أجمع أكاديميون واستشاريون بأن المبضع الجراحي الذي استخدمته المملكة العربية السعودية لدرء وباء كورونا المستجد عن المواطنين والمقيمين على أرضها استخدم بمهنية الجراح المحترف الذي لا يجيد استخدامه إلا الجراحون الماهرون، واعتبروا أن جل الإجراءات التي اتخذتها أفضت إلى نجاحات باهرة (رغم وجود زهاء الستة ملايين مقيم، ومئات الآلاف من المعمرين ومن عشرات الجنسيات على أرضها في مكةالمكرمة والمدينة المنورة) وأبقت مواطنيها والمقيمين على أرضها في مأمن (بعد الله) من الإصابة بهذا المرض الخطير. ولفتوا في حديث موسع مع "الرياض" إلى أن هذه الاحترافية والمهنية العالية اكتسبتها من عقود من الزمن في التعامل مع الفيروسات والأوبئة المتنوعة التي وفدت إلى المملكة في مواسم الحج، مما أكسبها في تعاملها الأخير من احترام وتقدير منظمة الصحة العالمية التي نظرت وتنظر بإعجاب شديد لهذا العمل المهني الناجع. المملكة وتقدير منظمة الصحة العالمية وصف الدكتور مشبب عسيري "استشاري الأورام والعلاج بالأشعة، مدير المركز الوطني للأورام في مجلس الصحة السعودي" ما قامت به المملكة من إجراءات احترازية عالية الدقة عند المنافذ الحدودية للمملكة، تجاه الأشخاص الذين زاروا دولاً موبوءة بفيروس كورونا الجديد بأنها جاءت نظير خبرة متراكمة من التعامل مع وباء كورونا السابق؛ لكون الفيروس كورونا الحالي متشابهاً مع كورونا السابق إلى حدٍ ما، لافتاً إلى أن تعامل المملكة مع كورونا سابقاً أكسبها تجربة وصفها بالثرية جداً، وذلك كله دفع وزارة الصحة لاتباع إجراءات ممتازة، حيث حددت مستشفيات سابقة للمرضى الذين لديهم أعراض تنفسية، يضاف لذلك تجهيز عالٍ في المراكز والمستشفيات في جدةوالرياض وبعض المناطق، كما عملت فرزاً للحالات التي لديها أعراض تنفسية في كافة أقسام الإسعاف في المستشفيات السعودية، وهذه الإجراءات هي ذات الإجراءات السابقة، مبيناً أن الأعراض متقاربة جداً وكذلك العناية والعلاج قريب مشيداً بما تم توفيره من إمكانات. وتابع د. مشبب: مرحلة وجود كورونا السابق (متلازمة الشرق الأوسط) دفعت وزارة الصحة إلى استقطاب استشاريين كبار في الأمراض المعدية ووضعتهم في الإدارة العليا للوزارة، فلعبوا دوراً كبيراً في تحسين الإجراءات التي اتخذتها الوزارة، وبالتالي تم القضاء على كورونا، مكرراً إشادته بإجراءات وزارة الصحة، مؤكداً أن من شأن تلك الإجراءات لعب دور كبير في الحد من وجود هذا المرض أو انتشاره، ولفت إلى أهمية خطوة المملكة في التنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي ومتابعة كل من هو على أراضيها خصوصاً المسافرين منهم لاسيما للدول التي سجلت فيها حالات إصابة بفيروس كورونا، مشيراً إلى أن خطورة كورونا تكمن في أنه لا يظهر على المصاب إلا بعد فترة أسبوع أو أكثر وبالتالي قد ينقل المرض لأشخاص آخرين دون أن يشعر، لذا جاءت خطوة المملكة التي هي في غاية الأهمية لمحاصرة هذا الوباء الذي يتطلب تعاون الجميع من المواطنين والمقيمين مع الجهات الصحية في المملكة، وهذا بالطبع ينطبق على بقية دول الجوار ودول العالم، معتبراً أنه الحل الوحيد في ظل هذه الظروف الصحية، وشدد د. مشبب عسيري على أن المملكة عضو فعال في منظمة الصحة العالمية، وتدفق المعلومات إلى المملكة ممتاز، كما أن المملكة تمتلك بنية صحية تحتية ممتازة فيما يتعلق بجوانب العدوى، لافتاً إلى امتلاك المملكة خبرة عريضة فيما يتعلق بالأمراض المعدية، وهذه الخبرة اكتسبتها المملكة من مواسم الحج عبر عقود من الزمن الذي يأتي فيه ملايين الحجاج من أصقاع الأرض ويحملون معهم أمراضاً مختلفة استطاعت بفضل الله مواجهتها باقتدار، ومن ذلك التهاب السحايا، وإنفلونزا الطيور وغيرهما من الأمراض. خبرة طبية