لو قدر للمشاعر أن تشيخ لاختارت الحزن ذاكرة لها.. ففي كل لحظة تباطئ تسير.. يبرهن الحزن على أنه حكراً للمستقبل! يخطو من وقع لآخر.. ومن حلم لآخر.. فينتشلنا من الواقع مبحراً فينا بالحلم. كفاك أيها الحزن! فكلما هذبتك الحكمة.. فضحتك التجربة.. مؤمنة بأن الحكمة لا تقيد عادة إلا الأفراح.. والتجربة لا تحرر إلا الأحزان.. لكن: رماد هذا الذي يواجه النار.. ونار تلك التي تواجه الوقت.. لماذا ينكرنا حينما نستسلم له، وينكرهم الاستسلام حينما يستسلمون له؟ ولماذا لا وقت لأينا لتحمل الآخر. الحزن لا يحدث الفرح ولا البحر يقبل الرمل لأنه مشغول بترتيب الموج.؟! يالليأس حينما يكون عادة وياللوقت حينما يكون ابتكاراً وياللطير حينما يكون أجنحة بلا جسد ويا للحزن حينما يكون جسداً بلا أجنحة. يا للبراءة حينما تكون حلماً هارباً ويا للشِعر حينما يكون طيراً مسافراً.. ويا للحب حينما يكون بيتاً لا يصلح للسكنى.. ما بال الحروف تأتي لتسافر..؟ يشيخ على أثرها اللسان وتشيخ على قريحتها العيون.. ويشيخ على حلمها الحلم.. عمقك أيها الحزن أبعد من كل الأمكنة.. وجسدُ لي جبلته الجراح ولن تجرؤ على علاجها بعد الآن.. مهما أوغلت بالسفر.