قبل أكثر من 100 سنة، كانت مكافحة الأوبئة محدودة جداً بسبب ضعف الإمكانات الطبية ووسائط تبادل المعلومات وكانت تعتمد على الهاتف والبريد فقط، مما نتج عنه ضعف في التوعيه والتقدير الخاطئ لمستوى الخطورة لهذه الأوبئة، مثل جائحة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918م التي قضت على ثلث سكان العالم، وأودت بحياة 50 مليون شخص بحسب التقديرات. والعالم اليوم يواجه وباءً جديداً شرساً، هو فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الذي أودى بحياة أكثر من 700 ألف شخص حول العالم حتى الآن، ويُهدّد حياةَ الملايين، ولكن هذه المرّة في ظِلّ ثورةٍ تكنولوجية واتصالية من أبرز ملامحها مشاركة المعلومات بواسطة منصات وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة، التي تتميز بسرعة هائلة ووصول إلى شرائح واسعة، إذ يَستخدم أكثرُ من 2.9 مليار شخص وسائل التواصل الاجتماعي. ويَستخدم الأفرادُ في وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الأدوات التفاعلية الرقمية، التي تُسهِّل توصيلَ المعلومات المطلوب نشرها وإبرازها وتأطيرها، بشكل يُميّزها عن غيرها من المعلومات، ويأتي "الهاشتاق" في صدارة هذه الأدوات. ويعدّ الهاشتاق علامةً يتمّ استخدامها لتصنيف بعض محتويات التغريدات أو المعلومات ذات الموضوع الواحد، بحيث يمكن إبرازها وتمييزها بشكل واضح عن بقية محتوى التغريدة، وتبدأ بإشارة #. أهمية كبيرة وفي دراسة تحليلية لمركز القرار للدراسات الإعلامية، تقول إن الهاشتاق يُمثّل أهميةً كبيرة في شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يلعب دوراً فعالاً في تنظيم المعلومات، وفلترة البيانات، وتصنيفها ضمن عناوين واحدة تُعبِّر عن طبيعتها، كما تُسهّل الهاشتاقات الوصولَ إلى جانبٍ مُعيّن من المحتوى بشكل سريع، وهو ما يُسهِم في زيادة عدد المتابعين، ويُستخدم الهاشتاق كذلك كأداةٍ لطرح موضوعات معيّنة في مختلف المجالات وإبرازها لتوسيع دائرة المتابعة والنقاش والمشاركة فيها. ولكي يُؤدّي الهاشتاق دوره بشكل فاعل، ينبغي أن يكون جديداً ومختلفاً وقصيراً، كما يتعيّن أن تكون كلمات الهاشتاق مُعبّرةً عن الموضوع دون تكرار أو إطالة، وألا تكون هناك مبالغة في عدد الهاشتاقات في التغريدة الواحدة، كما يَعمل الهاشتاق على حفظ التغريدات تحت اسم هذا الهاشتاق أو الوسم، لكي يسهل الرجوع إليها من خلال البحث باسم الهاشتاق فقط، وكأنه غرفة أرشيف خاصة بالشخص أو بالموضوع. وحينما تزداد المشاركات في الهاشتاق – ضمن منصّة تويتر – في وقت زمني معين، ومن موقع جغرافي محدّد، فإن الهاشتاق يَقفز إلى إحصائيةِ أفضل الموضوعات المتداولة، وبهذه الحالة يُعرَفُ بال "ترند"، وهو ما يعني دخول الهاشتاق ضمن قائمة أفضل الموضوعات المتداولة حسب الموقع الجغرافي. عزل وتباعد وعنيت الهاشتاقات بمُتطلّبات العزل الذاتي والتباعد الاجتماعي، وأن يقتصر التفاعل البشري على الوسائط والمنصات الاجتماعية الإلكترونية مثل فيسبوك وتويتر، فهي تُبقي على الحدّ الأدنى من التفاعل بين الأشخاص، وفي هذا الإطار تساعد الهاشتاقات على تبادل الأفكار والتجارب في ظِلّ الوباء، ما يجعل عمليات الإغلاق والحجر الصحي العام مختلفةً اليوم عما كانت عليه في العصور السابقة. وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي شريان الحياة للكثيرين في الأيام الأخيرة، في ظلّ بقاء نحو نصف سكان العالم في عزل داخل المنازل، وباتت تلك المنصات واحدةً من أسرع الطرق وأكثرها فعالية لتلقّي المعلومات من الجهات المختصّة بمكافحة الوباء، سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، كما أصبحت متنفساً لمشاركة التجارب والنصائح والموضوعات المُسلّية. خليكفيالبيت وبرزت خلال تلك الأزمة الصحية العالمية الطارئة، أهمية الهاشتاقات في نشر الوعي، حيث انتشرت هاشتاقات تدعو المواطنين للبقاء في المنازل لمنع تفشي الفيروس، وقد تفاعل مستخدمو موقع تويتر في السعودية بشكل كبير مع هاشتاق #خليكفيالبيت، حيث بلغ عدد المتفاعلين مع الهاشتاق (2,903,083) مستخدماً، من بينهم (1,421) مستخدماً من ذوي الحسابات المؤثرة. ومَثّلت التغريداتُ الأصلية في هذا الهاشتاق نِسبة 20.1 ٪، أما التغريدات المعاد تغريدها فكانت بنسبة 76.2 ٪، وشكلت الردود نسبة 3.7 %، وفيما يتعلق بالوسائط، مَثَّلت الصور نسبة 69.5 ٪، بينما مثّلت