المتفق عليه أن تعامل الإدارة مع الموظفين سلباً أو إيجاباً سينعكس على سلوك الموظفين مع العملاء، كما أن عدم اعتزاز الموظف بالجهة التي يعمل فيها هو مؤشر على وجود خلل. من تجارب القيادة القديمة المفيدة ما رواه السيد سيمون سينك وهو مؤلف كتاب بعنوان (ابدأ مع لماذا.. كيف يلهم القادة العظماء الناس للعمل) فقد مرت إحدى شركات الطيران الأميركية في الثمانينات وبداية التسعينات بمرحلة كانت الحالة فيها سيئة، تعرضت للخسائر، وتقدمت بطلب حماية من الأفلاس، وتعاقب على إدارتها 10 مديرين تنفيذيين خلال عشر سنوات، وكان تصنيفها الأخير في جميع مؤشرات الأداء. عندما جاء مدير تنفيذي جديد يدعى جوردون بيثون لهذه الشركة كتب تقريراً بعنوان (من الأسوأ إلى الأفضل) يصف فيها التحول الذي حدث للشركة يقول فيه: (استطعت أن أكتشف المشكلة الكبرى في الشركة من الثانية الأولى، كانت مكاناً مزرياً للعمل، كان الموظفون يتعاملون بفظاظة مع الزبائن وبوقاحة فيما بينهم، ويشعرون بالخجل من شركتهم. ولا يمكنك تقديم منتج جيد من دون أناس يحبون المجيء إلى العمل). كان مفتاح الحل بالنسبة لهذا المدير هو مبدأ (الموظفون أولاً) منطلقاً من فكرة أن الموظف السعيد سوف يسعد الزبون، والزبون السعيد سوف يسعد حامل الأسهم. لم تكن الثقة موجودة في بيئة العمل بهذه الشركة، كان أحد الطوابق في الشركة مخصصاً للمديرين التنفيذيين، الدخول إليه ممنوع إلا لمن هم في مرتبة نائب رئيس، الدخول يتطلب بطاقة إلكترونية، ويوجد كاميرات مراقبة وحراس مسلحون يتجولون في هذا الطابق، ومع قدوم بيثون بدأ بتغيير ثقافة الشركة، فماذا فعل؟ انطلق من قناعة أنه إذا أراد النجاح الحقيقي المستدام فيجب على الموظفين أن يسعوا إلى الفوز من أجل أنفسهم، كان يركز على تحقيق الفوائد والمكاسب للموظفين، جعل الفوائد مكافأة يمكن للموظفين كلهم أن يكسبوها أو يخسروها بصورة جماعية وليس بشكل فردي. وتخلص من الحراس في طابق المديرين التنفيذيين، وطبق سياسة الباب المفتوح وكان يتواجد فجأة في المطار ويشارك العمال في حمل الحقائب، وقام بطرد مدير تنفيذي لأنه أمر بتأخير طائرة عن موعدها لأنه كان متأخرا في الوصول إلى المطار، وقرر صرف مكافأة 65 دولاراً لكل موظف في كل شهر يتم فيه تصنيف الشركة بين الشركات الخمس الأولى في دقة المواعيد. في السنة التالية جاءت النتائج سريعة فقد حققت الشركة أرباحاً بلغت 250 مليون دولار وأصبحت من أفضل الشركات في أميركا. تفاصيل كثيرة في هذه التجربة لا يتسع المجال لعرضها، لعل من أهم النقاط التي يجب الإشارة إليها والتفكير فيها هي حب الموظف لعمله واعتزازه بالمنظمة التي يعمل فيها، وإيجاد ثقافة تكون الثقة والعدالة من أهم مبادئها كما فعل المدير التنفيذي بطل هذه القصة. Your browser does not support the video tag.