يعاني الخطاب الرياضي وخاصة ما يتعلق بكرة القدم من سلبيات كثيرة أبرزها ضعف المهنية، وندرة الموضوعية. يتسم الإعلام الرياضي وهو مع الأسف إعلام -كرة قدم فقط- بالبحث عن الإثارة حتى تصل في الغالب إلى مستوى التعصب. وهي فعلاً تصل إلى مستوى التعصب. المتابع للمقالات والحوارات الرياضية سيلاحظ أن غالبية ما يطرح هو آراء وقتية منفعلة خاضعة لتأثير الميول وليس لمعايير مهنية . كرة القدم عندنا تطورت فنياً، ولم يصاحب ذلك تطور في الإعلام الرياضي، والنقد الرياضي. الذي يحدث هو رفع مستوى التعصب في المجتمع الرياضي بتأثير بعض المشجعين المتعصبين الذين وجدوا وسائل الإعلام متاحة لهم فدخلوا في ساحة معركة لا علاقة لها بالرياضة ولا بالموضوعية ولا بالروح الرياضية ولا بالثقافة بشكل عام! إليكم بعض الملاحظات على الإعلام الرياضي: * عندما يهبط مستوى فريق كرة قدم جماهيري ويكون معرضاً للهبوط تسيل الأقلام العاطفية بعبارات مثل: (من الظلم أن يهبط هذا الفريق صاحب التاريخ والإنجازات إلخ)، وقد يصل الأمر إلى المطالبة بحل استثنائي ينقذه من الهبوط. هذا التعاطف لا يحدث في حالة مشابهة لفريق غير جماهيري مع أن الجميع يخضعون لنظام واحد لا مجال فيه للمجاملة سواء بالنسبة لمسألة الهبوط أو قضية الديون أو حقائق التاريخ. * في المباريات التي تجمع بين فريق جماهيري وفريق أقل جماهيرية يلاحظ على بعض المحللين والمعلقين التركيز في الحديث عن الفريق الجماهيري وكيف يفوز وكأن المباراة بين فريق وطني وفريق أجنبي. * المعروف في عالم كرة القدم أن كل الفرق والمنتخبات تستفيد وتتضرر أحياناً من أخطاء التحكيم. والمعروف أيضاً أن الفرق القوية لا تضع التحكيم شماعة للتبرير في حالة الخسارة. والمعروف أيضاً أن عوامل نجاح الفرق والمنتخبات هي الإدارة في المقام الأول ثم العوامل الفنية بتفاصيلها المختلفة. النقد الرياضي عندنا مشغول بالتحكيم قبل المباريات وبعد المباريات وفي كل وقت! المشكلة ليست في أخطاء التحكيم التي تحدث في كل مباريات العالم ولكن بعض الإعلاميين يسيطر عليهم فكر المؤامرة وينتقل هذا الفكر إلى إدارات وجماهير الأندية وتصبح المظلومية ثقافة عامة وتبريراً جاهزاً لكل الفرق في حالة الخسارة. الفرق والمنتخبات قد تستفيد من أخطاء التحكيم أو تتضرر في بعض الحالات، ولكن هذه حالات لا تصنع المجد والاستمرارية. البرازيل لم تصنع مجدها بأخطاء التحكيم، فريق نابولي انتعش وحقق الأنجازات عندما تعاقد مع ماردونا. ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونخ لم يتفوقوا بالتحكيم، مانشيستر يونايتد لم يتراجع بسبب التحكيم. التميز الإداري وبيئة العمل والثقة تصنع النجاح وتحقق البطولات وليس التحكيم ولنا في بطولات القادسية والتعاون والفتح والفيصلي عبرة. هذه حقيقة تشمل كل الفرق وفي كل بيئة عمل في المجالات المختلفة. الحوارات الرياضية عندنا لا ترتقي لما وصلت إليه المملكة في كافة المجالات. ليس هذا فحسب بل هي تشويه فكري وتغذية للتعصب الرياضي بشكل واضح لا لبس فيه. * نقل المباريات من ملعب إلى آخر أو تأجيلها بسبب ظروف خارجة عن الإرادة أو حتى ضم لاعب للمنتخب، كل هذا يفسر بنظرية المؤامرة وتتجه الاتهامات للجهاز الرسمي. بمنطق التعصب يفسر كل ما يصدر من الجهاز الرسمي للرياضة وما يصدر من كافة اللجان بالمعايير العاطفية من قبل إعلاميين يفترض فيهم أن يحملوا راية التوعية والتثقيف والطرح الموضوعي. الكل يطالب بتطبيق القوانين، والكل يطالب بتطبيقها على كل الفرق وليس على فريقه المفضل. * في وسائل التواصل تتحول الإشاعات إلى حقائق وتصل إلى توجيه اتهامات مباشرة لأجهزة رسمية. هذه الوسائل ميدان لمباريات خارج الملعب لا تحكمها قوانين ولا أخلاق. وهي نسخة متطرفة مما يدور في القنوات والبرامج الرياضية وبعض المقالات الصحفية. افتراءات واتهامات يجب التعامل معها بالقانون. * أصبح المتلقي يحكم على نجاح أو فشل مذيع ما يسمى بالحوارات الرياضية بمدى دعم هذا المذيع لفريق المتلقي، ومستوى التهريج و(قصف الجبهات)! وبعض المتابعين لهذه الحوارات يعتبرونها مسرحيات هزلية مسلية. تلك بعض الملاحظات عن مشكلة قائمة ومستمرة ومستفحلة. الحلول مسؤولية عدة جهات منها وزارة الرياضة ووزارة الإعلام، ووزارة الثقافة، ووزارة التعليم ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. المنتظر من هذه الجهات التوصل إلى حلول عاجلة وحلول استراتيجية لتطوير الإعلام الرياضي بكل تفاصيله بما يتفق مع تطور المملكة في كافة المجالات.