حين يغادر فنان الأرض يترك لنا فرصة التعرف عليه، على فنه وإبداعه، وليس إجحافًا في حقه أننا لم نكتب عنه في حياته، إنه استكمال لحقه أن نكتب عنه بعد رحيله، هكذا أرى المسألة، ولهذا أكتب عن إيهاب شاكر الآن. هذا الفنان المرهف يعرفه الأطفال الذين كانوا يقرأون مجلة ماجد، من خلال الشخصيتين اللتين ابتدعهما شمسة ودانة، وهذا أحد أوجه الإبداع التي عرف من خلالها. مسيرة طويلة بدأت منذ الطفولة واستمرت حتى وفاته عن عمر 86 عامًا. شارك برسوماته في مختلف الجرائد والمجلات المصرية العريقة والكبيرة مثل صباح الخير وروز اليوسف. وحصل على كثير من الجوائز المصرية والدولية. أكتب عن فن إيهاب شاكر لكني أطلب منكم أن تبحثوا في «جوجل» عن لوحاته لتكتمل لديكم الصورة. ابحثوا عن لوحة ملصق فيلم الكيت الكات، محمود عبدالعزيز وشريف منير والعود على الدراجة النارية صاعدين إلى السماء. تأملوا اللوحة، تعرفوا على إيهاب شاكر. هذا الفن الساحر، وهذا الفنان الحقيقي، الذي يسخر فرشاته لصنع الفن، يذكرني بأن الفن خير، الفن كله خير. والفنان الذي يكرس وقته لصنع هذا الجمال لا يمكن إلا أن يكون جميلاً، وأن تحفر لوحاته في أعماقنا هذا الشعور الممتلئ بالحب والخير والجمال. لا أعرف ما التصنيف الذي يضعه الفنانون التشكيليون لفن إيهاب شاكر، ولم أبحث عن التصنيف؛ لأن الفنان من نوعية إيهاب شاكر مدرسة وحده، مدرسة يتبعها آخرون، المهم أنك حين ترى لوحاته أو لوحات من تبعوه، تفهم، أو تشعر، لا تحتاج إلى شرح أو دراسة، تنظر وتستمتع، وتبتسم. تتأمل وتدرك أن هذا الفن المصري نابع من بيئته، من جمال الحارة المصرية والشخصية المصرية والبهجة المصرية والصخب المصري. هذا ما أراه وأشعر به حين أنظر إلى فن إيهاب شاكر. لم يقتصر إبداعه على الفن التشكيلي فقد كان كاتبًا، شاعرًا، صانع أفلام والتجريب الذي صنعه في جميع إبداعاته تبين إلى أي مدى كان مفكرًا موسوعيًا. كتب كمقدمة لأحد معارضه عام 2000 أن المعرض هو عن الموسيقى والمرأة، الموجودات التي تجمل الحياة وتجعله يصبر على المتناقضات، أجمل إبداعات الخالق. هذه الكلمات القليلة تظهر إلى أي مدى كانت رهافة إيهاب شاكر، مدى حبه للجمال، وطريقته في التعبير عنه، بالكلمات والتشكيل، استطعت بمجرد قراءتها فهم لماذا تأثرت بفنه، ولماذا أحاول الآن أن أعرفكم عليه. أخيرًا، هناك كتاب أعده الفنان إيهاب اللبان عن إيهاب شاكر، فن خالص، وشعر خالص، للباحثين عن الجمال. اطلعوا عليه.