية الخضراء لحماية 30 % من المناطق البرية والبحرية لغاية عام 2030. تطوير المحميات ويأتي إنشاء هيئات تطوير المحميات الملكية انطلاقاً من حرص القيادة على البيئة والحياة الفطرية وأهمية الحفاظ عليها وحمايتها، وهذا يعكس الجهود المبذولة بالمملكة لحماية تلك المحميات الطبيعية والمحافظة عليها. وتسعى الهيئات لتعزيز الوعي بأهمية المحافظة على البيئة الطبيعية والنباتية والحياة الفطرية وتكاثرها وإنمائها، والحد من السلوكيات السلبية وتبني مبادرات تسهم في معالجة العوائق والتحديات التي تواجه البيئة الطبيعية والنباتية والحياة الفطرية. وبناء الشراكات المجتمعية والعلاقات المحلية والدولية بما يخدم أهداف تلك الهيئات. كما أن اعتماد المستهدفات سيكون له الأثر الإيجابي في جذب الاستثمارات بصناعة السياحة وانتعاشها من خلال وجهات متفردة للسياحة البيئية، والذي بدوره يجسد مكانة المملكة كوجهة سياحية استثنائية، في إطار المحافظة على البيئة والأصالة. وفي ظل هذا الاهتمام الجلي نجد بأنه أحد أبرز البدائل لاقتصادات ما بعد النفط ونموها من خلال توفير فرص تطوير وبيئة جاذبة للسكان والاستثمارات. المحمية الأولى تمتدُّ محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد على مساحة 11,300 كم2 شمال شرق الرياض في الجنوب الغربي، وتضمّ المحمية روضة خريم والمناطق المحيطة. وتقع محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية شمال شرق مدينة الرياض، في الجزء الجنوب الغربي من صحراء الدهناء. تبلغ مساحة المحمية (11,300) كيلومتر مربع وتشمل روضة خريم، ومركز غيلانه، وكسر المزيرع، والمناطق المجاورة لها. كما تمتاز المحمية بوفرة الحياة الفطرية، وتنوع الغطاء النباتي، والتشكيلات الجيولوجية والبعد التاريخي. وتمتاز بالقرب من مدينة الرياض، وسهولة الوصول، بالإضافة إلى وجود المستوطنات السكنية داخل نطاق المحمية. وتعد المحمية موئِلًا لعدد من الكائنات الفطرية، والنباتات الصحراوية، والتشكيلات الجيولوجية، وتعكس بيئة المحمية الصحراوية الخصائص الطبيعية لأحد أهم التشكيلات الجغرافية في شبه الجزيرة العربية، والتي بها عدد من الأودية والشعاب؛ مثل شعيب الطوقي وغيلانة، ووادي الخويش، وثيالن، والثمامة، كما توجد في المحمية مناظر طبيعية تشمل الكثبان الرملية، والروضات، والأودية، والمسطحات المائية في موسم الأمطار، وعدد من الكهوف والدحول في حدود المحمية الشمالية. المحمية الثانية تمتدُّ محمية الإمام سعود بن عبدالعزيز على مساحة 2200 كم2 في منطقة مكة، وتعد محمية الإمام سعود بن عبدالعزيز موطنًا أصيلًا للمها العربي، وتحتضن المحمية نحو 1000 من غزال الريم، وغزال الأذنى، والنعام أحمر الرقبة، ومن 500 إلى 600 من المها العربي، وأكثر من 170 نوعًا من النباتات النادرة، مثل شجرة الطلح وشجرة السمر، ونبات العوسج، ونبتة الرمث. وتتميز بأنها قريبة من معالم معروفة، مثل قصر الملك عبدالعزيز بالمويه، وفوهة بركان الوعبة، وحرة "كشب". كما يتألّف غطاؤها النباتي من النباتات والحشائش الحولية والموسمية. وتتجوّل أندر الحيوانات داخل المحمية بعد أن تم تسييجها في عام 1408ه وإعلانها محمية؛ للمحافظة على الحيوانات النادرة والغطاء النباتي المتميّز الذي تتمتّع به المحمية، ومن بين أهم الحيوانات التي تحتويها: الذئب العربي، والثعلب الرملي، والقط الرملي، فضلًا عن مجموعات متنوعة من الطيور يأتي في مقدمتها النسر الأصلع، ونسر جريفون الذي يُعدّ أكبر نسر في أسرة الطيور الجارحة في العالم القديم، والرخمة المصرية، بالإضافة إلى أنواع عدة من الزواحف والقوارض النادرة. المحمية الثالثة تقع محمية الإمام تركي بن عبدالله في منطقة القصيم على مساحة 91,500 كم2، وتشتهر بوجود طائر الحبارى، كما تمتاز بغطاء نباتي متنوع بوجود أكثر من 120 نوعًا من النباتات؛ أهمها أشجار الطلح، والسدر، والشجيرات الأخرى مثل العوسج، والعرفج، والرمث.ومن أهداف المحمية: بناء وتعزيز القدرات المؤسسية اللازمة لإدارة ذات كفاءة وفعالية عالية. والحفاظ على التنوع البيولوجي وإعادة توطين أنواع النباتات والحيوانات، كذلك المحافظة على الأصول التاريخية والمميزات الثقافية واستعادة ازدهارها، وإشراك المجتمع المحلي وخلق تأثير اجتماعي واقتصادي إيجابي، لتقديم تجربة سياحية بيئية بمعايير عالمية للزائرين. والحرص على التعاون مع شركاء مختصين وأصحاب المصلحة لتحقيق الاستدامة طويلة المدى. المحمية الرابعة تقع محمية الملك عبدالعزيز في منطقة الرياض وهي محمية طبيعية تضم روضتي التنهات والخفس والمناطق المجاورة لهما في مساحة تبلغ 15700 كيلومتر مربع، تأسست