الغرب أصبح مكشوفاً بتجلٍ فهو يريد تعميم ثقافة اللا أخلاق وانتصار التفاهات لأجل أن يستعيد توازنه ويسيطر على العالم مرة أخرى.. فما شاهدناه في افتتاح أولمبياد باريس لم يكن محض صدفة بل هي ثقافة المطلوب تعميمها وترسيخها وفق أدبيات التفاهة التي بدأت تنتشر عالمياً ولم يسلم أي بلد منها بل إن كثيراً منها سيطر على مواقع التواصل الاجتماعي بصور مختلفة في المجمل تدعو إلى الانحطاط. افتتاح الأولمبياد الذي انتقد العالم سقوطه الأخلاقي. وهذا ليس من عندي بل هي أخبار موثوقة فيها يبدون أسفهم للانحطاط الذي كان عليه.. هنا لست معنياً بتقييم ما حدث أو تحرير بيان مقالي عن ما يجب على أولئك.. لكن ما استوعبنا من تلك الجرأة غير المسبوقة أن بوادر تلك الثورة على الأخلاق قد ظهرت سيماها في جميع البلدان حتى وإن كانت كثير منها متمسكة بمبادئها وأخلاقياتها المتجذرة لكنها ظهرت في انفلاتات مخزية من باب أن تلك حرية شخصية.. انفلاتات يقودها زمرة من التافهين والتافهات ويتصدرون مواقع التواصل، وأحسب أنهم ينتمون لتلك الثقافة التي شاهدناها في باريس وإن كانت بطريقة مختلفة وفكر أتفه. ما حدث هو ارتداد هائل جريء جداً يضرب بقوة لتحطيم الأخلاق من منطق الحرية والعقلانية وفق وضع كارثي يجعلنا نتساءل عن ماذا سيحمل المستقبل من مفاجآت أخرى صادمة وقاسية، وبعدما كان الأساس هو دور الإنسان في البناء الحضاري، في إطار المعايير الأخلاقية التي يسير وفقها وتنظم حياته وعلاقاته.. لكن هو مستقبل ينتصر لتشويه العقل والجسد، ينتصر للتفاهة والرذائل، بثقافات جديدة تفرغ الإنسان من جوهره وعمقه وأصالته وفطرته السماوية.. بصناعة الإنسان الذي لا يفكر إلا بالشهوات والرغبات، والعمل على رفض ومحاربة كل ما هو من الفطرة والطبيعة، أيضاً العمل بكل قوة على صناعة التفاهة المؤثرة كما هم أربابها على مواقع التواصل. لسنا ضد حرية الفكر لكن دون أن تُفقد الإنسان إنسانيته بدفعه للتخلي عن نعمة العقل، لأن لا حرية دون مسؤولية، ومتى ما استسلمت الإنسانية لهذا الفكر ستكون في نهاية الأمر، مهدّدة في وجودها، في أمنها، في استقرارها، في مستقبلها؛ لأنها انتقلت من نعمة العقل إلى "الدباشة" الحيوانية،. المهم في القول إن ما حدث جهاراً في افتتاح الأولمبياد سيكون تنبيهاً عظيماً ليس لنا فقط بل لكل العالم بأن يفعلوا ما هو أفضل لأطفالهم وأجيالهم، يصنعوا أساساً صلباً يرتكز على الأخلاق والثوابت، فلولا الأخلاق لانهارت منظومة القيم، التي بها نرتقي ونسمو، وتستقيم الحياة، فهي الظل الذي نستظل به وسط عالم تفشت فيه الرذائل.. ندعو لأخذ الحيطة.