ما أكثر أسئلة الناس اليوم حول الذكاء الاصطناعي وتأثيراته على حياة الأفراد وعلاقاتهم وأنشطتهم. ويغلب على عموم الناس اليوم -حتى المطوّرين للتقنيات- جانب الانبهار بما يقدّمه الذكاء الاصطناعي من مزايا وهو انبهار في محلّه. ومن بواعث هذا الانبهار القدرة الهائلة للذكاء الاصطناعي على جعل الحياة أسهل في مجالات الصناعة والتجارة والأمن والطب والهندسة وكل شيء (تقريبًا) في مختلف النشاطات البشرية. ويلمس الإنسان المعاصر بعض مقدّمات هذه التطبيقات في زيادة كفاءة الأعمال، وتبسيط ودعم أتمتة العمليات، والتقليل من الأخطاء، وتحليل البيانات والقيام بمهمات التحليلات التنبؤية والبحث العلمي. والغريب أن معظم مخاوف الناس من تطورات الذكاء الاصطناعي اليوم تكاد تنحصر في القلق من تغيّر طبيعة الوظائف في المستقبل القريب، مع توقّع تنامي إحلال الذكاء الاصطناعي محل المحترفين، وبالتالي إضافة ملايين البشر إلى طوابير العاطلين من العمل. وهذا القلق أيضا صحيّ وصحيح، ولكن التأثيرات العميقة للذكاء الاصطناعي قد تتجاوز هذه الهموم (الصغيرة) قياسًا بمسائل أكبر لا تحظى بذات المساحة من النقاش والتساؤلات. وحين أدلى "سام ألتمان"، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، بشهادته أمام الكونغرس (مايو 2023)، قال فيما قال عبارة تقشعر لها الأبدان حين قال نصًّا: "إذا سارت هذه التِقَانَة بشكل خاطئ، فقد يسوء الوضع تمامًا". ولم يجد ألتمان غضاضة من دعوة الحكومة (الأميركية) إلى التدخّل لضمان الحماية من أسوأ آثار وانتهاكات الذكاء الاصطناعي المتوقّعة. أما ما لم نره بشكل واضح من مهدّدات قد تحدث بسبب الذكاء الاصطناعي فتلخّصها الخبيرة "نيكي فيرد" في مقال نشره موقع medium.com في نقاط منها: أولًا: خطر توجيه الأسلحة ذاتية التشغيل التي قد تشعل الحروب وتسبب الصراعات والكوارث إذا وقعت تِقَانَة الذكاء الاصطناعي في الأيدي الخطأ. ثانيًا: غياب التعاطف الإنساني في عمليات الذكاء الاصطناعي وعدم فهم الظروف والمشاعر حال اعتماده في قطاعات حيوية مثل الرعاية الصحية أو خدمة العملاء. ثالثًا: إمكانية ظهور نتائج غير مقصودة إذ يمكن أن تؤدي مدخلات البيانات الضعيفة، أو الخوارزميات المعيبة إلى قرارات متحيّزة، أو تعزيز عدم المساواة الاجتماعية، أو التسبب في ضرر لأفراد أو مجموعات مهمّشة فعلًا. رابعًا: احتمالية فقدان السيطرة البشرية على أنظمة الذكاء الاصطناعي مع زيادة تفوّق الذكاء الآلي وتجاوزه للذكاء البشري في فهم المدخلات، وتبنّي القرارات وما يمكن أن يجسّده هذا السيناريو من تحدّيات كبرى. خامسًا: مخاطر الغِشّ والمعلومات المضللة باستغلال الخوارزميات للتلاعب بالرأي العام ونشر المعلومات المضلّلة، بما يمكن أن يؤثر على الاستقرار والتماسك المجتمعي. سادسًا: تعاظم الرِّقابة وانتهاك خصوصية الناس مع التوسع في أنظمة المراقبة التي تحركها الذكاء الاصطناعي دون إشراف ولوائح صارمة. سابعًا: التهديد الكارثي للبنية التحتية الحيوية، المعتمدة على الذكاء الاصطناعي مثل شبكات الطاقة، أو شبكات النقل في حالة حدوث أعطال للذكاء الاصطناعي أو وقوع هجمات إلكترونية. * قال ومضى: على ناصية العمر تغفو أهم الأسئلة..