يبدو أن تعريف المثقف، على مر العصور، كان وما زال وسيبقى، التعريف الأكثر تعقيداً والتباساً وجدلاً، رغم تعاقب كل تلك الثقافات والحضارات والتحولات. وحتى لا أقع في فخاخ التعريف والمفهوم والمصطلح حول: من المثقف؟ سأضع وصفاً بسيطاً ومختصراً ومركّزاً للمثقف وهو: مجموعة من اللاءات في وجه التخلف والفساد والظلم. ولكن، ما الأشكال والنماذج والأنواع التي يمكن أن يُوصف بها المثقف؟ رصدت الكثير، ولكنني سأختار عشرين منها فقط: المثقف التنويري، التنظيري، العصري، الماضوي، التحرري، الرجعي، الحقيقي، الوهمي، النمطي، الطليعي، الواعي، التقليدي، البرجوازي، المبدأي، النخبوي، التغريبي، البرجماتي، الشعبوي، الانفصامي، الإيديولوجي. والآن، إلى إجابة السؤال/ العنوان أعلاه: ما أسوأ خمسة أشكال للمثقف؟ وهذه القائمة البغيضة: الشكل الأول: "المثقف الانتهازي" الذي لا يهتم إلا بمصالحه الشخصية فقط، ويملك الرغبة والقدرة على التلوّن والتحوّر كالحرباء، من أجل تحقيق أهدافه ومطامعه الخاصة. وهذا النوع من المثقفين، متربص على الدوام لركوب كل موجة، فهو بلا مبادئ أو قيم، وإن كانت صفته الأسوأ هي سرقة جهود الآخرين. الثاني: "المثقف التبريري" الذي لا يجد حرجاً على الإطلاق بممارسة التبرير والتوجيه للكثير من الأوضاع والمواقف. والمثقف التبريري، يميل عادة للمحاججة والإقناع ويُجيد المراوغة والتزييف، وهمه الدائم هو تمييع القناعات وخلط الأوراق. الثالث: "المثقف الاستعراضي" الذي لا يتكئ عادة على مخزون معرفي حقيقي ولا يملك كفاءة علمية رصينة، ولكنه يوظف أدواته التعبيرية الخداعة ومصطلحاته الإنشائية البرّاقة، لإيهام المجتمع بأنه يملك كل الحلول والأجوبة لكل المشكلات والأزمات. هو أنموذج للمثقف الفارغ الذي يملأ شبكات التواصل الاجتماعي بالترهات والقصلصقيات التي تلقى رواجاً واهتماماً من قبل البسطاء، بل وحتى من الطبقات المتعلمة والمثقفة! الرابع: "المثقف الوصولي" الذي يدوس على القيم والأخلاقيات للوصول إلى غاياته وطموحاته التي لا تنتهي. وهو "يعرف جيداً من أين تؤكل الكتف"، لأنه يملك قدرة استثنائية على لبس الأقنعة واستبدال الولاءات. الخامس: "المثقف المعصوم" الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهو "الوصي" الذي أوكل إليه تنوير وتوجيه المجتمع، كما يظن في نفسه دائماً. والمثقف المعصوم، لا يقبل النقد ولا يؤمن بالمراجعة. وهذا النوع المأزوم من المثقفين، هو الأسوأ على الإطلاق. تلك هي قائمتي الصغيرة لأسوأ خمسة أشكال للمثقف، فما هي قائمتك أنت عزيزي القارئ؟