في مشهد مهيب جمع كل المشاعر، انهمرت دموع الفرح والاشتياق من مقل رواد المسجد النبوي وهم يتدفقون للحرم الشريف الذي أشرع أبوابه لاستقبالهم بعد مضي أكثر من شهرين على تعليق حضورهم ضمن الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تم اتخاذها لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد، حيث شمل القرار الأول بتاريخ 22 رجب المساجد والجوامع مستثنيا الحرمين الشريفين ثم تلاه بيومين قرار تعليق حضور المصلين لهما مع استمرار أداء الصلوات فيهما. وتتابعت الصور والمشاهد لمن ابتدروا المكان الطيب الطاهر بسجود الشكر، ومن رفعوا الأكف مبسوطة ضارعة مستبشرة بالإجابة في مكان يضم الثرى الطاهر للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، والروضة الشريفة، وبقعة تحفها ملائكة الرحمن، وتنبض قلوب قاصديها عامرة بالإيمان. د. الحذيفي إماما لأول صلاة وقد أم المصلين في المسجد النبوي في صلاة الفجر الشيخ د. علي بن عبدالرحمن الحذيفي الذي ألقى عقب الصلاة كلمة حمد الله عز وجل فيها وهنأ المصلين بعودة الصلوات جماعة في المساجد، وقال: من عذر فيما مضى فأجره موصول على الله عز وجل، وهو سبحانه وتعالى خلق هذه الدار وابتلى فيها بالخير والشر، ليعلم من يشكره وليعلم من يصبر، قال تعالى: "ونبلوكم بالشر والخير فتنة"، وربنا لا يقضي قضاء شرا محضا وإنما قضاؤه وقدره فيه الحكم، وبه الرحمة، والمعاملة بين ربنا تبارك وتعالى وبين خلقه كتبها على نفسه بالرحمة، قال تعالى: "ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون". وأضاف: نحمد الله تبارك وتعالى أنه لا يدوم شر وأن الله رفع هذا البلاء فهو في انحسار، فادعوا الله تبارك وتعالى في كل مكان أن يرفعه عن الأمة، وهذا يذكرنا بما كنا فيه قبل هذه الشدة من النعم والأمن ويسر الانتقال وجماعات المساجد. وقال الشيخ الحذيفي: أثبتت المملكة أنها أدارت هذه المحنة بكفاءة ولله الحمد حتى فاقت الدول الكبرى، وهذا بتوفيق الله عز وجل، ثم بما في هذه البلاد من الخير والإسلام، وبما جعل في قلوب ولاتها من الرحمة والعطف على المسلمين، وبما أفاء الله عليها من الخيرات، ونذكر بالالتزام بالإرشادات التي صدرت عن وزارة الصحة فالتوكل على الله عز وجل والعمل بالأسباب مطلوب شرعا، ونوصيكم بالدعاء أن يرفع الله الغمة وأن يصلح الأحوال. ودعا إمام المسجد النبوي الله سبحانه وتعالى أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين لما فيه خير البلاد والعباد، وأن يعينهما لكل خير، وأن يكشف هذه الغمة عن الأمة ويحفظ بلادنا وبلاد المسلمين، وأن يرفعها عن عباده إنه على كل شيء قدير، وأن يعيذ المسلمين من مضلات الفتن، وأن يدفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وأن يحفظ جنودنا المرابطين والعاملين، وأن يوفق منتسبي الصحة. رعاية وعناية وفي تصريح له، رفع الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ د. عبدالرحمن السديس شكره وتقديره للقيادة الرشيدة بمناسبة صدور الموافقة الكريمة بفتح المسجد النبوي تدريجياً مع مراعاة الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي تحد من انتشار الجائحة العالمية، مشيدا بحرص ولاة الأمر - حفظهم الله - وما تفضلوا به من رعاية كبيرة وتوجيهات حكيمة وإجراءات وقائية استباقية اتخذت لتوفير أقصى درجات الحماية للمواطنين والمقيمين والتي أسهمت بعد عون الله وتوفيقه في نجاح جميع الأعمال القائمة بالحرمين الشريفين، مؤكدا أن ما تحقق من نجاحات على كافة الأصعدة يأتي امتدادًا للعناية الفائقة من لدن القيادة الرشيدة بالحرمين الشريفين ومنتسبيهما، وتأكيدًا على أن منظومة الحرمين الشريفين ومنظومة الخدمات المقدمة لقاصديهما من ضيوف الرحمن تأتي في مقدمة أولوياتهم، داعيا الله سبحانه وتعالى أن يديم على بلادنا الحبيبة الأمن والأمان في ظل حكامنا الميامين، وأن يرفع عنا وعن العالم أجمع الوباء، إنه ولي ذلك والقادر عليه. المنبر والمحراب قرار فتح الحرم الشريف والمساجد للمصلين بعث الأمل مجددا في النفوس بانجلاء الجائحة التي جثت على النفوس، وأثارت المخاوف، وفرضت التباعد، وألقت بظلالها على الحياة الدينية والاجتماعية وامتدت آثارها لمختلف القطاعات، ليعود الدور المساند للمحراب والمنبر في مجابهة الأزمة توعويا، كما تصدى للأفكار المتطرفة والهدامة بالحجة والبرهان، وهو ما أكد عليه وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ د. عبداللطيف آل الشيخ بتوجيهه الأئمة بتوعية المصلين بضرورة اتخاذ الإجراءات الاحترازية، وضرورة التعاون من الجميع واتباع الإرشادات الصحية. تعزيز الإجراءات الاحترازية من جهته، أكد الوكيل المساعد للعلاقات والشؤون الإعلامية بالوكالة جمعان العسيري، أن الوكالة عززت إجراءاتها الاحترازية والوقائية لحماية المصلين والزائرين من الفيروس، وأن الخطة تضمنت تخصيص أبواب محددة لدخول المصلين، ووضع كاميرات الكشف الحراري على الأبواب المخصصة للدخول، بالإضافة لرفع سجاد التوسعات والساحات كاملاً، على أن تكون الصلاة على الرخام، وغسل وتعقيم أرضيات الحرم الشريف وساحاته بعد كل صلاة، إلى جانب فتح القباب والمظلات بشكل دوري لتجديد التهوية، ورفع حافظات زمزم وإيقاف توزيع عبوات زمزم للحد من انتقال العدوى، ووضع خطوط أرضية لتحقيق تباعد الصفوف فيما بينها ولاستقامة الصفوف، ووضع علامات على هذه الخطوط لتحقيق التباعد بين المصلين، مشيرا إلى استمرار تعليق سفر الإفطار والإطعام، وكذلك تعليق إقامة الدروس العلمية وحلقات تحفيظ القرآن الكريم والمتون العلمية، واستمرار إغلاق المسجد النبوي بعد صلاة العشاء وفتحه قبل الفجر بساعة، وإطلاق حملة إعلامية للتوعية بالإجراءات الاحترازية المطلوبة أثناء الحضور للصلاة والتعاون مع وزارة الصحة لتأمين فرق طبية على الأبواب الرئيسة. التزام بإجراءات التباعد دعاء وتضرع قياس درجة حرارة المصلين باب السلام مغلق (عدسة/ عبدالجبار بخش) أبواب الحرم القديم تباعد المصلين داخل التوسعة المسجد النبوي استقبل المصلين من جديد