في منافسات كرة القدم عندنا فجوة بين ما يدور داخل الملعب وما يحدث خارجه. داخل الملعب تنافس فني وروح رياضية -إلا في حالات محدودة يتعامل معها حكم المباراة- داخل الملعب جهد بدني وتكتيك فني ومواهب لاعبين ومدربين وإثارة ممتعة غير مصطنعة. داخل الملعب حكم يطبق القانون ويضبط المخالفات ويحاسبها تدريجياً بالإنذار الشفهي ثم الأصفر ثم الأحمر. الحكم معرض للخطأ وهذا ما يحصل في كل ملاعب العالم ولكنه من النادر أن يتعمد الانحياز لفريق ضد آخر. خارج الملعب فوضى وانفلات إعلامي وطرح سطحي وتعصب تحت عنوان الإثارة. خارج الملعب مشجعون للأندية دخلوا ساحة الإعلام بمؤهل التعصب. خارج الملعب تسيطر موهبة الصراخ، والآراء المتشنجة، وثقافة التشكيك في كل شيء. خارج الملعب الفن هو الخروج عن الموضوعية وإنكار الحقائق وتوزيع الاتهامات وأحياناً اختراع الأكاذيب والشائعات. خارج الملعب خطاب إعلامي رياضي لا يليق بمكانة المملكة وطموحاتها المستقبلية في كافة المجالات. خارج الملعب آراء تنتصر للنادي وليس للحقيقة. خارج الملعب منافسة يبحث فيها المتنافسون عن الانتصار الشخصي ويتفوق فيها من يملك مهارة الصوت العالي الذي يصل إلى مستوى الصراخ. داخل الملعب تنافس فني بروح رياضية بين فريقين يحاول كل فريق الوصول إلى مرمى الفريق الآخر وتحقيق الأهداف. الفوز يتطلب الجدية والعمل الجماعي وتحديد نقاط القوة والضعف في الفريق المقابل ووضع الخطة المناسبة. يسعى كل فريق للفوز ولكنه يدرك أن الخسارة واردة وكذلك التعادل. ولذلك -في الغالب- يتصافح اللاعبون بعد المباراة مهما كانت النتيجة. مخالفة قانون اللعبة يتصدى لها الحكم وقد تصل إلى مستوى الطرد من الملعب. في المقابل، خارج الملعب مباراة من نوع آخر. هو حوار وليس بحوار، ونقاش وليس بنقاش، ونقد وليس بنقد، وإعلام وليس بإعلام. لست أدري ماذا أسميه لكني أستنجد بالمشاهدين لاختيار الاسم المناسب. أمام هذا الوضع يكون من المنطق توجيه بعض الأسئلة لهيئة الرياضة، ووزارة الإعلام، ووزارة الثقافة، ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني: * هل تشاهدون هذه البرامج؟ * إن كنتم تشاهدونها، ما تقييمكم لها؟ ومدى تأثيرها على الأطفال والشباب؟ * إن كنتم لا تشاهدونها، فما السبب؟ * ما معايير المشاركة في البرامج الرياضية؟ * ما معايير اختيار مقدم البرامج الرياضية الحوارية؟ وهل من متطلبات الإثارة الابتعاد عن الموضوعية والمصداقية؟ * هل تشجيع نادٍ معين يؤهل المشجع ليحمل صفة ناقد؟ * هل تشجيع النادي يؤهل صاحبة ليكون إعلامياً؟ وأخيراً، ماذا تستفيد الرياضة السعودية من آراء خاضعة للميول؟