حسمت المؤسسة العسكرية الجدل حول مزاعم اتهام رئيس الوزراء المقال عمران خان، في تورط المعارضة الباكستانية، (آنذاك) الحزب الحاكم حالياً، في مؤامرة مدعومة من الخارج، عندما أعلن اللواء بابر افتخار -المتحدث باسم الجيش- أمس الخميس، أن كلمة "مؤامرة" لم تستخدم في البيان الذي صدر عقب اجتماع لجنة الأمن القومي الشهر الماضي، والذي استند عليه خان في بيان روايته أمام الشعب الباكستاني وفي البرلمان، والذي اتخذ من خلاله قرار حل البرلمان الذي أبطلته المحكمة العليا. ورد الجنرال بابر على سؤال من أحد الصحفيين في مؤتمر صحفي عقد في مقر القيادة العسكرية عن موقف قيادة الجيش من ادعاء عمران خان بوجود مؤامرة أجنبية للإطاحة به، وما إذا كان مجلس الأمن القومي قد أيد هذا الموقف، رد الجنرال بابر أنه لم يرد في مجلس الأمن القومي أي شيء يتعلق بهذا الأمر. كما حسمت المؤسسة العسكرية إحدى أهم النقاط التي تم تداولها مؤخراً حول إمكانية تمديد فترة قائد أركان الجيش الفريق قمر باجوا، عندما أعلن المتحدث باسم الجيش بشكل واضح أن الفريق باجوا لا يرغب في تجديد فترة رئاسته والتي تنتهي في نوفمبر المقبل. ويعكس موقف الجيش الباكستاني المعلن أمس، عدم رضاه عن القرارات التي ارتكز عليها عمران خان التي أدت إلى دخول باكستان أزمة دستورية خانقة، والصدام الخفي بين عمران خان والجيش في الشهور الأخرى من حكم خان. والتزمت المؤسسة العسكرية طوال الفترة الماضية بالحياد، وجاء أحدث تصريح لها في ذروة الأزمة عندما قال الجيش إنه ليس له علاقة بحل البرلمان، ولا يتدخل في الشأن السياسي، كرسالة غير مباشرة بأن الإجراء الذي اتخذه عمران خان بحل البرلمان كان موقفاً لحكومته. وتعتبر المؤسسة العسكرية اللاعب الرئيس في المشهد السياسي إلا أنها نأت نفسها عنه مؤخراً. ويرأس المؤسسة العسكرية حالياً الفريق قمر جاويد باجوا، والذي تم تعيينه في هذا المنصب في 29 نوفمبر 2016. وقام عمران خان بالتمديد له لفترة واحدة، ووردت معلومات أن عمران خان كان على وشك إصدار قرار بإقالة أركان الجيش قبيل حجب الثقة عن حكومته إلا أن مصادر في حكومته نفت ذلك. وسيكون من الصعب على عمران استخدام رواية اتهام المعارضة بالتآمر مع "قوى أجنبية" للإطاحة به في إشارة واضحة للولايات المتحدة. ولطالما حصلت تباينات واشتباكات بين الحكومات المدنية في باكستان مع الجيش الذي حكم البلاد بشكل مباشر لنحو نصف تاريخها. وشابت علاقة حكومة عمران بالجيش توترات مع بداية العام عندما رفض عمران الموافقة على مرشح الجيش لمنصب رئيس الاستخبارات العسكرية الفريق أنجم نديم وعطل الترشيح لفترة طويلة إلا أنه عاد واعتمد الاسم المرشح، وهذا أدى لعدم ارتياح في أوساط الجيش. وكان خان قد أعرب علناً عن دعمه للفريق فيض حميد، لفترة ثانية كرئيس للاستخبارات العسكرية الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه حليفه. وتوطدت علاقة عمران خان مع الجيش الباكستاني حتى نهاية السنة الثالثة من حكمه، كون خان وعد العسكر بتأسيس "باكستان الجديدة" للتخلص من الفساد والمحسوبية بعد فوزه في انتخابات 2018. وحتى فترة قريبة كان يوصف خان بأنه من أكثر رؤساء الحكومات في باكستان تحالفاً مع العسكريين وعلى مسافة واحدة معهم، لكن مراقبين أكدوا أن الخلافات بدأت تتوسع بينهم خصوصاً في الملفات الخارجية وملفات الاقتصاد، لكن علناً نفى كل من عمران خان والجيش الباكستاني نشوب أي خلاف بينهما. وبحسب المراقبين فإن حياد الجيش في المشهد الجاري لن يستمر كثيراً، كونه لا يرغب باستمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية. ويبقى السؤال الأكبر من قائد أركان الجيش المقبل خلفاً لباجوا؟