قد يعجب الكثير من قدرة شعراء النبط الفائقة على التعامل مع مفردات غير شائعة ولا معروفة عند الناس. وجاء الشاعر محمد العوني بأبيات ضمن قصيدة الخلوج المعروفة ووظف فيها المفرد الغريب "البلنزا" فقال واصفا الفوارس: من مثل ابو ثامر ليا ضبضب القِتَرْد والخيل زاد مْن البلنزا جْفالها. له هدّةٍ ماقيل ابا زيد هدّها. وْلا عنتر العبسيّ ماقيل نالها. وثمة زجل غنائي نُردده في الصغر يقول: من كِتَلْ شيخ البلنزا. من سطا يقلطْ عليه. مِنْ كتَلْ = من قَتلَ. يقلِطْ = يبارزه أو يتجرّأ عليه. رددنا شعر العوني وحفظنا نصوصا قد لا ندري معناها ولا مفرداتها ولا نعلم من أين جاءت. سألتُ شعراء ورواة معاصرين عن البلنزا، والكل أدلى بدلوه. لكنني عثرتُ في معجم ٍ إنجليزي على الكلمة الأجنبية المكتوبة في العنوان، فقلتُ لعلها أقرب تطابقا مع المفرد الشعريّ الذي استعملهُ العوني. وتعني الشجاعة والإقدام، وقد أكون أخطأت الصواب. وأسأل نفسي من أين اكتسبها العوني وبرع في توظيفها لو لم تكن شائعة ومعروفة في عهده، حيث إن للكرّ والفرّ مفردات شعرية اختفت أو بدأت تختفي من حياتنا الثقافية. الشاعر، قديما وحديثا، والشعر فصيحا أو عاميا يتطلع إلى قناعة السامع بموهبته ليحتل المكانة التي يرغبها. فالمتنبي مثلا "ينام ملء جفونه" عن غرائب وشوارد الكَلِم، ويُشغل الآخرين برموز شبه مستعصية، ليُعزز موقعه الحصين. في الروايات والأفلام يستعملون المؤثرات الصوتية، ذات الذبذبة العالية مثل هزيع ريح أو صرير باب لإيصال المشاهد إلى الذروة، المسماة بالإنجليزية (كلايماكس). وأجده من حق الشاعر أيا كان غرضه الشعري إحلال كلمة "البسالة" ب... "البلنزا".