اختلف الباحثون في تحديد أقدم صالون أدبي عرفه التراث العربي تبعًا لتحديد المفهوم الذي يحدده كل باحث، في العصر الجاهلي كان ملوك العرب يجمعون الشعراء وأهل البلاغة لسماع منتجاتهم الأدبية والمفاضلة بينهم، وكذلك كان للأسواق دور مهم في هذا الجانب، والذي كان من أبرزهم: سوق عكاظ الذي مثل إحدى العلامات التاريخية البارزة في هذا المجال، لكن بعضهم يؤكد أن سكينة بنت الحسين كانت تدير أشهر ملتقىً ثقافي عربي، مرورًا بصالونات الخلفاء الأمويين والعباسيين. كثرت الصالونات الأدبية أو الثقافية في حواضر العالم الإسلامي، من ذلك مجلس الوزير المهلبي وابن زرعة، وابن الخمار، وابن السمح، والقُمسي، ومسكويه، ويحيى بن عُدي، وعيسى بن عدي، وأبو حيان التوحيدي. أما المجالس الأدبية الخاصة؛ فقد كان لأبي علي القالي العالم اللغوي مجلسٌ عام أسبوعي في مسجد قرطبة يحضره من شاء من العامة، ومجلسٌ آخر لأبناء الأشراف والأعيان، ويومان يلقي فيهما المحاضرات للجميع. في العصر الحديث؛ اشتُهرت في مصر وبعض البلدان العربية صالوناتٌ ثقافية مهمة أثّرت في الحركة الاجتماعية الفكرية والثقافية، من أشهرها صالون الأميرة نازلي وفي أواخر القرن التاسع عشر كان لها صالونها الثقافي، ويعد أقدم صالون في العصر الحديث، صالون ماريانا مراش (1849-1919) في حلب، وكانت ماريانا أول أديبة سورية برزت في مجالات الأدب والشعر والصحافة، وكذلك صالون الأديبة مي زيادة (1886-1941)، التي برعت في مجال الأدب مبكرًا وكان ديوانها الشعري الأول «أزاهير الحلم» باللغة الفرنسية، وكان صالون العقاد أحد المظاهر المهمَّة في المشهد الثقافي في الخمسينات، ومنتصف الستينات، وكان روَّاده من كافة حقول المعرفة: الفلسفة، والأدب، وعلم النفس، والفنُّ، والصحافة، وصالون أحمد تيمور الثقافي الشهري في شارع الهرم بالجيزة، وصالون محمد حسن عبدالله من أقدم الصالونات الثقافية في مصر إلى هذا اليوم، وكذلك صالون المعادي الثقافي، الذي أسسه الطبيب وسيم السيسي عام 1990. الصالون الأدبي في السعودية عند تتبُّع بواكير الصالونات الأدبية في المملكة العربية السعودية، نجد أنَّ بدايتها كانت في منطقة الحجاز غرب البلاد، وكانت هذه البداية مما يسميه الحجازيون "المركاز" أي مجلس الحي الذي تجتمع فيه نُخبُهم الاجتماعية. كانت مكة حاضنةً للكثير من التجمعات الثقافية، وأشهرها مقهى الشيخ صالح عبد الحي، الذي كان يهيئ المركاز ويخصص من يقوم على خدمته، بحسب رصد الكاتب سهم الدعجاني في كتابه "الصالونات الأدبية في السعودية"، الذي ذكر أنَّ بداية النوادي الأدبية تبلورت عام 1959 من خلال منتدى عبد العزيز الرفاعي المسائي الذي كان يقيمه في منزله بالعمارية في جدة. انتشرت الصالونات الأدبية في غالبية مدن المملكة، ومن أبرز الصالونات الأدبية السعودية التي عرفت في العالم العربي، سبتية حمد الجاسر - في الرياض، وخميسية الموكلي - في جازان، وخميسية النعمي - أيضاً في جازان، وصالون راشد المبارك - بالرياض، وصالون باشراحيل - في مكةالمكرمة، ومنتدى القحطاني - في جدة، وصالون عبد المقصود خوجة الذي كان يقام كل اثنين في جدة ويسمى "منتدى الإثنينية"، وتم من خلاله تكريم 440 عالماً ومفكراً وأديباً منذ تأسيسه عام 1982. صالون الخيَّال الثقافي مثل صالون الخيال الثقافي ملتقىً فكرياً أدبياً يلتقي فيه أهل الفكر والثقافة والأدب والإعلام للتباحث والتحاور في كلِّ ما يخصُّ الثقافة والأدب، تم إنشاء الصالون منذ ما يزيد على عقدٍ من الزمان بمباركة جاءت على يدي كاتب هذه السطور. وقد قدمنا من خلاله عبر العشر سنوات الماضية أكثر من 22 لقاءً تزامنًا مع معارض الكتاب في القاهرةوالرياضوجدة، وتمّت من خلال هذه الفعاليات والمناشط قراءةٌ فكريةٌ ونقدية للعديد من إصدارات دار الخيَّال. والجديد في موضوع الصالون أنَّ الصالون اكتسب أهميته من مهنية صاحب الصالون في إدارة العديد من دور النشر، ونشره للعديد من الدواوين الشعرية والقصص والروايات الأدبية والخواطر. ولايزال لصالون الخيَّال جهوده المباركة في إتاحة الفرصة للكتَّاب، من خلال دعم إصداراتهم الفكرية والأدبية والثقافية، ومن خلال متابعة ما ينشره عدد من الشباب ومراجعتها وتقديمها للساحة الأدبية في ملتقيات الفكر والأدب والثقافة في كلٍّ من القاهرةوالرياضوجدة. وحاليًا يعكف صالون الخيَّال على تقديم مبادرته الاحترافية للمبتدئين من هواة الفكر والأدب في كتابة القصَّة والخاطرة والمقال الصحفي. * كاتب وروائي سعودي صالح السويد