مع اشتداد الأزمة الباكستانية ووصولها لذروتها أمس؛ يتساءل الكثيرون عن مستقبل باكستان وموقف الجيش الباكستاني من الأزمة الدستورية الخانقة التي أدت إلى حدوث حالة موت سريري سياسي؛ في ظل التصادم والتصعيد الخطير بين المعارضة وعمران خان، الذي أصبح رئيس حكومة تصريف الأعمال منزوع الصلاحيات. المؤسسة العسكرية التزمت طوال الفترة الماضية بالحياد وجاء أحدث تصريح لها في ذروة الأزمة عندما قال الجيش ليس له علاقة بحل البرلمان ولا يتدخل في الشأن السياسي؛ كرسالة غير مباشرة بأن الأجراء الذي اتخذه عمران خان بحل البرلمان كان موقفاً لحكومته. وإذا نظرنا لتاريخ الجيش الباكستاني الطويل فإن المؤسسة العسكرية كانت اللاعب الرئيسي في المشهد السياسي. ويرأس المؤسسة العسكرية حالياً الفريق قمر جاويد باجوا، والذي تم تعيينه في هذا المنصب في 29 نوفمبر 2016. وقام عمران خان التمديد له لفترة واحدة؛ وتنتهي فترته كقائد للجيش في نوفمبر 2022.. ولم يعد يملك عمران صلاحية التمديد له كونه أصبح رئيس وزراء تصريف أعمال.. عمران خان الذى نجا مؤخراً من حجب الثقة استخدم هذه المرة كارتاً مختلفاً تماماً، عندما اتهم المعارضة بالتآمر مع «قوى أجنبية» للإطاحة به في إشارة واضحة للولايات المتحدة، كونه تبنى مواقف الغرب حيال قضايا دولية خاصة في الأزمات ضد روسيا والصين. ولطالما حصل تباينات واشتباكات بين الحكومات المدنية في باكستان مع الجيش الذي حكم البلاد بشكل مباشر لنحو نصف تاريخها. وشابت علاقة حكومة عمران مع الجيش توترات مع بداية العام عندما رفض عمران الموافقة على مرشح الجيش لمنصب رئيس الاستخبارات العسكرية الفريق انجم نديم وعطل الترشيح لفترة طويلة إلا أنه عاد واعتمد الاسم المرشح وهذا أدى لعدم ارتياح في أوساط الجيش. وكان خان قد أعرب علناً عن دعمه للفريق فيض حميد، لفترة ثانية كرئيس للاستخبارات العسكرية الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه حليفه. وتوطدت علاقة عمران خان مع الجيش الباكستان حتى السنة الثالثة من حكمه كون خان وعد العسكر بتأسيس «باكستان الجديدة» للتخلص من الفساد والمحسوبية بعد فوزه في انتخابات 2018. وحتى فترة قريبة كان يوصف خان بأنه من أكثر رؤساء الحكومات في باكستان تحالفاً مع العسكريين وعلى مسافة واحدة معهم، لكن مراقبين؛ أكدوا أن الاختلافات بدات تتوسع بينهم خصوصاً في الملفات الخارجية وملفات الاقتصاد لكن علناً، نفى كل من عمران خان والجيش الباكستاني نشوب أي خلاف بينهما. وبحسب المراقبين فإن حياد الجيش في المشهد الحالي لن يستمر كثيراً، كونه لا يرغب استمرار الأزمة طويلاً. وأفادت تقارير بأن عمران خان قد قال إن القيادة العليا للجيش التقته مؤخراً وعرضت عليه ثلاثة خيارات لحل المأزق السياسي، منها استقالته أو مواجهة سحب الثقة أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة. وزعمت تقارير إعلامية أنه تم إلغاء الخطاب المخطط لخان يوم السبت الماضي للأمة، بناءً على أوامر صادرة عن الجيش الباكستاني. وبصرف النظر عن الحياد الرسمي للجيش الباكستاني حتى الآن في الأزمة السياسية في البلاد، فإن الفصل النهائي في الأزمة لم يكتب بعد.