مقاطع الفيديو نسبة 30.4 ٪، ومثلت GIFs نسبة0.1 ٪. وارتبطت بهاشتاق #خليكفيالبيت مجموعة فرعية أخرى من الهاشتاقات، مثل #كورونا #السعودية #خليكبالبيت #كوروناالجديد. كما كان من أبرز الهاشتاقات التي حظيت بتفاعل واسع داخل المملكة هاشتاق #كلنا_مسؤول، إذ بلغ عدد المتفاعلين مع هذا الهاشتاق (2,989,823)، وعدد التغريدات تحت هذا الهاشتاق (574) ألف تغريدة، من بينها (1,416) تغريدة من حساب مؤثر. ومَثّلت إعادة التغريد داخل الهاشتاق نسبة 88.1 %، فيما احتلّت التغريدات الأصلية نسبة 8.8 %، كما مَثّلت الردود نسبة 3.1 %. وبلغت نسبة الصور المستخدمة داخل هذا الهاشتاق 69.5 %، بينما احتلت مقاطع الفيديو المرتبة الثانية بنسبة 30.5 %. منصّات فاعلة وتُعدّ وسائل التواصل الاجتماعي واحدةً من أفضل طرق مشاركة الأخبار في الوقت الحاضر، بل إنها قد تكون الطريقة الوحيدة لبعض الأشخاص، خاصة إذا كنت تحاول التنبيه من شيء خطير بطريقة سريعة جداً. وفي ظِلّ أزمة كورونا، كان من اللافت قيام المشاهير من الرياضيين والفنانين وأصحاب الحسابات المؤثرة، عبر مجموعة متنوعة من منصات وسائل التواصل الاجتماعي، بنشر رسائل توعوية تحث الجماهير على اتخاذ كافة الاحتياطات ضد كورونا، واتباع الإرشادات الطبية، فالجمهور يَميل أكثرَ للاستماع عندما تتحدّث إحدى هذه الشخصيات، أو تشارك رسالةً عبر وسائل التواصل الاجتماعي. تجاوز الأزمة ويقول أستاذ الاتصالات في جامعة ستانفورد ومدير مختبر ستانفورد لوسائل الإعلام الاجتماعي جيف هانكوك إن النقاشات حول فيروس كورونا، وخاصة تلك التي تَحدث على مستوى المجتمع، يمكن أن تساعدنا في تجاوز هذه الأزمة. ويرى هانكوك أن هذه المناقشات "تعكس كيف يفكر المجتمع ويتفاعل مع الأزمة"، كما يَستخدم العلماءُ وخبراء الصحة العامة الآخرون أيضاً وسائل التواصل الاجتماعي، للانخراط بشكل مباشر مع الجمهور، أو مناقشة البحوث الناشئة، بينما يستخدمها قادة المجتمع لتشكيل شبكات متطوّعين مخصّصة لمساعدة الجيران الضعفاء. ويوضح هانكوك أنه "في كثير من الأحيان نَعتقد أن القلق أمر سيئ، لكن في بعض الأحوال يكون ردَّ فعل مناسباً، يُشير إلى أن الناس تُولِي الأمرَ المزيدَ من الاهتمام". وفي ظِلّ التباعد الاجتماعي، يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي أداةً مفيدة لتسهيل الاتصال وتبادل الرؤى والخبرات، بحيث يستفيد أطباء الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية لمكافحة كورونا، بمشاركة تجاربهم على نطاق واسع، لتعزيز عمليتي التعليم والتعلّم في مواجهة تلك الأزمة المتفاقمة. تغيير المجتمعات وبخلاف دورها كمنتدى مجتمعي، يرى الخبراء أن وسائل التواصل الاجتماعي تعمل بالفعل على تغيير الطريقة التي يَنظر بها المجتمع إلى تفشي الوباء وبالتالي إلى استجابته، إذ تعطينا الصورُ والبيانات من الأماكن المتضرّرة بشدة، مثل الصين وإيطاليا، سبباً كافياً للاستعداد لحدث ننتظر قدومه، وبالتالي يجب النظر إلى مواقع التواصل الاجتماعي كأداةٍ أساسية في التأهّب والاستجابة لذلك الخطر والتغلّب عليه وتجاوزه. ويرى بعض الخبراء أن جرعة صحية من الخوف، قد تكون ما نحتاج إليه خلال أزمة محتملة قد تغيّر العالم مثل أزمة كورونا، حيث يقوم مسؤولو الصحة العامة عند صياغة رسائل عن المخاطر الصحية أثناء تفشّي الوباء، باستخدام مستوى معتدل من إثارة الخوف، وهو ما يزيد من تفاعل المستخدمين. بعبارة أخرى، أن يتم دمج تلك المخاطر مع معلومات مفيدة تساعد الأشخاص على حماية أنفسهم أو تشخيص الأعراض، لتصبح رسالة اتصال صحية قوية وقابلة للتنفيذ، تحظى بمشاركة على نطاق واسع بين السكان. معلومات موثوقة من جهته، يعمل موقع تويتر مع السلطات الصحية المعترف بها، للتحقّق من الحسابات التي تُشارِك معلوماتٍ موثوقةً حول كورونا، حيث يقوم بتحديد حسابات الخبراء من خلال عناوين البريد الإلكتروني المرتبطة بالمؤسسات الموثوقة. كما طرح موقع إنستغرام ملصقاً جديداً لنشر رسالة "البقاء في المنزل" أو Stay Home، وذلك في الوقت الذي يعاني فيه العالم من انتشار فيروس كورونا، حيث يمكن تمييز هذا الملصق الجديد في قصص إنستغرام، وذلك من خلال الضغط على أيّ قصة تَحمل هذا الملصق، ليرى المستخدم كيف يحافظ أصدقاؤه على سلامتهم في المنزل في ظلّ التباعد الاجتماعي، كما أتاح إنستغرام طريقةً جديدة لتصفّح المنشورات مع الأصدقاء عبر دردشة الفيديو.