عدَّ خبراء سياسيون أن الاعتداء السافر الذي قامت به الميليشيات الطائفية الموالية والتابعة لإيران على السفارة الأميركية في بغداد سابقة خطيرة جداً على الأمن والسلم والاستقرار في دولة العراق العربية مشيرين إلى أن استهداف السفارات هو أسلوب إيراني ومحاولات فاشلة لزعزعة الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة. وأكد الخبراء ل "الرياض" أن إيران تسعى من خلال استهداف السفارة الأميركية في بغداد لتصفية حساباتها السياسية والأمنية مع الولاياتالمتحدة الأميركية على أرض العراق مشيرين إلى أهمية تحييد دور الميليشيات والأذرع الإيرانية التي تعمل على تغيير التركيبة السكانية في الدول العربية المتغلغلة فيها والقضاء على هذه الميليشيات من خلال تشكيل تحالف بإجماع عربي ودولي باعتبارها ميليشيات خارجة عن القانون. سابقة خطيرة عضو مجلس الشورى الدكتور إبراهيم النحاس قال إن الاعتداء السافر الذي قامت به الميليشيات الطائفية الموالية والتابعة لإيران على السفارة الأميركية في بغداد مثَّل سابقة خطيرة جداً على الأمن والسلم والاستقرار في دولة العراق العربية والشقيقة. وعلى الرغم من أن أبناء العراق عانوا كثيراً على مدى الستة عشر عاماً الماضية من التدخلات الإيرانية المباشرة أو عن طريق ميليشياتها الطائفية والعنصرية، إلا أن ما يجعل الاعتداء على السفارة الأميركية في بغداد سابقة خطيرة هي أن هذه التدخلات الإيرانية تجاوزت حاجز الهيمنة الإيرانية على صناعة القرار العراقي إلى مرحلة تصفية حساباتها السياسية والأمنية والعسكرية مع الولاياتالمتحدة في أرض العراق ليكون مكاناً للمواجهة مع الولاياتالمتحدة بدلاً من أن تكون إيران أرضاً للمواجهة. وأضاف د. النحاس أن هذه السياسة الإيرانية التدميرية التي تقوم بها إيران في أرجاء الوطن العربي من خلال ميليشياتها المسلحة والطائفية والعنصرية تشكل خطراً يتجاوز زعزعة الأمن والسلم والاستقرار إلى مرحلة الخطر الوجودي. وقد أثبتت العقود الأربعة الماضية مدى الخطر الذي تمثله هذه الميليشيات الخمينية التابعة والموالية لإيران على أمن وسلم واستقرار المجتمعات العربية. وإذا كانت الحالة اللبنانية عانت وما زالت تعاني من ميليشيا الحزب الإيراني في لبنان المسمى زوراً وبهتاناً ب "حزب الله"، وإذا كان أبناء سورية يعانون وما زالوا يعانون من ميليشيات إيران المسلحة والطائفية والعنصرية التي تمارس القتل والتعذيب والاغتصاب والتهجير في مختلف أقاليم الجمهورية العربية السورية، وإذا كان أبناء اليمن يعانون وما زالوا يعانون من الممارسات الطائفية والعنصرية التي تمارسها ميليشيا الحوثي التابعة والموالية لإيران تجاههم على مدى السنوات الخمس الماضية، فإن الممارسات الإجرامية التي تمارسها ميليشيات إيران في العراق تتجاوز كثيراً ما قامت به جميع الميليشيات الإيرانية في مختلف المناطق العربية التي تتواجد فيها وذلك لأسباب تاريخية وسياسية ومذهبية ودينية واجتماعية وأمنية وعسكرية وغيرها من جوانب. وقال عضو مجلس الشورى د. النحاس "إيران استغلت التحرك الأميركي لإسقاط نظام البعث في العراق، ووجدتها فرصة تاريخية للهيمنة على القرار السياسي في العراق من خلال التواجد الكثيف على الساحة العراقية عن طريق عملائها ومرتزقتها الذين ارتضوا أن يكونوا عملاء وخداماً لأعداء وطنهم ومرتزقة ينفذون سياسات أسيادهم في إيران على حساب مستقبل وطنهم ومصير أبناء العراق الكرام مؤكداً أن أهداف إيران في العراق تتجاوز الهيمنة السياسية إلى مرحلة السيطرة التامة والكاملة على كل شيء في العراق، حيث عملت على بناء ميليشيات مسلحة بعقيدة طائفية وعنصرية غير مسبوقة (وإن كانت تتشابه مع النازية والفاشية) تقوم على مبدأ هيمنة الفرس على العرب وتسخير العراق لخدمة