فجع الوسط الثقافي والإعلامي بوفاة الأستاذ الرائد محمد العجيان الذي وافته المنية صباح اليوم الجمعة بعد مسيرة صحفية مشرفة كان له فيها بصمة واضحة وقد تقلد الراحل مناصب عديدة مهمة أثرى فيها الساحة الثقافية والصحفية وقدم مساهمات عديدة مع زملائه الرواد خدموا من خلالها الصحافة السعودية. وقال الأديب محمد القشعمي مؤلف كتاب "محمد العجيان: الصحفي.. الإنسان": إن الوسط الثقافي والإعلامي فقد رائداً من رواده وصاحب مسيرة حافلة امتدت لأكثر من ستة عقود ساهم فيها في الأخذ بأيادي العديد من الصحفيين . ويعد محمد العجيان من الرواد الذين عملوا في الصحافة السعودية منذ فترة مبكرة ويذكر محمد القشعمي أنه تعرف على الراحل محمد العجيان كزميلين بمعهد الرياض العلمي منتصف 1959م واستمرت علاقتي معه، ومنه عرفت الصحافة الحائطية أولاً ثم الورقية وبالتحديد جريدتي اليمامة والقصيم، وكان التنافس بين طلاب الفصول والسنوات على أشده في أن تظهر صحيفتهم الحائطية أفضل من غيرها ويسرد القشعمي قصة تعلق الراحل العجيان بالصحافه بقوله "بدأ العجيان في صغره وهو مايزال في المدرسة الابتدائية يعد صحيفة مكتوبة بخط اليد، يعلقها على باب منزله، ثم تطور الموضوع عند التحاقه بالمعهد العلمي بإعداد صحيفة حائطية باسم (الثقافة) بمشاركة بعض زملائه، وعند افتتاح أول مكتب بالرياض لصحيفة البلاد، التي كانت تصدر بجدة عام 1380-1381ه فقد رأى بالصدفة اسم المكتب في شارع الثميري بالرياض وهو متجه مع زميله صالح الصويان، لمقر الإمارة للبحث عن وظيفة إدارية.. فترك زميله واتجه لمقر الجريدة، وبالصدفة قابل رئيس تحريرها حسن عبدالحي قزاز، الذي كان قادماً لافتتاح المكتب وكان إلى جواره يوسف الدمنهوري الموظف وقتها بوزارة الإعلام، الذي كان مكلفاً بإدارة المكتب حتى يعيّن له مديراً متفرغاً. محمد القشعمي: قدّم مسيرة حافلة وأخذ بأيدي الكثير وشجعهم ويمضي القشعمي في سرد تفاصيل قصة البداية قائلاً: لم يكن يدر بخلد العجيان الذي دخل إلى المكتب مهنئاً ومباركاً.. أنه سيعين به! فبمجرد سلامه على القزاز عرّف نفسه بأنه صحفي، ففوجئ القزاز، وطلب منه أن يكتب أي شيء، وأعطاه ورقة، فكتب تهنئة وقدمها له، وبعد أن قرأها القزاز عرض عليه الوظيفة بالمكتب، فوافق فوراً، وبدأ العمل الصحفي محرراً للأخبار المحلية. وبين القشعمي أن كتابه عن الراحل تضمن في الفصل الثاني مسيرة العجيان الصحفية عبر عدة موضوعات رئيسة جاءت متسلسلة عطفاً على المسيرة الصحفية (زمنياً) إذ جاء أول موضوعات هذا الفصل بعنوان: مع الصحافة.. في جريدة الرياض؛ جريدة اليوم؛ مجلة اليمامة؛ جريدة العصر؛ الوكالة الأهلية للإعلام "نبراس" إلى جانب فصل للصور، بينما جاءت شهادات أصدقاء العجيان في آخر فصول الكتاب. القشعمي ضمّن في كتابه أول مقال كتبه العجيان ونشر له في الصحافة وآخر مقال كتبه العجيان ونشر له في الصحافة؛ آخر مقابلة صحفية تجرى معه.. التي كان ضمنها السؤال التالي: كيف كان عملك الصحفي؟ وكيف كنتم تجمعون الأخبار؟ ليجيب قائلاً: كنت أذهب ب(السيكل) إلى أقسام الشرطة والوزارات التي كانت كلها في شارع واحد.. الذي هو شارع المطار القديم، وأجمع الأخبار، ثم أحررها، وأنقلها بواسطة الاتصال بالهاتف إلى مكتب الرئيس في جدة، وكانت الوزارات المصدر الوحيد. وقال الناشر عثمان العمير: كان محمد العجيان أستاذاً.. أستاذاً علمنا كيف نمارس الصحافة العميقة وتعلم هو العمل الصامت رغم وهج المركز. داود الشريان: صحفي يكتب الجملة القصيرة ويحترم معايير الخَبر وبين الإعلامي داود الشريان أنه التقى الراحل محمد العجيان في عام 1978، في مبنى "مؤسسة اليمامة الصحافية" حيث كان لقاؤه عابراً برجل لم أعرفه سابقاً، واكتشفت، لاحقاً، أن العجيان صانع المهنية في الصحافة السعودية الحديثة. وقال الشريان: الراحل العجيان كان يستعد في تلك الفترة بتطوير مجلة «اليمامة»، أقدم مجلة أسبوعية سعودية وفي اللقاء العابر طلب العجيان أن التقيه غداً صباحاً، واستمر اللقاء سنوات. العجيان رجل مهذب، ويتصرف بلباقة يحسده عليها حتى الأمراء. وبين داود الشريان أن محمد العجيان بدّد خيبة أملي بالوصول إلى صحافة سعودية تحتفي بالنص الموضوعي. كان صحافياً يكتب الجملة القصيرة، ويحترم معايير الخبر. لم يكن في جيله، ولا من سبقه، من يكتب لغة الصحافة الحديثة مثله. محمد العجيان أول من نقل النص الصحافي من الجملة الأدبية إلى الخبرية، وأفسح المجال للنص الموضوعي، والجملة القصيرة، والمباشرة. وهو الأب الروحي للصحافة السعودية الحديثة من دون مبالغة. تركي السديري ومحمد العجيان رحمهما الله في ديوانية الفقيد ويبدو الزميل محمد الوعيل جانب من تدشين كتاب يروي مسيرة الفقيد لقطة للفقيد مع أصدقائه خلال الاحتفاء به في منزله