دفعت احتجاجات الشارع الإسرائيلي التي بلغت ذروتها مع إعلان إضراب عام، رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إلى تعليق الإصلاحات القضائية التي تثير جدلاً منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وبدأت محادثات الثلاثاء بين ممثلي الائتلاف الحكومي اليميني والمعارضة برعاية الرئيس إسحق هرتسوغ في وقت يشكك فيه الخبراء من احتمالية إحراز تقدم وإيجاد حل يقبله الطرفان. فيما يلي بعض القضايا الرئيسة التي برزت: ميليشيا رفض وزير الأمن القومي الإسرائيلي الوزير المتطرف إيتمار بن غفير وقف الإصلاح القضائي وهدد بعد إعلان الإضراب العام بالانسحاب من الائتلاف الحكومي. لكن خلال ساعات عدل بن غفير عن رأيه مقابل التزام نتانياهو بدفع الحكومة إلى الموافقة على تشكيل حرس وطني يعمل تحت إشراف وزارته. ظهرت فكرة الحرس الوطني في أعقاب أعمال عنف شهدتها المدن الإسرائيلية خلال تصعيد مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة في 2021، وتأسست القوة في يونيو من ذلك العام لتتبع شرطة حرس الحدود. وأثارت فكرة سيطرة بن غفير على قوة مسلحة قلقاً إذ اتهمه زعيم المعارضة يائير لبيد بالسعي إلى «تحويل ميليشيا البلطجية التابعة له إلى حرس وطني يجلب الإرهاب والعنف في كل مكان في البلاد». وكان وزير الأمن القومي اتهم من قبل بدعم جماعة إرهابية. أما الشرطة الإسرائيلية فيبدو أنها غير راضية عن الفكرة وأصدر المفوض العام للشرطة بياناً مشتركاً مع مكتب بن غفير قال فيه إن المفوض التقى بوزير الأمن وأنه «وافق على أن تقدم الشرطة اقتراحها (حول رؤيتها لفكرة الحرس الوطني) لابن غفير بتشكيل الحرس الوطني». صياغة دستور في تصريحات الاثنين حول آماله في إجراء محادثات مع الحكومة، ألمح زعيم المعارضة يائير لبيد إلى الحاجة إلى صياغة دستور. ليس للدولة العبرية دستور بل سلسلة من قوانين أساسية تعالج بعض القضايا الرئيسية التي تواجه الدولة. وقال لبيد «مع اقترابنا من الذكرى 75 على تأسيس الدولة، نحتاج إلى الجلوس معا وصياغة دستور إسرائيلي على أساس قيم إعلان الاستقلال 1948». لكن أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس غايل تلشر عبرت عن رأي آخر، إذ ترى أن صياغة دستور مع أعضاء الحكومة الحالية سيكون «كارثة». وحذرت من أن «إعلان الاستقلال تحدث عن دولة يهودية وديموقراطية لكن القوة الرئيسية في هذا التحالف تسعى لدولة يهودية وغير ديموقراطية». وأكدت في حديث للصحافيين «من الخطر توقع أن تكون هذه لحظة دستورية عظيمة لإسرائيل». فرصة لتسوية بدأت المباحثات بين الأطراف في مقر إقامة الرئيس مساء الثلاثاء، ويشكك خبراء في أن تقود إلى تغيير حقيقي. ويتوقع رئيس معهد إسرائيل للديموقراطية يوهانان بليسنر أن يقرر نتانياهو أن العملية التشريعية لا تستحق المتابعة. ويضيف أنه يمكن أن يقوم رئيس الوزراء «بالمضي قدماً في الحزمة نفسها، بعد لعبة إلقاء اللوم». ويقول «دخلنا في مفاوضات والمعارضة لم تكن مستعدة لذلك». أما تلشر فترى أن المحادثات «محكوم عليها بالفشل». وأكدت أن «نتانياهو يعرف تماما ما يريد، السيطرة على المحكمة العليا ورئيس المحكمة، ومن غير الوارد أن يقبل الائتلاف الموالي جدا لنتانياهو بأي حل آخر». وتوضح أستاذة العلوم السياسية أن هرتسوغ قد طرح بالفعل تسوية صاغها أكاديميون لكن نتانياهو رفضها بشكل قاطع. أخطار أمنية في حديثه للصحافيين، حذر رئيس جهاز الاستخبارات (الموساد) داني ياتوم من أن الاضطرابات المدنية التي أشعلتها الإصلاحات الحكومية «تضر بأمن إسرائيل». وأشار ياتوم إلى تهديدات من جهات عدة بما في ذلك المسلحين الفلسطينيين وحزب الله في إيران، مؤكدا أنهم يتابعون الأزمة عن كثب. وتعتقد تلشر أن المخاطر الأمنية المتزايدة يمكن أن «تنقذه (نتانياهو)». وأضافت «قد يضطر نتانياهو في حالة التصعيد الأمني إلى تشكيل نوع من حكومة الطوارئ مع (بيني) غانتس (عضو المعارضة الوسطي ووزير الدفاع السابق) وإقالة المزيد من الوزراء المتطرفين». وتشير إلى أن أي حكومة مع غانتس «ستبقي الإصلاح القضائي في مأزق» وتضمن «عدم تفعيله». أزمة دستورية فشل المحادثات المتعلقة بالإصلاح القضائي ومضي تحالف نتانياهو قدما في التصويت على التشريعات بشكل أحادي خطوات ستدفع إلى الطعن في القوانين وتقديم التماسات إلى المحكمة العليا. وإذا ألغت المحكمة القوانين فإن إسرائيل ستجد نفسها في وضع غير مسبوق لأن الإصلاحات القضائية تمنح البرلمان سلطة تجاوز مثل هذه الخطوة من قبل القضاة. وتقول تالشر «إذا تم تمرير التشريع، يمكن أن يقدم استئناف للمحكمة العليا التي من المتوقع أن تحكم بعدم دستورية الإصلاح، وبالتالي تلوح أزمة دستورية في الأفق في المرحلة التالية».