في الخامس من حزيران يونيو 2012، قالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أن آلاف اللاجئين الصوماليين لا زالوا يواجهون تحديات هائلة، بعد مرور عام على فرارهم من الجفاف والصراع إلى الدول المجاورة. وذكرت المفوضية أن مخزون الغذاء في كثير من أنحاء الصومال قليل بشكل خطير، بسبب قلة هطول الأمطار الموسمية. هذا التقرير يسلط الضوء على وضع النازحين واللاجئين الصوماليين، داخل بلاهم، وفي دول الجوار الأربع: اليمن، جيبوتي، إثيوبيا وكينيا. النزوح الداخلي تشير تقارير المنظمات الدولية الإنسانية بشأن الصومال إلى حركات نزوح بشري واسعة، ومتعددة الاتجاهات، داخلياً وخارجياً. وأن كثيراً من النازحين وجدوا أنفسهم مضطرين لحركة نزوح ثانية أو ثالثة، إن بسبب الجفاف والمجاعة، أو بسبب امتداد المعارك والنزاعات المسلحة، أو نتيجة للأمرين معاً. ويمثل توفير المساعدات الإنسانية الضرورية لهؤلاء الأشخاص الذين فروا هرباً من الجوع والقتل تحد دائم، في إطار هذه البيئة المدنية المضطربة. وتشير التقارير الدولية إلى أن العاصمة الصومالية مقديشو قد شهدت تدفقاً هائلاً للنازحين في الأشهر الثلاثة الأخيرة، يعيش جميعهم في ظروف إنسانية قاسية. ويموت بعضهم نتيجة الجوع، أو سوء التغذية الشديد، الذي يعاني منه بصفة خاصة الأطفال دون الخامسة من العمر، حيث لا تفي المساعدات المقدمة بالمتطلبات الأولية الضرورية. وتفيد هذه تقارير الهيئات الإنسانية بأنه بين شهري تموز يوليو وتشرين الأول أكتوبر 2011، غادر أكثر من 150 ألف صومالي محافظات وسط الصومال بحثاً عن ملاذ آمن في مقديشو. ويُقدر عدد سكان مقديشو حالياً بما يزيد عن المليون نسمة، نصفهم من النازحين. كما يأوي ممر أفغوي، الواقع على بعد 25 كيلومتراً غرب مقديشو، ما يقدر بنحو 400 ألف نازح منذ العام 2007. ويعود انتقال هذا العدد الكبير من الناس نتيجة للإنتاج الزراعي غير الكافي في المناطق، والماشية التي تنفق بسبب الجفاف، وارتفاع الأسعار، وانعدام الأمن المستمر. وكانت الأممالمتحدة قد أعلنت في الثالث من آب أغسطس 2011 أن الوضع الغذائي في ثلاث مناطق جديدة في جنوب الصومال، هي أجزاء من منطقة شبيلي الوسطى وممر أفغوي، وأجزاء من مقديشو، قد تدهور إلى مستوى المجاعة القاتلة. وأكدت وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية، التابعة لمنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، أن بيانات سوء التغذية ومعدلات الوفيات المسجلة في الصومال هي الأسوأ في جميع أنحاء العالم، خلال العشرين سنة الماضية. وتؤكد الفاو أن الناس قد فقدوا كل ما لديهم من ثروة حيوانية، ويعانون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وهم يحتاجون إلى ما لا يقل عن ثلاثة أو أربعة مواسم للتعافي، فظروف المجاعة لن تتغير بالسرعة المتوقعة. ووفقاً لشبكة الإنذار المبكر من المجاعة (FEWS NET)، فقد مثلت حالة الجفاف تلك أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وأسوأ أزمة أمن غذائي في أفريقيا، منذ المجاعة التي ضربت الصومال عامي 1991 و1992. وإضافة لانعدام الغذاء الكافي أو الأولي للنازحين، فإن الاحتياجات الطبية لهؤلاء النازحين تفوق هي الأخرى مستوى الخدمات الصحية المتوفرة، التي تعد على قدر كبير من التواضع، حيث