نحن في هذه الأيام نعيش أجواء الكتاب والقراءة من خلال فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، والذي وجد صدى وحضورًا كبيرًا من قبل عموم الناس على اختلاف أعمارهم وأذواقهم العلمية والفكرية. ولاشك أن الإقبال على شراء الكتب هو ظاهرة محمودة وتدعو إلى الغبطة والسرور. وخلال تصفحي لوسم (هاشتاق) معرض الرياض من خلال تطبيق تويتر ظهر هناك بعض من الأسئلة التي تتحدث عن شعور الإدبار عن القراءة بعد الإقبال، والفتور بعد الحماس واللهفة في شراء الكتب. وقد سمعت من قبل سؤالا واستفسارا مشابها ومفاده: هل شعرت في يوم من الأيام بضعف الرغبة للقراءة؟ وإن حدث ذلك فكيف واجهته؟. هذه الأسئلة وغيرها هيضت قلمي وقلبي معا، وكانت من الأسباب الرئيسية التي دعتني لكتابة هذا المقال. ولاشك أن هذا النوع من الأسئلة ينبع من حب وعشق للقراءة، وليس العكس كما قد يتوهم البعض. القراءة حب، القراءة شغف، هي علاقة عاطفية تنبع من بين الضلوع لتنير وتثير العقول بالتساؤلات و الفكر. هي كالحبيبة قد يحدث بينك وبينها نوع من فتور العلاقة، أو تمر عليكما حالات الضعف، حيث تقل الرغبة الجامحة، ويخفت ضياؤها من حين إلى آخر. نعم، هو صحيح أنها تضعف، ولكنها لا تموت أبدا! تلك العلاقة بين القارئ والكتاب مبنية على القلب والعقل، فهي علاقة متينة راسخة تغذي الروح والفكر معا. وأما الفتور والملل بعد الرغبة واللهفة، فذلك أمر يعتري الإنسان في جميع أحواله. وتلك من جوانب فطرته في الإقبال والإدبار، والعزيمة والفتور، وكلها مشاعر وأحاسيس تتصارع داخله بسبب العشق والوله للكتاب. ابتداءً، لابد من اعتبار أن هذا الأمر عارض نفسي مؤقت، فكلنا تمر علينا لحظات نشعر فيها بضعف الرغبة في القراءة، وهو أمر صحيٌ لأنه من طبيعة البشر الملل، وتقلب بين الحماس والفتور، وبين قوة الانطلاقة والضعف في منتصف الطريق، ولكن المهم أن لا نتوقف أبدا عن المسير. وكما قيل في العبارة المنسوبة إلى ابن تيمية - رحمه الله-: العبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات. وعلى كل حال، حين نشعر بالفتور عن القراءة، فعلينا أيضا أن نبحث عن الحافز وهو أن نتساءل: لماذا نقرأ؟ فإذا وجدنا الإجابة واطمأنت لها أنفسنا، فقد شحنا مشاعرنا من جديد لمعشوقتنا القراءة.