أكد الناقد الأدبي صالح سالم الصاعدي في محاضرته "جدلية المثقف في الرواية السعودية"، التي عقدها نادي أبها الأدبي، أمس الأربعاء، أن الأعمال الروائية السعودية اختزلت المثقف الديني في رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقط؛ معتبراً أن ذلك إشكال في التحليل الفكري لعلاقة المثقف الديني بالمجتمع. وعرض "الصاعدي" لعدد من الأعمال الروائية السعودية بالتحليل والنقد، وقام بتوظيفها في هذه السياق، ورأى وجود نوع آخر من المثقفين إزاء المثقف الحزبي، وهو المثقف الديني الذي لا يرى الخلاص للمجتمع؛ إلا من خلال أفكاره التي يؤمن بها فقط؛ معتبراً أن هذه الصورة تتمثل في رجل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتم تناولها في جانبها السلبي، من خلال الرواية السعودية كردات أفعال؛ مع إهمال تناول المثقف الديني الذي تطورت أفكاره وتحولت.
وقال "الصاعدي": "إن عنوان المحاضرة يحدد العلاقة بين المثقف والمجتمع؛ لأن المثقف علاقاته كثيرة، كعلاقته بالسياسي والآخر والأفكار؛ مشيراً إلى أن تحديد هذا الجانب يأتي لأن كل العلاقات تتطلب العلاقة بالمجتمع؛ طارحاً نظريتين حول المثقف؛ الأولى نظرية المثقف العضوي التي اهتم بها "غرامشي"، والأخرى نظرية حداثية أو ما بعد حداثية، قعّد لها علي حرب في كتابه "نقد المثقف" وسماها "المثقف الوسيط".
وتناول بعض الآراء الأخرى حول علاقة المثقف والمجتمع البعيدة عن هاتين النظريتين، مثل المثقف الشعبوي، والمثقف النخبوي عند عبدالإله بلقزيز، والمواقف الثلاثة عند أحمد حجازي، وهي: الإعلان، والتحليل؛ معتبراً أن مصطلح المثقف لا يزال إشكالياً؛ فكل تعريف للمثقف ينبني على تصورات تنظيرية فكرية بناء على تاريخ ثقافي.
وأضاف قائلاً: "إنه من خلال هذا التحليل السريع لعلاقة المثقف بالمجتمع؛ وُجد أن المثقف يكون بين أمرين؛ إما الإتيان بنظرية تهتم بأن المثقف متسلط على المجتمع، أو محاول إزالة سلطة المثقف"، وقال: "إن المثقف في الرواية السعودية مثقف حزبي في الغالب، ينتمي إلى الحزبية التي تختلف بحسب المراحل الفكرية، والنوع الآخر مثقف هاوٍ لا يمثل إلا صورة ضئيلة في الرواية السعودية، وأشار إلى وجود نوع ثالث من المثقفين، وهو المثقف الذاتي المنطوي على ذاته، ويبحث عن اهتماماته".
وجاءت مداخلات الحضور، عقب انتهاء محاضرته، ما بين المتفقة مع "الصاعدي"، والمختلفة مع بعض المصطلحات التي أوردها، وفي الختام تحدث رئيس النادي الدكتور أحمد آل مريع؛ شاكراً الضيف على ما قدمه، والحضور على التفاعل وإثراء موضوع شائك كهذا الموضوع، وكرّم المحاضر بدرع نادي أبها الأدبي.