رحلتي مع التأليف؛ مساحة حرة نستنطق فيها تجربة المثقفين والمؤلفين الذين خاضوا غمار الكتابة؛ واكتسبوا مع الوقت دربة وخبرة وتجربة تستحق التنويه. في هذا الحوار نلتقي بالشاعر والكاتب حمد العسعوس؛ الذي صدر له ست مجموعات شِعرية بالإضافة إلى الجزء الأول من المجموعة الشِّعرية الكاملة.. ولا يزال العطاء مستمرا. في البدء حدثنا عن العلاقة بينك وبين القلم والكتاب؟ * في السنة الرابعة الابتدائية كانت أول محاولة لكتابة القصيدة، وهي قصيدة ترحيبية بزيارة وزير الزراعة إلى حرمة، كنت متفوقاً في الإملاء والتلاوة والإلقاء وأداء الأناشيد، لكني ضعيف جداً في مادة الخط، وبمساعدة مدير المدرسة وخلال فترة وجيزة، استطعت أن أكون من أحسن زملائي في الخط. متى بدأت كتابة المقالات والنشر الصحفي؟ * بعد حصولي على الشهادة الابتدائية عام 1385ه، انتقلت إلى الرياض والتحقت بمعهد إمام الدعوة العلمي، وبدأت أرتاد مكتبة المعهد وأقرأ في دواوين الشعراء. في هذه الأثناء كتبت أول قصيدة سليمة من الأخطاء، وأتذكر أنني عرضتها على أستاذي إبراهيم المدلج وكان رئيساً للنادي الفيصلي آنذاك، وبعد اطلاعه عليها خرج من مكتبه متهللاً وهنأني بالشاعرية، وقد أدرج القصيدة في البرنامج الخاص باحتفال عيد الفطر، وكانت أول قصيدة ألقيها أمام الجماهير. في المرحلة الثانوية كتبت عدداً من القصائد التي كنت ألقيها على مسرح المعهد، وأنشرها في صفحة الشباب بجريدة الدعوة التي كان يرأس تحريرها الأستاذ عبدالله بن إدريس -رحمه الله-. ماذا عن عشقك للأدب، وما أول ديوان اقتنيته؟ * عشقي للشِّعر والأدب قديم، وتطورت علاقتي به في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وكان أول ديوان اقتنيته «الشوقيات» لأحمد شوقي. وفي المرحلة الجامعية، توسعت قراءاتي وتنوعت، فقد انتقلت عائلتي للعيش معي في الرياض واضطررت للالتحاق بالوظيفة مع مواصلة الدراسة منتسباً، وبدأت أقتني بعض الكتب وبعض الصحف والمجلات وأنشر إنتاجي الأدبي فيها، وأرتاد المكتبة العامة بالرياض بصورة شبه يومية. ما أهم المحطات في مسيرتك الشِّعرية؟ * محطة البدايات، أتيح لي المجال واسعاً للمشاركة في الأنشطة الثقافية بمعهد إمام الدعوة العلمي، وفي النادي الفيصلي، ولاقيت تشجيعاً من أساتذتي وزملائي هنا وهناك. وكنت ألقي قصائدي على مسرح المعهد ومسرح النادي. المحطة الثانية في المرحلة الجامعية، كنت أنشر قصائدي في عدد من الصحف والمجلات: الرياض، اليمامة، الدعوة، الجزيرة، المجلة العربية. المحطة الثالثة في إندونيسيا، حيث عملت بمعهد العلوم العربية والإسلامية التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأشارك في مناسبات المعهد بإلقاء بعض قصائدي، ومن أهمها وأبرزها القصيدة التي ألقيتها أمام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله- أثناء زيارته لجاكرتا وتشريفه لحفل استقبال أقيم لسموه في المعهد. المحطة الرابعة : بعد عودتي من إندونيسيا، حيث عملت متعاوناً مع النادي الأدبي بالرياض، وبدأت أشارك في فعاليات النادي. وفي هذه الأثناء، كانت الانطلاقة الحقيقية للمشاركة في الأمسيات الشِّعرية، وفي برامج الإذاعة والتلفزيون، وكتابة المقالات والزوايا الصحفية الخاصة بالقراءات الانطباعية لبعض القصائد والمجموعات الشعرية، ومنها على سبيل المثال: زاوية أسبوعية: في فضاء القصيدة بجريدة الجزيرة، زاوية بعنوان «7 أيام» بجريدة الرياض، قراءة في مواد الملحق الثقافي بجريدة الرياض. بعد هذه الرحلة الطويلة مع التأليف والكتابة الحافلة بالعطاء والنجاح، ماذا بعد؟ * في ميدان الشِّعر أصدرت ست مجموعات شِعرية بالإضافة إلى الجزء الأول من المجموعة الكاملة «خالديَّات». ولا يزال العطاء مستمرا، ولا زلت أطمح لكتابة القصيدة الحلم شكلاً ومضموناً. وأنا أدرك وأعترف بأن لديّ قصائد جيدة أفتخر بها، وقصائد متوسطة لا بأس بها، وقصائد رديئة نادم على نشرها.. وهذا أمر طبيعي في مسيرة كل شاعر منذ ما يسمى بالعصر الجاهلي إلى وقتنا الحاضر، فليس هناك شاعر مهما بلغ من الشهرة لا تجد في إنتاجه الجيد والرديء وما بينهما. ما قصيدة الحلم التي تراودك ما بين الحين والآخر؟ * هناك قصيدة في مخيلة كل شاعر طموح، حيث تمر سنوات العمر وتنطوي سنينه ويشيخ وهو يتطلع لكاتبة القصيدة الحُلُم.. وربما يفارق هذه الحياة، وهذا الحلم يراوده ما بين حين وآخر. وإذا أحس الشاعر أنه توصل لكتابة القصية الحلم في يوم من الأيام، فإن ذلك يعني توقفه عند مستوى معين، وعدم قدرته على التجاوز وعلى تطوير أدواته وعطاءاته. في نهاية الحوار ماذا تبقى لديكم؟ * بقي أن أشكر جهاز التحرير في جريدة «الرياض» على هذه الاستضافة، وأن أتقدم بالشكر الخاص لك أخي الكريم الأستاذ بكر هذال على اختياري ضمن قائمة الشعراء الذين تستضيفهم وتحاورهم وفقك الله وسدد خُطاك.