جمله قالها إبليس لربه حينما أمره سبحانه بالسجود لآدم، ويبدو أنها استقرت فى نفس آدم لتنتقل فيما بعد لولده قابيل الذي أخذها ذريعه أدت فى النهاية لقتل أخيه هابيل، لينتشر بعدها ذلك المبدأ اللعين بين البشر على مر العصور ليروي في صدورهم بذور الغل والحقد والحسد وكل ما هو قبيح، وها هم أخوة يوسف يأتمرون به ليقتلوه فيجمعوا في نهاية الأمر أن يلقوا به فى غيابت الجب. وأمثال هؤلاء كثر، فهناك أقوام قتلوا أنبيائهم فقط ظناً أنهم خير منهم، وقد قال أبو جهل: تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف؛ أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجاثينا على الركب، وكنا كفرسيّ رهان، قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذا؟ والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه. يقتل الأخ أخاه، ويحقد الخل على خليله، ويستعين البعض بالسحرة لإيذاء أقرب الأقربين حسداً وحقداً وغلاً متخذين مقولة عدوهم إبليس «أنا خير منه» منهجاً ودستوراً. تصارعت الأمم منذ بدأ التاريخ للقضاء على أجناس بعينها، تتاراً ورومان، نازيين وفاشيين، اختطف ملايين البشر ذوي البشرة السوداء وأرسلوا مكبلين بالأصفاد مطوقة رقابهم بالسلاسل إلى بلاد العم سام لخدمة من يظنوا أنهم أفضل منهم «ذوي البشرة البيضاء».. استبيحت النساء وحرمن من حقوقهن، ونظر إليهن بعض الفلاسفة نظرة دونيه، واعتبروا أنهن مجرد أوعية للرجال. قامت الحروب الدينية، كل يظن أن دينه هو الأفضل ومعتقداته هي الأولى بالاتباع.. وحتى أمس القريب وعند من يطلقون على بلادهم قلاع الحرية في العالم يتم التمييز حتى بين لاجئي الحروب.. ولا يستحيون أن يطلقوها صراحة وعلى الملأ: اللاجئون ذووا العيون الزرقاء أفضل من غيرهم، فهم متحضرون، وليس لهم ماض مشكوك فيه، فيتم استقبال اللاجئين الأوكرانيين مثلاً وإيواؤهم دون تردد، بينما يمنع اللاجئون العرب من الدخول ويجبرون وذويهم على البقاء في الغابات يصارعون المجهول وحدهم دون شفقة ولا رحمة. حتى أننا نجد بيننا هذه الأيام وعلى الرغم من زيادة الوعي بمساوىء تلك المقولة من يتعالى على بني وطنه لمجرد عمامة يلبسها أو كتاب قرأه أو أو أو.. فيظن بذلك أنه خير من الجميع، ليس لرجاحة عقله وإنما لأنه يظن ذلك فقط. والسؤال من يملك أن يفضل شخصاً على آخر أو جنس على غيره؟! .. إنه الخالق سبحانه وتعالى، هو وحده من يقرر من الأفضل. انتشر الشقاق بين معظم فئات المجتمع وتفتت إلى أحزاب وفرق وجماعات بسبب «أنا خير منه»، تعالت أصوات الجدال في أروقة المجالس ليس للوصول للحقيقة وإثباتها، بل من أجل «أنا خير منه» فقط. تناسينا جميعاً قوله تعالى «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ»، وكذلك قوله سبحانه « فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى». كما تركنا قول رسوله صلى الله عليه وآله وسلم :»لا تحاسدوا، ولا تناجشوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره. التقوى ههنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه». ومن بعده صحابته الكرام فها هو ابن الخطاب يسأل حذيفه بن اليمان -حافظ سر رسول الله- الذي أفضى إليه بأسماء المنافقين ليتحرى عمر هل هو منهم أم لا تارة، ويعترف تارة أخرى وعلى الملأ أمام الناس دون خجل، «ويح ابن الخطاب أصابت امرأة وأخطأ عمر». أين نحن الآن من هؤلاء القوم، إن أول الطريق إلى الدمار هو الكبر والعلو والغلو والتحزب والتشرزم، وكل ذلك بسبب «أنا خير منه». وأما عن أهل الكبر فهناك مقولة «الكبر على أهل الكبر صدقة»، إذا رأيت متكبراً فلا تسمح له بالتكبر، والفظه حتى يعود إلى رشده وصوابه. انزعوا الكبر من نفوسكم ولا تزكوا أنفسكم لعل الله يرحمكم.