متراكمة أكد الدكتور خالد الخميس - استشاري جراحة القلب، مدير مركز الأمير سلطان لمعالجة أمراض وجراحة القلب في الأحساء - أن ما قامت به حكومة خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - من مكافحة مرض كورونا المستجد يعكس بجلاء حجم الاهتمام بصحة كل إنسان يعيش على تراب هذا الوطن مواطناً كان أم مقيماً، كما يعكس خبرة المملكة الواسعة في هذا المجال، فتجربتها السابقة مع كورونا الشرق الأوسط منحها مكانة متقدمة على الصعيد العالمي في المجال الصحي سواء كان في الوقاية أو العلاج أو في علاج المضاعفات، فمنظمة الصحة العالمية تثق في جهود وإمكانات المملكة، وثمن الدكتور خالد جهود الدولة - رعاها الله - الكبيرة، وأشاد بها، وهي واضحة للعيان، ويلمس المواطن والمقيم هذا البذل والسخاء لتوفير أقصى درجات الاهتمام والرعاية عبر اهتمام ضخم من وزارة الصحة، وفي ذات السياق أثنى على اهتمام قادة دول الخليج بالتنسيق المعلوماتي المتقدم مع المملكة المتعلق بكورونا، معتبراً أن هذا دليل على حرص القادة والمسؤولين على المواطنين، ورفع د. الخميس شكره لمقام خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين - يحفظهما الله - وأن يحمي بلادنا من كل سوء ومرض. تاريخ من التصدي للأوبئة ورأى الدكتور عبدالله العبدالقادر - استشاري أول تشوهات القلب الخلقية والقسطرة الكهربائية في مركز الأمير سلطان لمعالجة أمراض وجراحة القلب بالأحساء - أن المملكة العربية السعودية تُعد من أقوى الحصون الصحية على مستوى العالم أجمع، والوضع الحالي لوباء كورونا الجديد COVID-29 وصمود المملكة المشهود أمام العالم أجمع إنما هو نتاج خبرات تراكمية اعتاد عليها المواطن والمسؤول على حدٍ سواء، والمملكة بتاريخها الطويل الذي هو تاريخ جزيرة العرب وكمعبر دولي مهم بحري وبري على مر التاريخ كانت ولاتزال مستقبلة تيارات من الأوبئة على مر التاريخ، فتكونت ثقافة التعامل مع الوباء بل وأصبحت موروثة وتعززت في العصر الحديث بالإمكانات الضخمة والتعزيزات العتيدة التي توليها الدولة - أعزها الله - لكل ما يتعلق بصحة البشر على هذه الأرض الطيبة، لافتاً إلى أن فكر الأوبئة والتعامل معها هو جزء من كيان السعوديين، وتعززه في هذه الأيام الجهود الحثيثة والتنظيم الراقي الذي يقوده المركز الوطني للوقاية من الأمراض ووقايتها لوزارة الصحة، والذي يحظى بدعم واهتمام كبير من مقام حكومة خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله -. كليات الطب ودورها الدكتور عبدالرحمن الملحم - وكيل كلية الطب البشري للدراسات العليا والبحث العلمي في جامعة الملك فيصل - أوضح أن اهتمام المملكة جاء منذ اللحظات الأولى لبدء الأزمة في الصين، حيث بذلت الجهود على جميع المستويات، لافتاً إلى أن التعامل مع كورونا السابق (متلازمة الشرق الأوسط) منح المملكة سمعة قوية في التعامل مع هذه النوعية من الأمراض، ولفت إلى امتلاك المملكة كوادر طبية على مستوى عالٍ في مجال الفيروسات والأوبئة وغيرهما مما مكنها من مجابهة مرض كورونا السابق وغيره من الأمراض الوبائية، كما أشاد بالتجهيزات التي تمتلكها المملكة التي وصفها بأنها على أعلى مستوى، مثمناً للقيادة - حفظها الله - دعمها المستمر لكل ما من شأنه تقديم الرعاية الطبية للمواطن والمقيم على هذه الأرض، فاستطاعت اكتشاف الأمراض مبكراً التي قد تدخل للمملكة، والدليل أننا من الدول القليلة التي دخلها هذا الفيروس. وأشار د. عبدالرحمن إلى أن كليات الطب في جامعات المملكة وتحت مظلة وزارة التعليم تقوم بدورها الداعم لجهود وزارة الصحة عبر البعد التوعوي والقيام بأي دور يوكل لها وترى أهمية القيام به لتعضيد جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين