لا تعجب أيها القارئ الكريم - من تكرار هذا العنوان.. فإن الحسد هو أول ذنب عصي به ربنا عندما خلق أبانا آدم.. وأمر الله الملائكة بالسجود له.. فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا ابليس فإنه حسد آدم على هذا الشرف العظيم فأبى السجود لآدم.. وعصى ربه بدافع الحسد الذي أعماه عن طريق الرشد!! ومن هذا نرى أن الحسد هو أول ذنب عصي الله به في دنيا البشر ثم تسرب هذا الذنب البغيض إلى بني آدم عندما قتل أحد الأخوين أخاه بلا ذنب جناه.. وإنما الدافع إلى هذه الجريمة هو الحسد.. ولا شيء غير الحسد.. وتتعاقب الأيام والدهور ويقع هذا الداء الوبيل بين أبناء يعقوب عليه السلام عندما حسد أبناؤه أخاهم يوسف عليه السلام حيث كان أجملهم وأحظاهم عند والده. ولذلك تآمروا على الابتعاد به عن والده.. ثم قتله، فقد أعماهم الحسد وسلب منهم عقولهم.. لولا أن واحداً من الاخوة أراد أن يخفف هذه الجريمة برمي يوسف في إحدى آبار الصحراء ليموت فيه موتاً غير مباشر من اخوانه.. حملهم هذا الحقد الأسود على العقوق.. وعلى الكذب وعلى اتهام والدهم عليه السلام بالضلال المبين. هذه من جملة حوادث الحسد التي قد يكون فيما بينها من الأزمان ما يماثلها بشاعة أو يقرب منها. وقد ورد ذكر الحسد في كثير من الأمثال الشعبية.. والأبيات الشعرية التي تدل على تفشي هذه الجريمة النكراء التي لا تختص بها طبقة من الناس دون طبقة.. فمن الأمثال الشعبية في الحسد قولهم: لولا الحسد ما مات أحد.. أي أن الحسد يؤثر على الحياة والأحياء.. وقولهم: الرازق في السماء والحاسد في الأرض. وقولهم: عين الحسود فيها عود. يدعون عليها بما يشغلها أو يعطلها.. وقولهم: يحسدون الأعمى على كبر عيونه.. أي أنهم يظنون كبر العيون تفيد بينما العكس هو الصحيح. وقولهم: الحسود لا يسود.. وذلك لأن السيادة تبني بينما الحسد يهدم ويدمر! أما الشعراء فقد قالوا في الحسد الكثير ويكفي أن نأتي بهذين البيتين: حسدوا الفتى اذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداء له وخصوم أما البيت الثاني فهو قول الشاعر: ما زال يسبق حتى قال حاسده له طريق إلى العلياء مختصر أي أن الحساد يريدون طمس هذا السبق ونسبته إلى الطريق لا إلى سالك الطريق.. وأحاديث الحسد والحساد كثيرة.. ويكفينا من القلادة ما أحاط بالعنق.. ونسأل الله أن يقينا وإياكم شر الحاسدين والمفسدين والحمد لله رب العالمين..