يفوز الناس بالبدء، ويفشلون دائمًا في الاستمرار. المواصلة هي المنهجية الأكثر إرهاقًا، كفكرة ملحة تستوجب التطوير، أو كروح عمل يختبرها التنفيذ، والاختبار المتكرر. كل الأشياء تكون مغرية في البدايات، لها لمعان وسطوع مغرٍ، وتحمل معها عمرًا من البقاء، لكن إشعاعها يتلاشى مع التعود، ويتحول من حيث لا نشعر إلى فتور. الخلق الجديد أكثر جدوى من الترميم، وهذا ما يجعل الكثيرين يميلون للزهد بالمسارات القديمة، ويهربون. التجدد هو المفهوم المضاد للملل، تمَّ استحداثه لنفض التشابه، وبناء طرائق جديدة لطرقاتنا. تميل الأغلبية للبدء من جديد على أن يعودوا للبدايات، الرجوع ممتلئ بالأقدار القديمة، والمنعطفات المألوفة، والمواقف معروفة النتائج. كل انطلاقة جديدة، هي عمر آخر. البداية الجديدة -غالبًا- تحمل معها قدرًا مختلفًا، به الكثير من الشغف والتطلع والفضول، والرغبة الكبيرة بخلق التحديات، والفوز بها. كلها، كل ما سبق، يبرهن الرغبة والقدرة والمعرفة، وهي أشياء تدفع بنا من حيث لا نشعر، وتجعلنا نعيد الأخطاء -قبل النجاحات- بعد نهاية كل التزام، ورحيل. ما يميز البدايات هي الأسئلة. كل الاستفهامات محفزة للمواصلة، للغوص أعمق، والتفتيش المتواصل. عمر كل بداية يقف عند حد آخر إجابة. كل ما يأتي بعد الأجوبة هو تكرار للأسئلة القديمة، والأفكار الرتيبة، والرفض المعروف. الفكرة الأكثر رعونة تتمثل في صعوبة البدء من جديد. إن رشاقة "التكرار المتجدد" تحتاج لياقة استثنائية، ورغبة جادة، وعملاً متواصلاً. الأهم، كما أعتقد، أننا ننحاز لكل الأفكار القديمة مع البدايات الجديدة، دونما نشعر، وحتى لو زعمنا غير ذلك. والسلام..