جرت العادة منذ عقود أن يكون التلفزيون هو المحطة الثانية للمذيع بعد أن يثبت كفاءته في الإذاعة، رغم أهمية الإذاعة وأولويتها إعلاميا، لكن يظل التلفزيون حُلم عدد كبير من الإذاعيين وخطوة يتمنونها كتتويج لمسيرتهم، لا نعلم من وضع تلك القاعدة وكيف آمن المذيعون بها، لكن بعضهم نجح في بلوغها والبعض الآخر ورغم أنه لم يصل إليها إلا أنه استطاع خلق حالة خاصة على الإذاعة، حيث كتب لنفسه تاريخاً مختلفاً هناك تتبعه الأجيال من بعده. قلة قليلة تلك التي جمعت بين الإذاعة والتلفزيون، وتألقت في كليهما منهم الراحل محمد الرشيد، وكذلك ماجد الشبل وغالب كامل، وغيرهم من رموز الإذاعة والتلفزيون، من الطبيعي أن تكون الشاشة عنوانا بارزا للنجومية والمعرفة وتفاصيل أخرى من نجومية المذيع، وبالتالي لم تأت الإذاعة يوماً ما خطوة مطلوبة لنجوم الشاشة إلا في وقتنا الحالي عندما تغيرت الأدوار ومن كان بالخلف قفز للأمام.! على ما يبدو أن عدداً كبيراً من نجوم البرامج التلفزيونية ليس فقط في السعودية وإنما حتى في الوطن العربي، تحولوا إلى الإذاعات بعد سنوات على التلفزيون، هذه الفكرة كانت مرفوضة في السابق، لكن تغير الحال لرغبة بالبقاء ضمن أي منبر إعلامي بدلاً من الابتعاد، لذلك رضخوا في النهاية لحسابات الألفية الجديدة والتغيرات الاقتصادية والإعلامية والتنافسية التي أصبحت تتحكم في قرارات قيادات كافة الفضائيات، تلك القرارات التي أقصت العديد من نجوم الإعلام واستبدلتهم بنجوم الأرقام، ما اضطر عدداً كبيراً منهم للعودة إلى المنابر المسموعة بدلاً من الابتعاد عن المنبرين "الإذاعة والتلفزيون". الأمر وإن كان بحسبة أو بأخرى قد حقق مكاسب مادية كبيرة للتلفزيون، لكنه لم يحقق أي مكاسب إعلامية، ما جعل نسبة المشاهدة تتراجع على كل الشاشات، حتى فيما يخص أهم الفضائيات في الوطن العربي، هذا العزوف عن المشاهدة رفع نسبة الاستماع في بعض الإذاعات الخليجية والعربية التي كانت قد بدأت تفقد بريقها وجاذبيتها، ما يثبت أن الجمهور ما زال يبحث ويتابع المحتوى الجيد بحرص واهتمام، وهو ما يعد انتصاراً لنجوم الإعلام الذين انتقلوا للإذاعة وساهموا في ارتفاع استماعها بعد خفوت الضؤ عنهم في الفضائيات والعودة إلى الإذاعات التي كانت يوماً بيتهم الأول.