ما شدني لتخصيص هذا المقال هو التحول والتخصيص والتسكين والتوظيف لأغلب القطاعات والجهات الحكومية والخاصة في هذه المرحلة لذلك قد يتساءل شخص عن انعكاس هذه الإشكالية على الاقتصاد وجوانبه خصوصاً أنني أكتب عزيزي القارئ في صفحة تهتم بالدرجة الأولى بجوانب الاقتصاد؛ لذا أقول لهم: إن الوظائف هي عماد وديمومة الاقتصاد بالدرجة الأولى. بالرجوع لمقال اليوم أود أن أوضح جوانب خفية لهذه الإشكالية وهي أنه جرت العادة على أن تسبق عملية التوظيف في أي جهة عمل إجراء مقابلة شخصية لمن يتم ترشيحهم لشغل الوظيفة لاختيار الشخص المناسب منهم، إلى هنا والأمر عادي وأصبح مألوفاً لدى جهة العمل ولدى المتقدمين للوظيفة، ولكن غير المعتاد هو أن يستعرض المكلفون بإجراء المقابلة عضلاتهم على الشخص الماثل أمامهم رغم أنهم أقل منه إمكانات عملية وعلمية، وإغراقه بأسئلة لا معنى لها، ولا تمت للوظيفة بصلة ولا تحقق الهدف الذي اجتمعوا لأجله، وهو اختيار الشخص المناسب للوظيفة الشاغرة لديهم، قد يجري المقابلة شخص أو لجنة من جهة العمل نفسها أو لجنة أعضاؤها يمثلون جهات عمل مختلفة. يتفنن هؤلاء الأشخاص في طرح الأسئلة المستفزة المنفرة وكأنهم في سباق تنافسي انتقامي مع المتقدم للعمل، ويتناسون مهمتهم الرئيسة التي اجتمعوا من أجلها، ويغرقون أنفسهم والمرشح في أسئلة جانبية مشتتة مضيعة للوقت والجهد بدلاً من تركيزهم على الأسئلة المتعلقة بالوظيفة والتي يجب أن يسألوا المرشح بشأنها، وبعضهم قد يضيع وقت المقابلة في أحاديث جانبية بينهم تشتت انتباه الشخص وتركيزه. أحد الزملاء المتقدمين لإحدى الوظائف يقول: فاجأني الشخص الذي قابلني بسؤال، أين ترى نفسك بعد خمس سنوات متناسياً أني من خارج مؤسستهم، وليس لدي خلفية عن هيكلهم التنظيمي، كل ما أعرفه لا يتعدى كونه معلومات عامة، وعندما وضحت له بأني لا أعرف الهيكل الوظيفي لديهم، وبدلاً من أن يوضح لي ذلك، أصر على أن أجيب بأي شيء، عندها أجبته دون تردد: مكانك، ففغر فاه دهشةً لأنه كان يشغل وظيفة مدير، بعد هذا الرد أنهى المقابلة ورفض توظيفي، سؤاله كان في غير مكانه وإصراره على الإجابة كان بأسلوب استفزازي منفر. هذه طبيعة المقابلات الشخصية لبعض الوظائف القيادية لدينا والتي يكون الشخص المراد إحلاله بالوظيفة المعلن عنها قد تم اختياره قبل طرح الوظيفة إعلامياً وذلك لذر الرماد في العيون، فهل من مدّكر.. ودمتم بود.