اضطر الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة إلى إعلان استقالته من منصبه رئيساً للجمهورية قبل انقضاء ولايته رسمياً في 28 أبريل. فبوتفليقة لم يجد أمامه خياراً آخر في ظل ضغط الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير الماضي، واختار المغادرة وهو في عمر جاوز 82 عاماً، بعيد تجديد الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش، دعوته لرحيل فوري لرئيس الجمهورية. استقالة بوتفليقة وضعت نهاية لمسيرة امتدت لعشرين عاماً جعلته الرئيس الأطول بقاء في السلطة منذ استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962. * العملية الانتقالية غداة استقالة الرئيس الجزائري، أصبحت العملية الانتقالية السياسية أكبر تحد تواجهه البلاد، بحسب مدير مركز الدراسات والبحوث حول الوطن العربي والمتوسط في جنيف حسني لعبيدي. ويقول رئيس المركز: "على الجيش تفادي القيام بأي خطوة ناقصة في مواجهة شارع يطالب بوجوه جديدة على الساحة السياسية". وعند سؤاله عن ماذا ستواجه الجزائر بعد استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة؟ أجاب: "رحيل بوتفليقة يفتح المجال أمام لاعبَين هما المؤسسة العسكرية والشارع الجزائري. وهو يظهر قطيعة بين الجيش والقطب الرئاسي بعد سنوات طويلة من دعم الجيش لبوتفليقة ودعم الشعب للجيش". وهو انتصار أول للجيش لكنه ليس نهائياً إذ أن العملية الانتقالية السياسية هي التحدي الأكبر. ومن المؤكد أن الجيش يريد تفادي حصول فراغ، بتسليم مقاليد السلطة في البلاد لرئيس مهمته إدارة العملية الانتقالية. يبدو لي أن هذا هو المخطط. * البديل المحتمل هناك شخصيات سياسية مهتمة بالمنصب (رئاسة الدولة) كل من كانوا مرشّحين في الانتخابات السابقة مثل علي بنفليس (رئيس الوزراء السابق والمنافس السابق لبوتفليقة). المحامي مصطفى بوشاشي يحظى بتأييد الشارع، كما أن ترحيبه بموقف الجيش من شأنه طمأنه المؤسسة العسكرية. الأحزاب السياسية كلها إما أبعدها بوتفليقة عن الساحة السياسية وإما قوّضها النظام من الداخل. لكن الزخم الديموقراطي في الشارع يعطيها فرصة مهمة لاستعادة حضورها وإجراء عملية تحوّل. يمكن أن تصبح أحزاباً مهمة. رجال الأعمال الذين كانوا يتمتّعون بنفوذ كبير. * احتفالات شعبية احتفل الجزائريون باستقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، متعهّدين مواصلة الاحتجاجات للمطالبة بتغيير جذري للنظام السياسي. وقّدم بوتفليقة استقالته الثلاثاء تحت ضغط الشارع وإثر تخلي الجيش عنه. واجتمع المجلس الدستوري الأربعاء لإثبات حالة خلو منصب الرئيس تمهيداً لتولي رئيس مجلس الأمة الرئاسة مؤقتاً وتنظيم انتخابات رئاسية. وأطلقت على الفور أبواق السيارات في شوارع العاصمة ترحيباً باستقالة الرئيس الذي اختفى تقريباً عن الإعلام منذ عام 2013 إثر اصابته بجلطة دماغية. لكن كثراً أكدوا مواصلة الاحتجاجات ورفضهم لأي عملية انتقالية تبقي السلطة بيد النظام. وقالت متظاهرة أنها تريد لابنتها أن تتذكر هذا اليوم التاريخي. مؤكدة أن رحيل بوتفليقة ليس نهاية المطاف. ووصف آخر الاستقالة بأنها متأخرة جداً، مبيناً أن رحيل بوتفليقة لم يعد كافياً نريدهم أن يرحلوا جميعاً. نريد الحرية كاملة، مؤكداً أن المسيرات لن تتوقف. وقال آخرون "إنها البداية، كل يوم، ستكون هناك تظاهرة. لن نتوقف". وبعد أن أعلن تخليه عن الترشح لولاية خامسة، أعلن إرجاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الثامن عشر من أبريل ووعد بإقرار إصلاحات تمهد لإجراء انتخابات رئاسية لم يحدد تاريخا لها. لكن الشارع رفض تماما هذه الاقتراحات واعتبرها تمديدا لولايته بحكم الأمر الواقع. * الشأن جزائري صرف في ردود الفعل الخارجية، اعتبرت الولاياتالمتحدة أن مستقبل الجزائر يقرّره شعبها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو أن "الشعب الجزائري هو من يقرر كيفية إدارة هذه الفترة الانتقالية". من جهته دعا الكرملين إلى عملية انتقالية سياسية في الجزائر من دون أي تدخل خارجي. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان أنّ فرنسا واثقة من أنّ الجزائريين سيُواصلون السعي إلى انتقال ديموقراطي. وبموجب الدستور الجزائري، يتولى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئاسة البلاد بالوكالة لمدة أقصاها 90 يوماً تجري خلالها انتخابات رئاسية. وقال الفريق قايد صالح أن المساعي التي يبذلها الجيش تؤكد أن طموحه الوحيد هو ضمان أمن واستقرار البلاد وحماية الشعب من العصابة التي استولت بغير حق على مقدرات الشعب الجزائري.