لا يوجد ما يكفي من الأدوية واللقاحات والأمصال. ولا يستطيع العدد المحدود من الأطقم الطبية النهوض بالمهام الواسعة المطلوب تأديتها، في بيئة تفتقر لكل شيء. وتفيد التقارير الصحية الدولية الخاصة بهؤلاء النازحين، بأنهم يعيشون في ظروف صحية غير مستقرة في المجمل. وقد ضعف جهازهم المناعي نتيجة سوء التغذية الذي يتعرضون إليه. وبعضهم لم يتلق أي لقاح على الإطلاق طوال حياته. لذلك، فإن الأمراض المعدية كالكوليرا، والالتهاب الرئوي، وحمى الضنك والملاريا، منتشرة في مخيماتهم المتهالكة، والأحياء المهجورة التي لجأو إليها، بحثاً عن مكان ينامون فيه، في وضع أشبه بمن يفترش الأرض ويلتحف السماء. وتعتبر الحصبة المرض الأكثر فتكاً في الصومال. وقد انتشرت في جميع أنحاء البلاد، وبشكل خاص خلال الأشهر الستة الماضية، اعتباراً من كانون الثاني يناير 2012. النزوح إلى الدول المجاورة لقد دفعت عقود من الصراع والجفاف أكثر من 980 ألف صومالي للجوء خارج البلاد، حيث يتم استضافة معظمهم في كينيا واليمن وإثيوبيا، فيما هناك 1.36 مليون نازح صومالي داخل الصومال ذاته. وقد أجبرت ظروف الجفاف المدمر أكثر من 135 ألف صومالي على الفرار من الوطن خلال النص الأول من العام 2011. وقالت الأغلبية الساحقة من اللاجئين أنها تركت الصومال بسبب انعدام حاد للأغذية، بالإضافة إلى تفاقم عدم الاستقرار. وفي مواجهة المجاعة القاتلة، يقوم النازحون بالمشي لعدة أيام، وفي بعض الأحيان لعدة أسابيع، عبر الصحراء، ليصلوا وهم في حالة صحية حرجة. وترد إلى الهيئات الإنسانية، على نحو متزايد، تقارير مفادها بأن هناك أطفالاً، تقل أعمارهم عن خمس سنوات، يموتون من الجوع والإرهاق، أثناء رحلة النزوح الشاقة. كما أن العديد من الأطفال يكونون في أوضاع صحية صعبة عندما يصلون في نهاية المطاف، لدرجة أنهم يموتون في غضون 24 ساعة. وذلك على الرغم من الرعاية التي قد يتلقونها على الفور. هذا الأمر يحول إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم إلى مأساة إنسانية، ذات أبعاد لا يمكن تصورها». ويشير هذا الوضع إلى ضرورة توفير المتطلبات الحياتية الضرورية للأسر، كي يُمكنها البقاء في الصومال عامة. وهذا يتطلب تكاتف جميع الفاعلين الإنسانيين. والتحرك بمنطق إنقاذ النفس البشرية من شبح الموت. الصوماليون في إثيوبيا في نيسان أبريل 2012، تجاوز عدد اللاجئين في جنوب إثيوبيا 150 ألفاً، وفق ما أعلنته المفوضية السامية. وأشار المتحدث باسم المفوضية ادريان ادواردز، إلى أن مخيمات «دولو أدو» الأربعة في جنوب إثيوبيا قد استقبل أكثر من 8500 لاجىء منذ بداية العام 2012، مما رفع عدد اللاجئين فيها إلى المستوى الحالي المكتظ. ويعيش اللاجئون الصوماليون في مخيمات دولو أدو أوضاعاً صعبة وقاهرة، فالغذاء لا يلبي الاحتياجات المطلوبة، سيما بالنسبة للأطفال، حيث لا يتم توزيع أي صنف من أصناف الحليب، ولا أي نوع من الأطعمة الخاصة بهم. كذلك، تعتبر الرعاية الصحية شحيحة للغاية، ولا توجد أدوية أو أمصال كافية لسد الاحتياجات الكبيرة للاجئين، وخاصة للأطفال والنساء. وفي هيلاوين، وهو أحد مخيمات دولو ادو، يعاني أكثر من نصف الأطفال من سوء التغذية، وفقاً لما كشفته دراسة للأمم المتحدة في أواخر العام 2011. كذلك، يقترب المعدل في مخيم كوبي من 