سباق محموم في خارطة البرامج الرمضانية بين الإذاعات والقنوات الفضائية، فالمعادلة المعتادة في اقتسام كعكة الجمهور بينهما تختلف عن غيرها من الأشهر، وخصوصا في ساعات الذروة. وتبحث الخارطة البرامجية الرمضانية للإذاعات والقنوات السعودية سبل استقطاب الشريحة المستهدفة والاستحواذ على اهتمامها عبر البرامج والمواضيع المثيرة، خصوصا تلك التي تتطرق للقضايا والإشكالات التي يعيشها المجتمع السعودي، والتي تصنف بالبرامج المجتمعية. وتتقاطع أوقات الذروة بين الإذاعات والفضائيات، ففي فترة ما قبل الإفطار تكتسح الإذاعة ميدان المنافسة، إذ تضع في هذا التوقيت حزمة برامج متنوعة تمتاز بالديناميكية الاجتماعية، بينما ترتفع مستويات المشاهدة للقنوات الفضائية من بعد المغرب حتى ساعات الصباح الأولى، والتي تسيطر فيها الدراما على شاشاتها. ويأتي البرنامج اليومي "بسطها" عبر أثير إذاعة بانوراما، كجزء من البرامج التنموية التي تتسم بها الإذاعة في ساعات الذروة، عبر 30 حلقة نقاش هادئة، يبتعد فيها مقدم البرنامج خبير التنمية البشرية رضا العواد عن التعقيد، ويضع للمشكلات التي يستعرضها حلولاً مستوحاة من اسم البرنامج. ويشير رضا العواد في سياق حديثه الصحفي، إلى أن "بسطها" يهدف إلى تجديد الأمل لمن تمر حياتهم اليومية بأزمات ومنعطفات لم يجدوا لها حلولا، مؤكدا في الوقت ذاته أن الإذاعة كوسيلة إعلامية لاتزال تحظى بنسب استماع قد تتفوق على التلفاز في بعض الأوقات. وليس غريبا أن تكثر البرامج الدينية والتوعوية خلال الشهر الفضيل إلا أن ما يثير الانتقاد ضد كثير من الإذاعات هو كثرة برامج المسابقات التي انتقدها الجمهور عبر مواقع التواصل، بل إن النقد وصل إلى حد التهكم على بعضها، حيث ذكر البعض أن هذه الإذاعات تقدم برامج مسابقات أسئلتها صعبة للغاية في حين تقدم جوائز قليلة القيمة لا تتعدى ال100 ريال. وتحاول بعض الإذاعات تطعيم جدولتها البرامجية ببرامج مستحدثة وأفكار جديدة من خلال استضافة كثير من النجوم سواء في الوسط الفني أو الثقافي، بينما تتسابق أخرى على استضافة كثير من المشايخ في برامج الفتوى المعتادة، في حين ظهرت أفكار إذاعية جديدة كتلك التي يقدمها عبدالإله السناني وياسر الشمراني في برنامج "بوليتيكا" عبر "إم بي سي إف إم". من جانب آخر، يرى مراقبون إعلاميون أن الإذاعة لا تزال تحظى بنسب متابعة تنافس الفضائيات، ولم تُكتسح بعد من قبل منافسها التقليدي "التلفزيون"، وتصل نسب الاستماع للإذاعة في المملكة إلى 60%، ويشير خبير الإعلام المحلي أنور عسيري إلى أن مفهوم شيخوخة الإذاعة في المملكة غير ملموس. ويذهب العسيري إلى التأكيد أن الإذاعة لا تزال الخيار الأول لأكثر من 85% من قائدي المركبات، والحرص الذي يوليه أصحاب المحطات الإذاعية لإرضاء شغف مستمعيهم، عبر المواد الترفيهية والمعلومات المفيدة المقدمة بقالب مضحك، مكنها من الاحتفاظ بمكانتها.