إيران على جميع المستويات وإلغاء القرار والهوية العراقية إلى الأبد". وأضاف "هذه السياسة الإيرانية الطائفية والعنصرية التي مارستها إيران خلال السنوات الماضية وفرضتها على القرار السياسي العراقي من خلال عملائها في العراق هي التي جعلت من العراق في وقتنا الحاضر الساحة المناسبة لتصفية الحسابات الإيرانية مع الولاياتالمتحدة الأميركية. ولكن من الأهمية الإشارة إلى نقطة مهمة في هذا الجانب وهي أن السياسة الإيرانية ترى في استخدام الأراضي العراقية تحقيق هدفين مهمين وهما: أن المواجهة مع الولاياتالمتحدة الأميركية في العراق ستدمر العراق وتبقيه ساحة دائمة للحرب مع الولاياتالمتحدة وتحافظ على أراضيها من أن تكون ساحة للحرب، وفي ذلك إبقاء دولة عربية كالعراق خارج حسابات القوة العربية ومكاناً لاختراق الأمن العربي الكلي. وثانياً أن قيام الميليشيات الإيرانية بالتعدي على السفارة الأميركية في بغداد يوصل رسالة سلبية للمجتمع الدولي وللرأي العام العالمي بأن العراق كدولة وأبناء العراق كشعب يعادون الولاياتالمتحدة الأميركية ويعادون حلفاءها في المنطقة والعالم، وبالتالي ستتحقق النتيجة التي ترجوها إيران والمتمثلة في عزل العراق عن المجتمع العربي والإقليمي والدولي بحكم أنه مجتمع انعزالي لا يقبل الآخر، وكذلك بأن أرض العراق تفتقد للأمن والسلم والاستقرار وبالتالي لا يمكن الذهاب إليها أو العمل على أراضيها أو إقامة علاقات سياسية أو اقتصادية أو استثمارية معها. وهذا هو الذي يجعلنا نقول بأن خطر الميليشيات الإيرانية في المنطقة خطر يتجاوز زعزعة الأمن والسلم والاستقرار إلى مرحلة الخطر الوجودي". وأكد د النحاس أن مواجهة هذه الميليشيات والأذرع الإيرانية في المنطقة يجب أن يكون هناك عمل عربي متقدم وسياسة دولية واضحة ومباشرة. فالعمل العربي يبدأ من معرفة نوعية هذه الميليشيات الإيرانية وأماكن تواجدها وأدوات قوتها وضعفها وتسمية قياداتها ووضعهم على قوائم الإرهاب الدولي. وأضاف هذا العمل العربي يجب أن يقوم على استراتيجية شاملة تتبناها جميع الدول العربية دون استثناء لأن أهداف إيران إسقاط جميع الدول العربية والهيمنة عليها وتدميرها جميعاً. وقد أثبتت الممارسات التي تقوم بها ميليشيات إيران في العراقولبنان وسورية واليمن مدى خطورة السياسة الإيرانية التي وضعها الخميني ويطبقها ويعمل عليها خامنئي وعناصره في المنطقة. ومن الأهمية الإشارة بأن إيران التي تتبنى الطائفية وتقوم على إيمانها بتفوق العرق الفارسي على العربي تستهدف الهيمنة والسيطرة التامة على جميع الدول العربية دون استثناء، وفي ذلك رسالة واضحة ومباشرة للدول العربية التي تقيم علاقات مع إيران وتفتح أراضيها وأبوابها للسياسة الإيرانية تثق بوعود وأقوال عناصرها وتمنحها حرية العمل والتحرك على أراضيها. لذلك على جميع الدول العربية العمل باستراتيجية واضحة إن أرادوا مواجهة الأخطار التي تشكلها ميليشيات إيران الطائفية والعنصرية في المنطقة. أما السياسة الدولية فعليها واجبات أكبر بكثير مما هو مطلوب من العالم العربي وهذه الواجبات تتمثل في المسؤولية الدولية الملقاة على عاتق مجلس الأمن الذي من مهامه الرئيسية حفظ الأمن والسلم والاستقرار الدولي. وبما أن إيران تعمل صراحة وعلناً على زعزعة الأمن والسلم والاستقرار الدولي من خلال دعمها وتبنيها وتمويلها للمليشيات الطائفية والعنصرية التي تمارس التطرف والإرهاب في أرجاء الوطن العربي، فإن على المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن مسؤولية قانونية وأمنية وأخلاقية تقوم على مواجهة السياسة الإيرانية ومحاربة ميليشياتها المسلحة التي عبثت كثيراً في أمن وسلم واستقرار المجتمعات في المنطقة وتجاوزتها إلى مناطق أخرى وفي قارات أخرى. ومن الأهمية