50%. وبالنسبة لمنظمة الصحة العالمية، فإن الوضع يصبح «حساساً» متى تجاوز المعدل 15%. وفي صيف العام 2011، خلص تقييم للوفيات جرى في واحد من المخيمات الأربعة للاجئين في دولو أدو، إلى أن معدل الوفيات قد وصل إلى مستويات خطيرة بين القادمين الجدد. ومنذ افتتاح مخيم كوبي للاجئين في حزيران يونيو 2011، فقد توفي ما معدله 10 أطفال تحت سن الخامسة كل يوم. وعلى الرغم من أن سوء التغذية هو السبب الرئيسي لارتفاع معدل الوفيات، إلا أنه يشتبه بأن مرض الحصبة قد فاقم المشكلة.وقد أدى المزيج بين الأمراض وسوء التغذية إلى معدلات وفيات مماثلة خلال أزمات المجاعة السابقة في المنطقة. نزوح متكرر للاجئين من منطقة إلى أخرى بسبب الجفاف والمجاعة وامتداد المعارك والنزاعات المسلحة الصوماليون في اليمن سجل عدد اللاجئين والمهاجرين الصوماليين والأفارقة (الأثيوبيين بالدرجة الأولى)، الذين وفدوا إلى اليمن في العام 2012 رقمًا قياسيًا، حيث وصل السواحل اليمنية، المطلة على خليج عدن والبحر الأحمر، خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي ما يزيد على 43 ألف شخص، مقارنة ب30 ألف كانوا قد قطعوا هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. وقد بلغ إجمالي عدد الذين وفدوا على اليمن من القرن الإفريقي خلال العام 2011 أكثر من 103 ألاف شخص. وهو يعد رقمًا قياسيًا، منذ أن بدأت المفوضية في تسجيل هذه الإحصائيات في العام 2006. وينذر استمرار الاتجاه الحالي بأنَّ عام 2012 سيسجل رقمًا قياسيًا جديدًا. إن كل من يقرر العبور إلى اليمن يعرض نفسه إلى مخاطر جمَّة في كل مرحلة من مراحل الرحلة؛ غالبية النازحين يركبون قوارب متهالكة من سواحل مجاورة لمدينتي الموانئ، أوبوك في جيبوتي وبوصاصو في الصومال. ومن يصلون إلى اليمن في نهاية الرحلة، غالباً ما يصيبهم التعب جراء الجفاف وسوء التغذية، وهم في حالة صدمة. ويتم الاعتراف تلقائياً بجميع الصوماليين الوافدين إلى اليمن كلاجئين. ومن ثم، يُتاح لهم الحصول على وثائق، ويمنحون حرية الحركة دون عوائق. ويتفرق معظم الصوماليين الذين يصلون إلى اليمن، وينتشرون في العاصمة صنعاء، أوالمناطق الحضرية الأخرى مثل حي البساتين الفقير في عدن. ولكن المطاف ينتهي بالآلاف منهم في مخيم خرز للاجئين. وهو ثكنة عسكرية مهجورة، تقع على هضبة شديدة الحرارة في محافظة لحج، يستغرق الوصول إليها ساعتين بالسيارة من غرب مدينة عدن. ويأوي مخيم خرز 14 ألف لاجئ في أكواخ مسقوفة. ويضم مدارس وعيادات وحصص غذائية، ولكنه يفتقر للوظائف. ويُسمح لسكان المخيم، كجميع اللاجئين الصوماليين في اليمن- بالعمل. وعلى الرغم من أن بعض الذين يتركون المخيم أثناء أشهر الصيف (عندما ترتفع درجة الحرارة إلى 50 درجة مئوية) يجدون عملاً مؤقتاً، إلا أن العديد منهم يلجأ إلى تسول الغذاء. تقول كريستالينا جيورجيفا، مفوضة التعاون الدولي والمساعدات الإنسانية في المفوضية الأوروبية، التي زارت مخيم خرز مطلع العام الماضي: إن «أكثر ما يفتقده اللاجئون المقيمون بالمخيم، وخاصة الجيل اليافع، هو فرصة الحصول على تعليم مناسب وعمل، لإعالة أنفسهم. والخروج من المخيمات إلى العيش المستقل». ولأنه محاط بالجبال والصحراء القاحلة، يعتبر مخيم خرز معزولاً من الناحية الجغرافية والسكانية. وبالنسبة للذين