أتم المؤرخ والكاتب محمد القشعمي المولود عام 1944م، عامه ال76 بعطائه الممتد، عبر ثلاثة أرباع القرن والذى تنوع مابين الأدب والصحافة والعمل الثقافي والنشاط الرياضي، 21 عاماً وهو يكتب ويدوّن ويرصد ويحاضر ويخوض في سير الأعلام الذين ابتعدوا عن الإعلام والظهور بسبب ظروف الحياة وما زالت أسماؤهم وأعمالهم شاهداً عليهم ليومنا الحاضر. "الرياض" تحدثت للقشعمي الذي يمضي جل وقته في مكتبته، حيث زف لنا ثلاثة مؤلفات وهي: "النشاط الثقافي المبكر في مصر" و"أعلام في الظل الجزء الثاني"، و"المجالس الأدبية السعودية في الخارج والداخل". ويُعد القشعمي نموذجًا لظاهرة المثقف الموسوعي، حيث بدأ من مأمور للأرشيف في إدارة رعاية الشباب بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عام 1962م، مروراً بإدارة الشؤون الثقافية برعاية الشباب ومكتبة الملك فهد الوطنية. لقاء العمالة ويتحدث الروائي أحمد الدويحي عن محمد القشعمي قائلاً: عرفته للآسف في مرحلة متأخرة بالصدفة، وكان ذلك في معرض للكتاب بدمشق أواخر الثمانينات الميلادية، ولكنه كان لقاء ثميناً وزاخراً بحضور شخصيتين أدبيتين بارزتين، هما الرائد الأستاذ عبدالكريم الجهيمان، والروائي العملاق الأستاذ عبدالرحمن منيف - رحمهما الله -، وأطال في عمر أبي يعرب، وتوطدت صداقتي به من تلك الصدفة. وأضاف كان القشعمي عرّابا لطباعة أعمالي الروائية الأولى، وبالذات "ثلاثية المكتوب مرة أخرى"، و"مدن الدخان"، واستفدت من معرفته الشاسعة بدور النشر، فالقشعمي ورّاق من طراز رفيع، قضي حياته بين الكتب سواء في عمله بمكتبة الملك فهد، أو في مكتبته الشخصية نادرة في بيته، ولم أر مثقفاً يملك مكتبة بحجم مكتبته، فيصعب جداً أن تطلب كتاباً أو دورية ولا تكون في مكتبته، وقد تبرع بجزءٍ كبير منها أخيراً. وأوضح الدويحي أن القشعمي رجل قارئ وباحث أصيل، ويملك ذاكرة قوية، وعلاقات شاسعة في داخل الوطن وخارجه، ولا أبالغ إذا قلت بأنه مؤسسة ثقافية متحركة، حمل على كاهله عبء جانب من البحوث والدراسات، وهو ما يمكن أن تقوم به جامعة، ويكفي إلقاء نظرة على أبحاثه ودراساته المتنوعة، لندرك حجم الجهد المقدّر الذي بذله، والغريب أنه لم يبدأ في مشروعه الكتابي المتنوع إلا متأخراً، وكأنه وجد فراغاً في المشهد الثقافي لابد ملؤه، وهو لم يكن يتورع عن تقديم أي مشورة أو خدمة، لأي كاتب مبتدئ بطيب نفس ومحبة بدون تمييز، لكن يظل هناك جانب مهم في شخصية هذا المثقف النبيل، شهدته وعشته ووقفت معه جنباً إلى جنب، أعني به التفاني في خدمة الرائد الكبير الأستاذ عبدالكريم الجهيمان -رحمه الله- إنسانياً وثقافياً، فقد نذر نفسه ليكون إلى جانب هذا الشيخ الجليل الذي تجاوز عمره قرناً من الزمان، ومهما أسعفتني الذاكرة سأظل قاصراً في ذكر مناقب القشعمي تجاه الجهيمان، حيث شاركته في أمسيات كثيرة تعني بالأستاذ الجهيمان، كان يعدها ويرتب لها. واختتم الدويحي لم أقل ما ينصف الرجل، ولكن أثق أن هناك الكثير يعرفون قيمته، وسيأتي اليوم الذي ينال فيه ما يستحق. أعمال جلية وبيّن رئيس نادي جدة الثقافي سابقاً الدكتور عبدالمحسن القحطاني، أن القشعمي قدم لطلبة العلم والباحثين خدمات جليلة في تزويدهم بمعلومات من بطون صحف ومجلات لا تلبث أن تنسى بعضها يعيش لساعات والأخرى أياماً، فإذا به يبعثها من مرقدها من جديد لأنه يضيفها مع مجايليها لينتقي منها ما يريد، معتمداً على الوصف والإبراز مما يجعل لها حياكة متجددة وحركة دائمة بعد أن أوشكت أن تكون نسياً منسياً. الدويحي: ورّاق من طراز رفيع القحطاني: قدم لطلبة العلم والباحثين خدمات جليلة