سيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها الأحد على مدينة عفرين في شمال سورية إثر عملية عسكرية استمرت نحو شهرين وأسفرت عن مقتل أكثر من 1500 مقاتل كردي، وحققت تلك القوات تقدماً سريعاً داخل المدينة التي تعرضت لقصف عنيف خلال الأيام الماضية دفع بأكثر من 250 ألف مدني للفرار منها، وشوهد في عفرين صباح الأحد مقاتلين من الفصائل الموالية لأنقرة وجنوداً أتراكا ينتشرون في أحياء المدينة، ووقفت دبابتان للقوات التركية أمام مبنى رسمي، فيما اطلق مقاتلون النار في الهواء ابتهاجاً، وتحدث أحد السكان عن غياب الاشتباكات، مشيراً إلى انسحاب المقاتلين الأكراد من المدينة، وسمع آخر خلال ساعات الصباح الأولى أصوات اطلاق رصاص وهتافات «الله أكبر». وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق الأحد أن «وحدات من الجيش السوري الحر مدعومة من القوات المسلحة التركية سيطرت على مركز مدينة عفرين بالكامل»، مشيراً إلى عمليات نزع ألغام تجري حالياً في المدينة، وقال المتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ على حسابه على تويتر «عملنا لم ينته (...) لكن الإرهاب والإرهابيين انتهوا من عفرين»، واعتبر المرصد السوري أن التقدم السريع للقوات التركية يعود للقصف العنيف الذي تعرضت له المدينة خلال الأيام الماضية، وطاول الجمعة مستشفى رئيسياً في المدينة، وبدأت تركيا وفصائل سورية موالية في 20 يناير حملة عسكرية تحت تسمية «غصن الزيتون» ضد منطقة عفرين، قالت أنقرة أنها تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها «إرهابية» وتعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً ضدها منذ عقود. وتُعد منطقة عفرين المعروفة ببساتين الزيتون المنتشرة فيها على مد النظر، أول منطقة اختبر فيها الأكراد الحكم الذاتي بعد اندلاع النزاع ثم انسحاب قوات النظام منها في العام 2012، وخلال نحو شهرين من العملية العسكرية، سيطرت القوات التركية على مساحات واسعة في منطقة عفرين بينها الشريط الحدودي، قبل أن تتمكن الأحد من دخول المدينة. وأسفر الهجوم التركي عن مقتل أكثر من 1500 مقاتل كردي، وفق ما قال المرصد الذي أوضح أن «غالبيتهم قتلوا في غارات وقصف مدفعي للقوات التركية». ووثق المرصد في المقابل مقتل أكثر من 400 مقاتل من الفصائل السورية الموالية لأنقرة، كما أعلن الجيش التركي حتى الآن عن مقتل 46 من جنوده، وفي مدينة القامشلي، شاهد مراسل لفرانس برس السبت عشرات المدنيين يشيعون جثامين أربعة مقاتلين قتلوا في معركة عفرين، وقد لفت نعوشهم براية الوحدات الكردية. وخاض المقاتلون الأكراد الذين أثبتوا عن فعالية في قتال داعش، معارك عنيفة مع القوات التركية والفصائل الموالية لها لكنها المرة الأولى التي يتعرضون فيها لعملية عسكرية واسعة بهذا الشكل مع قصف جوي. وأمام الهجوم التركي، طالب الأكراد دمشق بالتدخل، وبعد مفاوضات دخلت قوات محدودة تابعة للنظام انتشرت على جبهات عدة، لكن سرعان ما استهدفها الأتراك بالقصف، وأراد الأكراد بشكل أساسي من الجيش السوري نشر دفاعات جوية تتصدى للطائرات التركية، وهو ما لم يحصل، وحمل الأكراد التحالف الدولي، حليفهم الرئيسي ضد تنظيم داعش، جزءاً من المسؤولية، واعتبروا أن التحالف تخلى عنهم لعدم تمكنه من منع تركيا من شن هجومها على عفرين. وأسفر الهجوم التركي أيضاً، وفق المرصد، عن مقتل 289 مدنياً بينهم 43 طفلاً. وتنفي أنقرة قصف المدنيين مؤكدة أنها تستهدف مواقع القوات الكردية فقط. أفراد من الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا يحتفلون بعد السيطرة على عفرين (رويترز) Your browser does not support the video tag.