يعيشون فيه، فإن الاستيعاب والمشاركة في المجتمع اليمني ليست دائماً بالأمر السهل. ويعد حي لبساتين، وهو حي الفقراء الواقع على مشارف عدن، أكثر بؤساً من مخيم خرز، ولكن الصوماليين الموجودين هناك أقل عزلة ويمكنهم البحث عن عمل غير رسمي في عدن. ويبلغ إجمالي اللاجئين الصوماليين في اليمن 187 ألف لاجئ، غالبيتهم العظمى تعيش في ظروف مأساوية. وتحدثت تقارير متواترة، على مدى العامين الماضيين، عن استغلال اللاجئين الصوماليين في نزاعات مسلحة، من قبل أطراف يمنية. اللاجئون في جيبوتي في جيبوتي، يقع مخيم «علي عدي « للاجئين الصوماليين على بعد 130 كيلومتراً جنوب العاصمة. ويقطنه أكثر من 14 ألف لاجئ. وتدير هذا المخيم وكالة جيبوتي لشؤون اللاجئين والكوارث الطبيعية (ONARS)، الممولة من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وقد أقيم المخيم في الأصل لإيواء 7000 شخص، ولكنه يأوي منذ كانون الثاني يناير 2010، أكثر من 14 ألف لاجئ. وكانت جيبوتي تضم ثلاثة مخيمات، بيد أنها أغلقت اثنين من المخيمات، بعد العودة الطوعية للاجئين من جمهورية أرض الصومال في العام 2006، وتركت مخيم علي عدي لمن تبقى من الصوماليين. وطلبت المفوضية السامية من حكومة جيبوتي إعادة فتح أحد المخيمات المغلقة لاستيعاب الأعداد المتزايدة. وفي ضوء محدودية عدد اللاجئين نسبياً في جيبوتي، اقترحت المفوضية السامية ثلاثة حلول دائمة، هي: إما العودة إلى الوطن، وهو خيار غير مجدي حالياً، أو الاندماج في المجتمع المضيف، أو إعادة التوطين في بلد ثالث. وقد عبر معظم سكان مخيم علي عدي عن أملهم في بدء حياة جديدة في بلدان إعادة التوطين. وفي العام 2010، قدمت المفوضية السامية 1400 حالة لإعادة التوطين، لم يقبل منها سوى 317 لاجئ، من بينهم 81 صومالياً، والباقي من إريتريا وإثيوبيا. ودول إعادة التوطين هي في الغالب الولاياتالمتحدة وكندا والسويد والنرويج واستراليا. الصوماليون في كينيا بقى أن العدد الأكبر من اللاجئين الصوماليين خارج البلاد، يثمثله أولئك المقيمون في كينيا، وتحديداً في مخيم داداب، الذي يُعد أكبر مخيم للاجئين في العالم. فما هو داداب؟. وكيف يعيش الصوماليون فيه؟ أنشئ مجمع مخيمات داداب في شمال شرق كينيا في العام 1992، بهدف استيعاب الصوماليين، الفارين من الحرب الأهلية، التي اندلعت في ذلك العام، ولا تزال مستمرة. وقد صمم المجمع لاستيعاب 90 ألف لاجئ، إلا أن عدد اللاجئين فيه اليوم بلغ 440 ألف لاجئاً، يتوزعون في ثلاثة مخيمات رئيسية. وفي بيان لها، قالت منظمة أطباء بلا حدود أن «الآلاف من الناس الضعفاء قد عانوا معاناة شديدة بالفعل. وينبغي تأمين الصحة والكرامة في المسكن الآمن، وطالما أنه لا يتم اتخاذ أية إجراءات، سيستمر اللاجئون الصوماليون في دفع الثمن». وكان تقريراً دولياً، صادر في أيلول سبتمبر 2011، قد أكد على أن الوضع الصحي داخل مخيمات داداب «مثيراً للقلق، مع تفشي الحصبة والإسهال الحاد والكوليرا. وإن أوضاع اللاجئين في هذه المخيمات بالغة السوء، مع أمل ضئيل في التحسن في المدى القصير، في ظل المعطيات الراهنة». الجوع والمرض والحرب تفتك بالجميع هواة القتل يجندون حتى النساء امرأة صومالية مع طفلها تعاني من الجوع الموز من المنتجات الزراعية المهمة في الصومال , لكن الحرب دمرت كل شيء