الهدف الرئيس من سياسة رفع أسعار الطاقة وترشيد استهلاكها هو الحفاظ على الحصة المصدرة من مصادر الطاقة، وكبح جماح نمو الاستهلاك المحلي المتزايد الذي يهدد حصة التصدير، وبالتالي تهديد الرافد المالي الرئيس لميزانية الدولة. ما يعنينا في هذا الموضوع، هو سياسة الترشيد المتعلقة بالكهرباء فقط، ومحاولة طرح أفكار ومقترحات لتعزيز كفاءة هذه السياسات، وجعل المواطنين يستفيدون بصورة مباشرة ومستدامة من هذه السياسات وليس فقط تخفيف وطأتها. وأعتقد أنه قد حان الوقت لتوحيد الجهود نحو برنامج وطني للطاقة الشمسية في المنازل، وتشجيع تركيب الألواح الشمسية فيها تقوم فكرته على أن يتحمل مالك المنزل وشركة الكهرباء أو الجهات الممولة مناصفة التكاليف الرأسمالية لتركيب نظام الطاقة الشمسية في منازلهم ويتم استرداد ما تم دفعه عن طريق الفواتير الشهرية. وإذا علمنا أن عمر نظام الألواح الشمسية المنزلية هو 25 سنة، وأن المستهلك يستطيع استرداد قيمة تركيب النظام في أقل من 10 سنوات فإن هذا المستهلك أو المشترك قد وفر فواتير استهلاك لمدة ال15 سنة اللاحقة المتبقية من عمر النظام. ويجب أن يستهدف برنامج الطاقة الشمسية في المنازل المقترح في مرحلته الأولى المنازل ذات الاستهلاك المرتفع لعدة اعتبارات منها: أولاً: الجدوى الاقتصادية الأعلى لهذه الفئة: وذلك لكون كمية لا بأس بها من استهلاكهم تقع ضمن الشريحة الثانية أي 30 هللة للكيلو وات مما يجعل الاستثمار في نظام الألواح الشمسية لهذه الفئة أكثر جاذبية. ثانياً: الملاءة المالية الجيدة لهذه الفئة: فهم أقدر من غيرهم على تحمل تكاليف نظام الطاقة الشمسية مشاركة مع الجهات الممولة وكذلك جاذبيتهم للجهات الممولة. ثالثاً: إن تكاليف أنظمة الطاقة الشمسية في انخفاض مستمر نتيجة للتطور التكنولوجي المضطرد وبالتالي فإنها مع مرور الوقت ستصبح في متناول الفئات الأقل دخلاً في مراحل البرنامج اللاحقة. رابعاً: إن استرداد ما تم دفعه عن طريق فواتيرهم يتم في أقل من 10 سنوات، وبالتالي توفير فواتير الاستهلاك لهذا المنزل خمسة عشر سنة المتبقية من عمر النظام لمالك هذا المنزل، وبالتالي توفير الاستهلاك العالي له بداية من اليوم الأول لتركيب النظام. خامساً: إن مالك المنازل ذات الاستهلاك المرتفع وعلى الغالب لم يشملهم أي نوع من أنواع الدعم، بل إن إصلاح أسعار الطاقة كان تأثيره عليهم مضاعفاً، فهم لم يحصلوا على أي نوع من أنواع الدعم، بالإضافة إلى أنهم اكتووا بأسعار الشريحة الثانية لتعرفة الكيلووات 30 هللة. صحيح أن تكلفة إنتاج الكيلووات لمحطات الطاقة الشمسية العملاقة أقل من تكلفته لأنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، ولكن هناك أموراً كثيرة يجب أخذها في الاعتبار عند المقارنة بين النظامين وهي تصب في صالح الأنظمة الشمسية المنزلية لعدة أمور: الأمر الأول: أن جزءاً كبيراً من التمويل قد تحول للمستهلك والجزء الآخر قد تحول للجهات الممولة وبالتالي فإننا قد قمنا بتوجيه جزء من إنفاق المواطن الاستهلاكي نحو إنفاق استثماري يعود بالنفع عليه وعلى أسرته. الأمر الثاني: إن الفائدة سوف تصب في مصلحة المواطن مباشرة مما يرفع مستوى الرضا ونظرة المواطن الايجابية لهذه الإصلاحات. الأمر الثالث: إن هذا البرنامج الوطني للطاقة الشمسية في المنازل سوف يسهم في تنشيط وخلق منشآت صغيرة ومتوسطة في قطاع واعد وهو الطاقة المتجددة وتكنولوجيتها. الأمر الرابع والأهم: إن معيار قياس التكلفة المستخدم للمقارنة بين نظام الطاقة الشمسية المنزلية ومحطات الطاقة الشمسية الكبرى يجب أن يكون نقطة البيع للمستهلك النهائي ( أي عداد المشترك أو المواطن) لكي تكون مقارنة عادلة، وفي هذه الحالة فيجب أن نستخدم سعر شركة الكهرباء للكيلووات أي 18 هللة أو 30 هللة حسب شريحة الاستهلاك أو متوسطها (ونقارنه مع 9 هلالات للكيلووات المتولد من أنظمة الطاقة الشمسية في المنزل (على اعتبار أن تكلفة تركيب الكيلووات من هذه الأنظمة هي 4000 ريال للكيلووات). لذلك يجب أن تكون نقطة التكلفة المستخدمة في المقارنة هي عداد المشترك، وفي هذه الحالة فإن التكلفة الأقل تميل لصالح الألواح الشمسية في المنازل (حيث تصبح بين 18 أو 30 هللة سعر شركة الكهرباء و9 هلالات للألواح الشمسية المنزلية). الأمر الخامس: إن تكاليف أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية سوف تنخفض مع الوقت وحجم الأعمال بسبب توطين الصناعة وانتشار هذه الأنظمة. الأمر السادس: إن هذا سوف يقلل من الفقد في خطوط النقل ويوفر سعات في محطات الإنتاج وكذلك محطات وخطوط النقل والتوزيع في وقت الذروة وبالتالي توفير الاستثمارات الرأسمالية في توسعة هذه المنشآت. كما يجب أن يشمل البرنامج مشروعات وزارة الإسكان بحيث يكون نظام الطاقة الشمسية المنزلية من ضمن الشروط اللازم توفرها في الوحدات السكنية التي تُنشئها أو تمولها وزارة الإسكان قدر المستطاع. م. زيد بن سعد الكثيري