التجربة الإنسانية الطويلة قد أثبتت أن الاستغلال الدائم للبسطاء من بعض من يدعون علما دينيا جعل منهم فرائس سهلة، في النهاية هم من يدفع الثمن.. أما أولئك المفتون ففي حياتهم يتنعمون.. ولنا في ما حدث في حج هذا العام دليلا حيا على فساد أولئك المدّعين علما الذين دفعوا المئات ليكونوا ضحية التحايل والشمس استجابة لفتوى القتلة.. هم يريدون حجا، ومن أعطوهم الفتوى أرادوا فسادا.. والحق أن تجار الموت، يبحثون عن كل ما هو ضد الأنظمة والترتيبات لأجل العبث بها، خاصة وأن لهم خبرة لا يستهان بها في التعاطي مع الفتاوى الفاسدة المضللة، وما أسهل أن يجد أولئك المساكين من يقنعهم بالاستجابة لغواية المفسدين وزعمهم الماكر بحقهم الحج دون تصريح رسمي، فأي تشريع يجيز لهم الزج بالأبرياء في أتون المخالفات وترسيخها الآثم في أذهانهم أن الممنوع هو دائما الحق وأن مخالفة النظام هو الصحيح؟!. أمّا ما يخص المملكة العربية السعودية فالليث يبقى ليثا والنظام فوق الجميع.. ولا مكان للمخالفين.. وبين هذا وما تم في الحج عامة فكان من غير المنصف أن يمر حج هذا العام، من دون ذكر الإيجابيات الكبيرة التي كان عليها، ما أوجد مزيداً من الروحانية والسكينة على حجاج هذا العام.. فالتنظيم كان بمنتهى الدقة، فلا تزاحم في الجمرات، ولا تقاطع في عرفة؛ كذلك الطواف والسعي في الحرم كان على درجة كبيرة من الإتقان والسعة. وهو ما أكده كل من منَّ الله عليهم بأداء الفريضة. الحج على أراض سعودية وتحت إشراف وإدارة سعودية، ومن أراد الحج فعليه أن يلتزم بقوانين السعودية، وما أرادته هذه البلاد من يسر واحترام للمنسك، أما من أراد غير ذلك فليبقى في بلاده غير مأسوف عليه، فما يعني بلادنا هو سلامة الحج والحجيج، أما العابثون فالأجدى أن يتم التعامل معهم من دون هوادة، ليعودوا إلى صوابهم ويجعلهم يفكرون مرات ومرات قبل أن يقدموا على ما يضر الحج والحجيج. لغة التسامح، أصبحت من الماضي، لأن الأمر بات يخص حقا يملكه كل حاج قدم إلى الديار المقدسة، وما ذنب هؤلاء الحجاج الملتزمين بالأنظمة ليلاقوا مثل أولئك العابثين المضرين، فالسعودية تقدم الخدمات جميعاً من دون تكاليف، بل وجعلت من الشأن الصحي أمراً ميسراً للحاج، كذلك من دون مقابل، حتى الدواء كذلك، فهل قرأ أولئك التاريخ جيداً ليعرفوا كيف كان الحج مكلفاً في العهود الماضية، حتى قيام الدولة السعودية، بل ماذا يريدون أكثر مما تقدمه السعودية الآن؟.. فلم تصل دولة خلال التاريخ الحديث، إلى درجة من إتقان التنظيم وتقديم الخدمات للحشود الكبيرة المجتمعة في مكان واحد كما وصلت إليه السعودية. الحج شعيرة روحانية تحتاج إلى السكينة واليسر لتنفيذ مناسكها، وحين يكون هناك عابثون؛ فمن دون شك أن المتضررين هم الحجاج، ولا شك أن التسامح تجاه العبث سيزيد من مداه وأفقه، والوقوف أمامه بصرامة وقوة يقتلعه من جذوره، بل ويمنح الحجيج الهدوء والسكينة لتنفيذ مناسكهم.. وعليه نتمنى أن تكون العقوبات والتشهير تجاه العابثين، إحدى العناوين الأبرز لخطة أي حج وهو ما يتمناه كل مسلم تجاه من لا يستحقون.