في لقاء قصير وصفه مراقبون ب«الرمزي»، اجتمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قبيل جنازة البابا فرنسيس في الفاتيكان، في وقت يكثف فيه ترمب جهوده للضغط باتجاه إنهاء الحرب الدائرة بين روسياوأوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات. وعقب اللقاء، صرّح زيلينسكي عبر منصة «X» قائلاً: «ناقشنا الكثير من الأمور على انفراد، نأمل أن نحقق نتائج ملموسة في سبيل حماية أرواح شعبنا، ووقف إطلاق نار كامل ودائم»، واصفاً الاجتماع ب«الرمزي للغاية» مع إبداء أمله بأن يتحول إلى لحظة تاريخية إذا أفضى إلى نتائج حقيقية. مواقف متباينة ومن جانبها، وصفت إدارة ترمب اللقاء بأنه «مثمر للغاية»، وأكدت أن مزيداً من التفاصيل ستُعلن لاحقاً. وبحسب البيت الأبيض، استمر النقاش قرابة 15 دقيقة داخل كاتدرائية القديس بطرس، حيث ألقى البابا فرنسيس عظاته الأخيرة التي دعا فيها مجدداً إلى إنهاء الحرب بالحوار. وتشير أجواء اللقاء إلى رغبة مشتركة في خفض التصعيد، رغم اختلاف الرؤى بشكل جوهري؛ فبينما يحث ترمب على «محادثات رفيعة المستوى» بين روسياوأوكرانيا، ويضغط للوصول إلى تسوية سريعة قد تشمل تقديم تنازلات إقليمية، يتمسك زيلينسكي بموقفه الرافض لأي حلول تتضمن التنازل عن الأراضي الأوكرانية، وفي مقدمتها شبه جزيرة القرم. ضغوط على موسكو وفي وقت سابق من اليوم نفسه، نشر ترمب رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، طالب فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بوقف الضربات الجوية على كييف، قائلاً: «فلاديمير، توقف!». يأتي ذلك بعد قصف روسي مكثف للعاصمة الأوكرانية أدى إلى مقتل 12 شخصًا على الأقل، مما دفع ترمب إلى تشديد نبرته تجاه الكرملين. وذكر ترمب أن مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، أجرى محادثات مباشرة مع بوتن في موسكو قبل أيام، مشيرًا إلى أن الطرفين «قريبان للغاية» من التوصل إلى اتفاق لإنهاء النزاع، رغم أن موسكو لم تُبد بعد موافقة رسمية على الخطة الأميركية لوقف إطلاق النار لمدة ثلاثين يومًا. مستقبل القرم وفي المقابل، أكد زيلينسكي في بيان رسمي على أهمية «الضغط الحقيقي على روسيا» للقبول بوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط، داعيًا إلى تبني خطة تحقق «سلاماً موثوقاً ودائماً»، مشيراً إلى أن الدبلوماسية يجب أن تكون «فعالة وذات معنى حقيقي». غير أن تصريحات ترمب الأخيرة أثارت جدلاً واسعًا، إذ اعتبر في مقابلة مع مجلة «تايم» أن شبه جزيرة القرم «ستبقى روسية»، قائلاً: «الجميع يدركون أنها كانت مع روسيا منذ فترة طويلة»، وهو موقف يعكس رؤية الإدارة الأميركية السابقة تجاه ملف القرم، ويصطدم مباشرة بطموحات أوكرانيا في استعادة أراضيها المحتلة. إنهاء الحرب رغم أن لقاء ترمب وزيلينسكي جاء مقتضبًا ومحملاً بالرمزية أكثر من كونه مفاوضات رسمية، إلا أنه يكشف عن واقع معقد؛ حيث تسعى الولاياتالمتحدة بقيادة ترمب إلى تسريع إنهاء الحرب، ولو بثمن تنازلات صعبة، في حين يتمسك زيلينسكي برفض أي حلول تنتقص من سيادة بلاده. يبقى أن تتضح خلال الأسابيع المقبلة مآلات هذه الجهود، خاصة في ظل ترتيبات لعقد اجتماعات أخرى رفيعة المستوى قد تحدد مستقبل الصراع الروسي الأوكراني. ويعد هذا أول لقاء وجهي بين ترمب وزيلينسكي منذ المواجهة الحادة التي جمعتهما في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في فبراير الماضي. ورغم الترتيبات المسبقة لعقد اجتماع موسع، غادر ترمب العاصمة الإيطالية مباشرة بعد الجنازة متوجهاً إلى الولاياتالمتحدة، ما حال دون تنظيم لقاء آخر بينهما، بحسب ما أعلنه المتحدث باسم زيلينسكي، سيرهي نيكيفوروف. مقارنة موقف ترمب بين اللقاءين مع زيلينسكي: اللقاء الأول – مواجهة حادة وإهانات مباشرة (فبراير 2025): • الأجواء: انعقد اللقاء في المكتب البيضاوي وسط توتر شديد. ترمب كان غاضبًا من زيلينسكي بسبب مطالبات أوكرانية بدعم عسكري إضافي. • سلوك ترمب: وجه ترمب إهانات مباشرة لزيلينسكي، وقلل من أهمية بلاده، واعتبر أن أوكرانيا «دولة هامشية» تعتمد على الدعم الأميركي للبقاء، بحسب تسريبات لاحقة. • الموضوع الأساسي: تمحور حول الضغط الأميركي لتقديم تنازلات إقليمية لروسيا، مع انتقادات لزيلينسكي لرفضه العروض. • نتيجة الاجتماع: -انتهى اللقاء دون تقدم، وسط تدهور إضافي في العلاقات الشخصية بين الزعيمين، واعتبر بداية شرخ علني في الموقف الأميركي تجاه دعم أوكرانيا. -اللقاء الأول اتسم بالتصعيد الشخصي وكشف عمق الخلافات. اللقاء الثاني – مصافحة رمزية ومساعٍ دبلوماسية (أبريل 2025): • الأجواء: عُقد اللقاء قبيل جنازة البابا فرنسيس، في أجواء يغلب عليها الطابع الرمزي، مع قدر واضح من ضبط النفس والهدوء. • سلوك ترمب: ظهر أكثر حذرًا وبراغماتية، مع دعوات علنية لوقف الحرب ووقف إطلاق النار، وامتنع عن توجيه انتقادات شخصية لزيلينسكي خلال الاجتماع. • الموضوع الأساسي: مناقشة ترتيبات لوقف إطلاق نار كامل لمدة 30 يومًا، مع الضغط باتجاه مفاوضات سلام شاملة بين روسياوأوكرانيا. • نتيجة الاجتماع: - تفاهم مبدئي على أهمية إنهاء الحرب، مع استمرار الخلافات حول مستقبل الأراضي الأوكرانية المحتلة (خصوصًا القرم)، ولكنه لقاء أعاد فتح قنوات اتصال مباشرة. - اللقاء الثاني كان محاولة لترميم العلاقة وتركيز الجهود نحو حل دبلوماسي، رغم بقاء التناقضات الجوهرية بين الطرفين.