لا ينكر وجود نظرية المؤامرة إلا شخص قليل الاطلاع والخبرة والمعرفة؛ فالمؤامرات كانت ولاتزال موجودة في أغلب مجالات الحياة، وهذا الشيء للأسف انسحب على الجانب الرياضي، فجميعنا نتذكر كأس العالم عام 1998، وما صاحبه من اتهام عربي لمنتخب البرازيل بتآمره مع منتخب النرويج لإخراج المنتخب المغربي الشقيق من البطولة، وشخصياً لم أكن مقتنعاً أن هناك مؤامرة لأنه لا يوجد سبب مقنع يجعل البرازيل تضحي بسمعتها من أجل التآمر مع النرويج لإخراج المغرب. وانتقلت العدوى للأسف إلى رياضتنا المحلية إذ أصبحت نظرية المؤامرة جزءاً لا يتجزأ من ثقافة جماهير الأندية الكبيرة، وعدد لا بأس به من الإعلاميين المحسوبين على تلك الأندية، فأصبحنا نعيش مصطلحات تعزز لنظرية المؤامرة كقول البعض أن اللاعبين اتفقوا على إسقاط المدرب، أو أن لجنة الحكام تعمل ضد نادينا، وهناك من يتهم اتحاد الكرة بأنه يعمل لخدمة فريق بعينه عبر لجانه، فيما يذهب آخرون لاتهام رئيس هيئة الرياضة بأنه يعمل ضد نادٍ أو أندية عدة. الغريب أن هذا الطرح تتم تغذيته من قبل بعض مسؤولي الأندية، الذين يحاول بعضهم الإسقاط على الآخرين لتبرير إخافقاتهم في إدارة النادي بالشكل الصحيح، والمشكلة ليست هنا بل هناك لدى المتلقفين لهذه الأكاذيب، لينسجوا القصص والسيناريوهات ثم يتبنون هذه الأكاذيب ويرسخونها في عقول المشجعين المغلوبين على أمرهم. الوضع أصبح لا يطاق خصوصاً في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي تنتشر معها الشائعات وقصص المؤامرات المبنية على خيال وأوهام، وهذا لا يعني أنه لا يوجد أخطاء في عمل أي شخص، بل الخطأ وارد وقد يكون متعمداً من قبل شخص أو اثنين ضد نادٍ أو مدرب أو لاعب، ولكن الأمر لا يصل لمرحلة المؤامرة التي تعني أن هناك عملاً جماعياً ومنظماً باتجاه واحد وهذا هو الأمر الذي أكاد أجزم أن وجوده من وحي الخيال. ولنقضي على هذا الظاهرة الخطيرة، أتمنى من الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي ممثلاً برئيسه رجا الله السلمي وفريقه الموقر، أن يتابعوا المشهد الرياضي وأن يضعوا قوانين صارمة وتطبيقاً أشد صرامه ضد من يتهم بنظرية المؤامرة من دون برهان جلي. ختاماً تابعوا من يتبنى نظرية المؤامرة وستجدون أنهم أشخاص ينتمون لأندية تعاني فنياً ونتائجياً، وعلاقتهم بنظرية المؤامرة علاقة طردية معيارها نتائج ومستويات فرقهم ومدى وجودهم في المنافسة، ولكن من الصعب جدًا أن يكون لديهم أدلة تثبت هذه النظرية وتدين المتآمرين وتقدمهم إلى العدالة، مجرد توقعات دافعها الميول والعواطف فتتحول إلى تعصب وكره للآخرين ومن ثم محاولة ترسيخ مفهوم المؤامرة بكل أسف.