أشارت العديد من الدراسات إلى أن الإشكالية في قضية تطبيق حقوق الإنسان تكمن في تربية الإنسان على هذه الحقوق, وغرس الوعي بها في داخله, وليست إشكالية نصوص تصاغ وتحفظ, كما أشارت إلى أن المعالجات التي وجهت لأزمة حقوق الإنسان أغفلت في معظم الأحيان دور المجتمع نفسه في تحديد هذه الحقوق المناسبة لمعتقداته ولمبادئه ولطبيعته ولتراثه الوطني وبالتالي صيغتها في منظومة حقوقية مناسبة لأغلب مكونات المجتمع وليست من مصادر خارجية غربية تفرض أو ترسم حقوقًا لن تكون مناسبة لأناس أعرف بمصيرهم وبمستقبلهم. وعلى الرغم من أن مفاهيم حقوق الإنسان (المنبثقة من إعلانات وعهود واتفاقيات الأممالمتحدة) ليست محل اتفاق «جميع أهل الأرض» ولا تزال تعتريها إشكالات فلسفية ودينية وثقافية وقانونية وتطبيقية, مع ذلك فإن في أدبيات ميثاق حقوق الإنسان فيه ما يمكن للجميع أن يستفيد منه رغم الاختلافات حول بعض المبادئ النظرية والكثير من الممارسات العملية. وحقوق الإنسان كثيرة منها حق الحياة, وحق العمل, والحق في الحرية والتفكير, وإبداء الرأي, فالشخص المتعلم يعرف من تفكيره ومن مشاركته المسؤولية, والتعليم يؤثّر في تفكير الفرد ويرفع من وعيه, ويكشف عن إمكانات الفرد وقدارته ويوجهه نحو استخدامها الاستخدام الأفضل, حيث وهب الله الإنسان عقلاً يجب أن يفكر به ويميز ويبدع ويتعرف من خلاله على أفكار الآخرين ويتقبلها, ويحاور ويشارك فيبتكر, كيف لا وقد ميزه الله على سائر الكائنات بهذا العقل العجيب. ومن هذا المنطلق ومن حيث أهمية الحقوق لأبنائنا الطلاب وأفراد المجتمع وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم يجدر الاهتمام بالمؤسسات التربوية والإعلامية والثقافية ومطالبتها بتقديم إستراتيجية وطنية من واقع احتياجنا الفعلي لصناعة مواطن يعي تماماً تبعات الدور المنوط به في حياتنا المؤسسية الراهنة والمستقبلية وعارفاً بحقوقه وواجباته ومتمسكاً بها, ومن هنا فإن التربية الحقوقية في ظل وطن حريص على أنبائه يعطينا فهماً واضحاً يعد في غاية الأهمية أنها عملية تعميق الحس والشعور بالواجب تجاه المجتمع وتنمية الشعور بالانتماء للوطن في ظل حياة سعيدة ملؤها المساواة والعدالة والعيش المشترك, وغرس حب النظام والحق والاتجاهات الوطنية والتعاون بين المواطنين, وترسيخ المروءة والفداء والتضحية واحترام النظام والقوانين والمحافظة على منجزات الوطن ومقدراته وثرواته, كما أن المواطنة وحقوق الإنسان لا تقف عند حدود التوعية بكل ما نحتاجه بل تعمق الانتماء للوطن وخاصة في نفوس الناشئة وتوعيتهم بحقوهم وما عليهم من واجبات بل والعمل على ممارسة هذه الحقوق بكافة الأشكال. ولما كانت المؤسسات الثقافية والتعليمية من أهم القنوات الفعّالة للاتصال ونقل المعلومات وإكساب القيم والاتجاهات الجديدة للأجيال المتعاقبة, بالإضافة إلى دورها المهم في تحقيق الأهداف التنموية وفي مجال ثقافة حقوق الإنسان من خلال سلامة حراك المنظومة الثقافية والتعليمية المواكبة والملائمة لمتطلبات الحياة وبالتالي مواجهتها لأي تيارات خارجية عدائية أو معاكسة لسياسة الدولة وسيادتها. Your browser does not support the video tag.