في يونيو 2018م، ويتولى الإشراف على تطويرها جهاز إداري ذو شخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري برئاسة الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود وتتميّز بكثرة أشجار الطلح، والسدر، والأقحوان، والحوذان، والخزامي، ويجري فيها عدد من الأودية؛ وهي: وادي الشوكي، ووادي الطيري، ووادي العتك، ووادي الودي. المحمية الخامسة تُعدُّ محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية أكبر محمية في السعودية؛ حيث تبلغ مساحتها 130,700 كيلومتر مربع، تتميّز المحمية بطبيعتها البكر، وهوائها النقي، والتنوع الجغرافي والتراثي، والآثار النادرة التي يعود بعضها لثمانية آلاف سنة قبل الميلاد. وتقع المحمية شمال المملكة العربية السعودية بمحاذاة الحدود الأردنية السعودية، وتتميز بتنوع هائل في طبيعتها الجغرافية؛ حيث تشتمل على أربعة عشر تشكيلًا جغرافيًّا من جبال، وسهول، وهضاب، وغيرها، كما تشتمل على ستة معادن قيّمة. كما يصل عدد أنواع الحيوانات فيها إلى 300 نوع ما بين غزلان نادرة، وحيوانات برية مختلفة. وتعتبر محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية أكبر المحميات الطبيعية في الشرق الأوسط بمساحة تبلغ 130,700 كيلومتر مربع، وتتكون من ثلاث محميات رئيسة تتوزع في شمال وشمال غرب المملكة وهي: محمية الطبيق ومحمية الخنفة ومحمية حرة الحرة. تتميز محمية الملك سلمان بالتاريخ العريق حيث تشمل العديد من المواقع الأثرية والتضاريس الجغرافية التي تكونت عبر السنين، وثقافات المجتمعات المحلية المتنوعة، والموارد والموائل الطبيعية الثمينة. وتعتبر المحمية معجزة طبيعية، وتاريخا قيما، ووجهة جاذبة محليًا وإقليميًا ودوليًا. المحمية السادسة وتبلغ مساحة محمية الأمير محمد بن سلمان 16000كم2 في المنطقة الواقعة بين نيوم ومشروع البحر الأحمر شمال المملكة، وعلى طول الساحل الشمالي الغربي من محافظة ضباء شمالاً، إلى محافظة الوجه جنوباً، وتمتد على ساحل البحر الأحمر الذي يحدها من الغرب، كما يقع عدد من المراكز في الأجزاء الشرقية من المحمية مثل بداء وأبو راكة ووادي الديسة ورحيب والظلفة. وتهدف المحمية للحفاظ على الأصول الطبيعية والثقافية وحمايتها واستعادتها لتصبح إحدى الوجهات السياحية العالمية. وهي بيئة طبيعية صالحة لإعادة توطين الحيوانات، والنباتات البرية. وتعمل المحميّة على الحدّ من الصيد، والرعي الجائر، والاحتطاب في المنطقة، وزيادة الغطاء النباتي وحمايته، وإنماء البيئة الطبيعية للحيوانات، والنباتات، والمحافظة عليها، وإعادة التوازن البيئي داخل المحمية. المحمية السابعة تقع محمية الملك خالد الملكية على بعد 80 كيلو متر من وسط مدينة الرياض على مساحة 1160 كيلو مترًا مربعًا حيث يحدها شرقًا محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية وطريق الطوقي شمالًا ومن الجهة الغربية رمال الثمامة، الموقع الذي جعل منها محمية ملكية واعدة على الأصعدة كافة. وتحظى محمية الملك خالد الملكية بتنوّع أحيائي زاخر ويعيش فيها أكثر من 200 نوع من النباتات المعمرة والموسمية ومن أبرزها الطلح والسلم والسدر البري والأرطى والعوسج والتي تنبت بكثرة في الأودية التي تصب من جبال العرمة، والربلة والخزامى والنفل وغيرها من الأعشاب التي تحتفظ التربة ببذورها لتنبت بعد هطول الأمطار وتبلغ مرحلة طرح البذور في آخر عمرها، وبعد ذلك تصبح علفًا مناسبًا لأنواع عديدة من الكائنات الفطرية. وتتعدد أنواع النباتات في محمية الملك خالد الملكية مما يجعلها موئلاً ملائمًا للعديد من أنواع الكائنات الفطرية لتتغذى على أوراق النباتات وثمارها ولا يقف ذلك على الأوراق والثمار فحسب، بل هناك كائنات فطرية تتغذى على رحيق أزهار الأشجار والأعشاب مثل النحل والحشرات الأخرى مما يساعد على تلقيح الأزهار لتنتشر بذور النباتات في أرجاء المحمية.وهذا الترابط البيئي بين الكائنات البرية من نباتات وحيوانات وغيرها من العناصر الطبيعية يحصل نتيجة الحماية البيئية المستمرة التي تقوم بها دوريات فرق الرقابة البيئية وتطبق القوانين والأنظمة الصادرة لحماية البيئة، وتنعم المحمية باكتمال دائرة التوازن البيئي بدون إلحاق أي ضرر بأحد العناصر البيئية، وتعمل الهيئة على عدة مشاريع لإعادة تأهيل المناطق المتضررة نتيجة الرعي الجائر والاحتطاب الذي جرى على بيئة المحمية قبل فرض الحماية عليها، ومن أبرز هذه المشاريع؛ مشروع زراعة 400 ألف شجرة من الأشجار المحلية في المحمية والذي شارف على الانتهاء لتكمل الهيئة أعمال الري التدريجي ولتعود هذه الأشجار بريّة كما كانت بلا تدخل بشري.