في هذا المجال. بدوره اعتبر عبدالحميد العمير مدير الشؤون الصحية بمحافظة الأحساء أن جهود وزارة الصحة لمواجهة فيروس كورونا المستجد كبيرة ونوعية، مؤكداً أن كافة الإجراءات التي اتخذت هدفها كان حماية المواطنين السعوديين والمقيمين، وتصب في مصلحة الإنسان والوقاية من المرض وعدم دخوله المملكة أو انتشاره. وزارة الصحة والمتابعة الدقيقة وأكد الدكتور مراد الناصر مدير مستشفى الملك فهد بالهفوف أن وزارة الصحة استنفرت جهودها مبكراً منذ اللحظات الأولى لظهور كورونا المستجد في الصين حتى قبل انتشاره لأي دول أخرى، فبدأت مرحلة الاستعداد الداخلي تحسباً لوصول هذا المرض - لا قدر الله - إلى بلادنا، وانطلقت بمستوى مركز في بعض المستشفيات الرئيسة عبر التركيز على 25 مستشفى في عموم مناطق المملكة وبدأت المتابعة اليومية المكثفة في هذه المستشفيات وفق مؤشرات معينة ومتابعة ميدانية دقيقة لتقييم الوضع وإرسال تقارير يومية للمستشفيات وأبرز ما تم رصده من ملاحظات والعمل على تحسينها فوراً، وكذلك تم عمل لوحة بيانات لتوفير المستلزمات واللوازم الطبية المستخدمة لمنع انتقال العدوى في جميع تلك المستشفيات، كما تم تأمين أسرّة كافية للعزل، وتم تزويد المستشفيات بأدلة صحية لكيفية التعامل مع حالات الاشتباه أو الحالات المصابة والطرق الطبية للتعامل معها. وعد د. مراد التنسيق بين المملكة ودول الخليج المجاورة المتعلق بتزويدنا بالمعلومات المتعلقة بالراغبين في الدخول للمملكة بأنه إجراء متقدم جداً ويعكس حرفية عالية ستحد حتماً من انتشار مثل هذا المرض الخطير في منطقتنا، ولفت د. مراد إلى أن المستشفيات في المملكة وبمتابعة من مقام وزارة الصحة تتبع سلسلة من الإجراءات الوقاية للحد من انتشار هذا المرض، مؤكداً حرص العاملين في الحقل الصحي وبتوجيه ومتابعة من القيادات في وزارة الصحة بتقديم أفضل صور الرعاية والخدمة الطبية لكل مراجع سواءً كان مشتبهاً به أو مصاباً أو حتى مراجعاً بصورة عادية، مستدركاً بأن هناك قطاعات أخرى تعمل جنباً إلى جنب مع وزارة الصحة كوزارة الداخلية ممثلة في الجوازات والجمارك كلها تعمل لتشكل جسر حماية دون دخول ومكافحة هذا الفيروس لبلادنا. الطب البشري والبيطري معاً الدكتور إبراهيم الشبيث - متخصص في صحة البيئة - وصف الآلية التي اتبعتها وزارة الصحة في المملكة لمواجهة فيروس كورونا المستجد بأنها عالية في الاحترافية والمهنية، كما أشاد بالوعي الذي بات يمتلكه المواطنون في الاستجابة لتعليمات وزارة الصحة لمنع الإصابة بهذا المرض. واعتبر د. إبراهيم الإيقاف المؤقت لدخول المملكة بغرض العمرة بأنه خطوة غاية في الأهمية، وتنم عن حرص ووعي شديدين من مسؤولي الصحة في البلاد لخطورة الإصابة بهذا المرض في مواقع تكتظ بالزوار والمعتمرين، فجاء الإجراء محبة ورعاية عظيمة من بلد أخذ على عاتقه ليس صون أمن الحجاج والمعتمرين وحسب بل حتى رعايتهم صحياً والحفاظ على أرواحهم قبل وبعد زيارتهم أطهر بقاع الأرض. ولفت المتخصص في البيئة إلى أن مواجهة ومحاربة الأمراض ليست في المستشفيات وإنما تكون عبر تقوية الطب الوقائي وأن يقوم بدوره العملي، وهذا ما اتبعته المملكة في إجراءاتها، وشرح الشبيث حديثه بالقول: ما أعنيه الطب الوقائي هو الاهتمام بالصحة العامة والبيئة والجوانب الصحية الأخرى بعيداً عن الطب الإكلينيكي، وهنا لابد من الوصول إلى نقطة جوهرية وهي أن 70 % من الأمراض الطارئة التي تصيب الإنسان مصدرها الحيوان، فالاهتمام بشقي الصحة العامة (البشري، والبيطري) مطلب مهم، فهناك الكثير من الأمراض متناقلة بين الإنسان والحيوان. د. خالد الخميس د. عبدالله العبدالقادر د. مشبب عسيري د. عبدالرحمن الملحم د. مراد الناصر عبدالحميد العمير د. إبراهيم الشبيث