أكد الباحث والمؤرخ محمد القشعمي أنه ولج إلى مجال الكتابة والتأليف في سن متأخرة، ولم يتحصل على شهادة أكاديمية، «كان الدافع إلى ذلك ينبع من رغبتي الداخلية وحبي للتعلم والمعرفة، وخصوصاً أنني أعمل في مكتبة الملك فهد الوطنية، ما مكنني من التوسع في البحث والتأليف والكشف عن المعلومات والمصادر». وزاد: «لقد حاولت التوثيق لجيل الرواد من المثقفين والصحافيين السعوديين وتتبع إنتاجهم، وكان من أساتذتي في بداياتي الأديب السعودي الراحل عبدالكريم الجهيمان». جاء ذلك في ليلة الاحتفاء بالقشعمي في الصالون الأدبي «الإثنينية» في جدة مساء الإثنين الماضي. وقال مؤسس الإثنينية عبدالمقصود خوجة: «نحتفي الليلة برمز من رموز الأدب والتاريخ في بلادنا، فهو الباحث والمهتم بالشأن الثقافي والصحافي، وقد مكنته موهبته من إماطة اللثام عن جيل الرواد من الأدباء والصحافيين السعوديين وتعريفنا بهم، وجهوده كبيرة ومباركة في أكثر من 30 كتاباً توثيقياً عن الثقافة في السعودية». وقال القشعمي: «لقد تفاجأت حقاً بدعوة الشيخ عبدالمقصود للتكريم في صالونه الشهير، إذ إنني لم أفعل شيئاً يستحق هذا الاحتفاء فأنا لا زلت تلميذاً وحاطب ليل أسعى من خلال القراءة والكتابة إلى مزيد من التعلم». وتحدث القشعمي خلال الأمسية عن محطات في حياته العلمية والعملية، وقال: «لقد اجتهدت في تتبع مقالات الكتاب والمثقفين والصحافيين وتوثيقها في كتب، لتعد مرجعاً لكل باحث ومهتم»، موضحاً هوسه بتلك الشخصيات الرائدة، «وخصوصاً أنني تعايشت معهم وتنقلت بين ما سطروه، فملأوا عليّ كياني وأصبحت منشغلاً بهم حتى في أثناء نومي»، معتبراً صحافة الأفراد «العصر الذهبي للصحافة في السعودية». وفي رده على إهمال اللغة العربية ألقى القشعمي اللوم على أساتذة الجامعات، «لأنهم يتحملون المسؤولية كاملة في تنمية اللغة وتعزيزها في نفوس الطلاب، ولا يجب أن تستمر تلك الحالة إلى الآن». وأكد أنه بصدد إصدار مجموعة من الكتب ومنها كتاب «أعلام في الظل»، يتناول فيه سير عدد من الرواد الذين كانت لهم بصمات ملموسة، «ولكنهم كانوا بعيدين عن الأضواء مثل أحمد عبيد وآخرين»، مشيراً إلى كتابه عن المرأة الرائدة الذي يتطرق فيه إلى سير النساء المؤثرات في السعودية وفي فترة باكرة جداً. وبيّن القشعمي أن أهم كتبه هو كتاب «الفكر والرقيب»، «وقد منع من وزارة الإعلام ولم يفسح، وأنا الآن بصدد إخراجه في طبعة جديدة ومنقحة ستصدر في معرض الكتاب المقبل بالرياض، كما أن لدي طبعة رابعة عن الأديب والروائي السعودي الراحل عبدالرحمن منيف، والذي تربطني به علاقة جيدة تمتد إلى أكثر من 15 عاماً قبل رحيله». وخلال المداخلات الكثيفة قال عبدالمحسن القحطاني: «إن القشعمي شخص عصامي علّم نفسه بنفسه وكوّن ذاته بمفرده فهو قليل الكلام غزير المعلومة صادق التوثيق». فيما أكد عبدالله فراج على دور القشعمي في توثيق الحركة الثقافية والصحافية في السعودية. وقال محمد المشوح: «إن القشعمي يقول ما لا يقوله غيره، وقد عقد قرانه مع القلم في سن متأخرة، لكنه كان مثالاً للأديب والمؤرخ المجتهد». في حين أكد حسين بافقيه على ريادة القشعمي في مجاله وتخصصه في البحث والتوثيق، «لأنه ظاهرة قرائية ممتازة وله نمط خاص في الكتابة، قرأ فكتب، وخصوصاً أنه حول مهنته في مكتبة الملك فهد إلى وعي وضمير، لينقل لنا ما سطرته كتبه من المعارف والمعلومات، كما أنه لم يتبن منهجاً آيديولوجي في التأليف». وبيّن عبدالله مناع أهمية الدور الذي يقوم به القشعمي، فقال: «لقد كان مفاجأة للوسط الثقافي حتى أصبح المتخصص في حفظ ذاكرة الوطن وذاكرة الصحافة السعودية». وأشار الأمين العام لمكتبة الملك فهد الوطنية محمد الراشد إلى دور القشعمي واجتهاده في عمله بالمكتبة، وحرصه على حفظ كل صغيرة وكبيرة يمر عليها. يذكر أن الأمسية حضرها عدد كبير من المثقفين والأدباء والإعلاميين واستمرت حتى ساعات متأخرة من الليل.