القول بأن غياب أو تقاعس مجلس الأمن عن قيامه بمسؤولياته القانونية سوف يؤدي إلى زيادة العمليات الإرهابية حول العالم وسوف يشجع مزيداً من الجماعات والتنظيمات الإرهابية على توسيع نشاطاتها خارج المنطقة والإقليم، وسوف يعطي نموذجاً سلبياً لبعض الأنظمة السياسية المتطرفة من أن تزيد من مستوى نشاطاتها الإرهابية وممارساتها المتطرفة. تغيير التركيبة السكانية من جانبه قال الأكاديمي والباحث في العلاقات الدولية الدكتور حمدان الشهري إن خطر الميليشيات العراقيةالإيرانية الموجودة في المنطقة لا تقل خطراً عن إيران بل تكاد تكون أخطر من طهران على أرض الواقع مشيراً إلى أن طهران وإن كانت هي من دربتها ومولتها وأعدتها وجهزتها لكنها في الواقع هي من يؤدي الأعمال المناطة بها نيابة عن طهران. وأضاف د. الشهري إذا عملت إيران عملاً دائماً ما تختبئ خلفها ومثل ذلك ما قام به الحوثي عندما تبنى الاعتداء على منشآت أرامكو السعودية وهو لم يكن من نفذ ذلك وغيرها من الأمور. وشدد الدكتور الشهري على أن الميليشيات الموجودة في البلدان العربية في لبنان وسورية والعراق واليمن جميعها تتبع لطهران ولاء وفكراً وإيديولوجية مشيراً إلى أنها تشترك في هدف واحد هو خراب المنطقة وزعزعة أمنها واستقرارها. وأضاف وعندما تكون في أي بلد من هذه البلدان تعمل للسيطرة عليه حتى يصبح كأنه إحدى ولايات طهران كما تستخدم أصوات تلك الدول في الجامعة العربية في تجيير مواقفها لصالح طهران. وعدّ الأكاديمي والباحث في العلاقات الدولية د. الشهري أن هذه الميليشيات أكثر خطورة عندما تدخل في المجال السياسي وهو ما نراه في لبنان من خلال حزب الشيطان الموالي لإيران مشيراً إلى أن ظاهرها أحزاب سياسية ولكنها في واقعها أحزاب مسلحة تمثل أمراً خطيراً فهي تختطف البلد كما تقوم بأعمال إرهابية لزعزعة أمنه الداخلي وفي الجانب الاقتصادي فمن المعلوم أن تلك الميليشيات تدمر تلك البلدان التي تغلغلت فيها وتجير حسابات ومصادر دخل تلك البلدان لصالح طهران وميليشياتها كما فعل الحوثي عندما أرسل أموالاً لحزب الشيطان وهو يتضور جوعاً ويسرق أموال اليمنيين ويرسلها لطهران وكذلك العراق تنهب الميليشيات قوت العراقيين وترسله لطهران كما أنها تمثل أداة عسكرية لطهران لزعزعة أمن المنطقة ومحاولة احتلال المزيد من البلدان العربية. وقال د. الشهري الميليشيات الإيرانية تعمل على محاولة التغيير الديموغرافي في سورية والعراقولبنان وغيرها حيث تهجر سكان تلك البلدان وتحتلها وتزور أسماء وميليشيات قدمت من بلدان مختلفة لتغيير التركيبة السكانية والديموغرافية فيها مؤكداً على خطرها على كل البلدان العربية. ويرى د. الشهري أن تحييد الميليشيات الإيرانية يمكن تحقيقه من خلال إجماع عربي ودولي لتشكيل تحالف باعتبارها ميليشيات خارجة عن القانون تعمل لصالح طهران وتمتثل لأوامرها ولا تقيم للمواثيق الدولية والعربية أي اعتبار ودائماً وأبداً ترفع شعارات مهاجمة الدول الأخرى والعمليات الإرهابية التي قامت بها تشهد بخطورتها ومنها الاعتداء عل السفارات والممرات المائية والسفن والعالم يعرف جيداً خطر تلك الميليشيات مؤكداً على أن تشكيل تحالف دولي للقضاء عليها كما شكل على داعش سيحفظ أمن المنطقة والعالم. وأضاف أما عندما تترك هذه الميليشيات الإرهابية في المنطقة تنمو يوماً بعد يوم ستشكل تهديداً ليس للدول المجاورة فقط بل لكبرى البلدان ومن ذلك الولاياتالمتحدة الأميركية والتي يجب عليها أن لم تحاسب طهران على أقل تقدير أن تحاسب الميليشيات الإرهابية وما قامت به أميركا باستهداف هذه الميليشيات بغارة يجب أن يستمر وأن تنهي ما بدأته لأنه إذا اتبعتها بضربات متتالية وقاسية ستخاف طهران وجميع الميليشيات التابعة لها. د. إبراهيم النحاس د. حمدان الشهري