هناك اليوم أكثر من 45 مليون شخص في 43 دولة حول العالم يواجهون خطر المجاعة الشديدة، ناهيك عن مأساة وجود أكثر من 82 مليون شخص يعيشون في مخيمات اللاجئين والمشردين بعيدًا عن أوطانهم.. لم تكن أزمة كورونا (التي لم تنته بعد) أسوأ ما مرّ به العالم حتى الآن، وحتى الحرب الغربيّة الروسيّة على أوكرانيا مع تأثيراتها العالميّة لن تكون الأسوأ عند من يقرأ المشهد العالمي بتأمّل، الإشكال العالمي اليوم أن أي أزمات جديدة لن تؤخر التعافي الاقتصادي العالمي فقط بل ستخلق أزمات كبرى في كثير من بقاع العالم المتشابك. الواقع أن المجتمع الإنساني يواجه الآن ثلاثة تحديات كبرى تتمثل في: 1- ضعف دعائم السلام العالمي. 2- مشكلات البيئة وما يرتبط بنقص الأغذية والمياه الصالحة للشرب. 3- عودة انتشار الأوبئة المهددة للجنس البشري. ومع أن تقرير المخاطر العالميّة 2022 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي يشير إلى بعض هذه القضايا، ولكنه ركّز على تحليل هذه المخاطر من منظور "عالمي" سياسي تفرضه طبيعة المنتدى وأهدافه، وعلى هذا المسار (السياسي) يسير البنك الدولي في أحدث تقاريره حيث توقع أن يتراجع النمو العالمي من 5.7 % في العام 2021 إلى 2.9 % في العام 2022، كما توقع أن يتابع النمو العالمي تأرجحه حول تلك الوتيرة خلال الفترة من 2023 إلى 2024. وبدورها معظم مراكز التحليل الأميركيّة منشغلة إمّا - استراتيجيا - بوضع سيناريوهات مواجهة التهديد الصيني والأزمات المتوقعة، أو منخرطة تكتيكيا في توجيه السياسية الأميركيّة في ملف الحرب الغربيّة الروسيّة في أوكرانيا بوصفها أكبر تهديد يواجه السيادة الأميركيّة على العالم، ومع هذا انشغال (الأقطاب) في التموضع على الخارطة العالميّة تتزايد الأزمات الإنسانيّة، والصراعات الأهليّة، وحالات التشتت السياسي في كثير من دول أفريقيا والشرق الأوسط ومناطق أخرى (خارج اهتمام السياسة الأميركيّة) بحيث لا حاجة أن يسافر إليها مراسلو شبكات مثل "سي إن إن" أو الجزيرة. وفي هذا الاتجاه يشير تقرير مهم (نُشر في 23 مايو 2022) صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) إلى فشل قادة العالم في الاستعداد لعصر جديد من المخاطر المعقدة التي لا يمكن التنبؤ بها حيث تتلاقى وتتفاقم الأزمات البيئيّة والأمنيّة على مستوى الأمن الغذائي، مثلا ورد في التقرير العالمي للأزمات الغذائيّة لعام 2022، وجود ما يقرب من 193 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد "Food insecure"، كما أن هناك اليوم أكثر من 45 مليون شخص في 43 دولة حول العالم يواجهون خطر المجاعة الشديدة، ناهيك عن مأساة وجود أكثر من 82 مليون شخص يعيشون في مخيمات اللاجئين والمشردين بعيدًا عن أوطانهم، أما حال أطفال العالم فبحسب اليونيسف يعيش الآن 100 مليون طفل إضافي في فقر ما يخلق أسوأ أزمة للأطفال منذ 75 عامًا. * قال ومضى: على ناصية العمر كم أتعبتني الأسئلة..