منذ سنوات قليلة والعالم يقف مذهولا أمام ما تقوم به المملكة من حراك، فبالرغم من الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة، إلا أن الحكومة تسابق الزمن نحو تحديث نفسها بنفسها. وما أن ينتهي الإعلان عن مشروع، حتى نرى مشروعا آخر يوضع له حجر الأساس، وما أن تحضر الحفارات والمعدات للبدء فيه، حتى نرى مشروعا آخر يعلن عنه، وما ذلك إلا لأن المملكة بقيادة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز (يحفظه الله) لا تقف مكتوفة الأيدي عن استكشاف نفسها يوما بعد آخر. وحينما أطل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع قبل عامين ليعلن عن رؤية المملكة 2030، كان البعض يظنها «أضغاث أحلام»، تنتهي مع الاستيقاظ من النوم، لكن خلال فترة قصيرة بدأ المواطنون يعون أنهم ليسوا في «أحلام» وإنما هم في حقيقة تسابق الزمن للصعود إلى الأعلى مع بقية دول العالم المتقدم. واليوم يرى السعوديون أنفسهم أمام مشاريع تعلن يوما بعد آخر، فهناك افتتاح مشاريع ضخمة كقطار الحرمين ومطار جدة، وهناك لجان تعمل الليل بالنهار لبلورة الاقتصاد والبحث عن موارد جديدة. هنا إذا المملكة بثوبها الجديد، وبكنوزها الثرية، ومواردها الطبيعية الهائلة، وطموح قيادتها الذي لا يتوقف عند صحاري وبحار، بل يتجاوزها إلى ما هو أكبر في الطموح. وجاء الإعلان عن مشروع البحر الأحمر، ليذهل العالم بأسره أن السعوديين ليسوا أقل منهم في الطموح والحضارة والكنوز المدفونة في وطنهم، ما جعل المشروع حديث الناس وفرحهم خلال اليومين الماضيين، لأنهم على علم بأن من يقف خلف هذا المشروع هو من أطلق رؤية المملكة 2030، وهو من يشرف ويتابع كل صغيرة وكبيرة في تفاصيل المشاريع وغيرها. والآن من حق السعوديين والشباب منهم خاصة، أن يستبشروا بمستقبل بلادهم، وأن ما يرون من تقدم في بعض دول العالم الغربي، سيرونه بإذن الله في وطنهم، وستكون حالة التذمر من نقص بعض المشاريع الترفيهية شيء من الماضي. استغلال ساحل البحر الأحمر ويرى بسام العبيد المحلل الاقتصادي أن مشروع البحر الأحمر يوضح مدى توجه القيادة الرشيدة للاستفادة من كل ما من شأنه خلق قنوات استثمارية تدعم اقتصادها وفقا لرؤية 2030 أيضا، مبينا قطاع السياحة لاشك أنه احد تلك القنوات المهمة والتي تعدّ مصدر الدخل الوحيد لبعض الدول، واستغلال ساحل البحر الاحمر وتحديدا المنطقة المختارة للمشروع كونها استراتيجية من حيث وفرة الجزر والمحميات الفطرية والنباتية والحيوانية. وأوضح العيد أن ميزة المشروع قرب الأماكن التاريخية منه، وهو ما يدل على ان أهم عنصر وهو تحديد المكان والجغرافيا كان اختيارا موفقا، فضلا عن وجود المشروع بمكان مناسب للسياحة الداخلية وللسياح من الخارج ومع وعد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، وصندوق الاستثمارات العامة الذي يرأسه سموه بتوفير كافة الخدمات والنقل والاحتياج لضمان صناعة بيئة سياحية خصبة. وبين العبيد أن كل ذلك سيصب بإذن الله لصالح المنطقة والوطن ككل، حيث يتوقع أن يجلب المشروع شراكات محلية ودولية ويسهم بتدفق رؤوس أموال من الخارج، والتي تدفع بعجلة الاقتصاد للأمام، خاصة أنه سيخلق آلاف الفرص الوظيفية لشباب وشابّات الوطن، كما انه سينشط كثيرا من عدة قطاعات كالتشييد والبناء والاسمنت والخدمات والأغذية ويدعم مجالات كثيرة أخرى ويحرك عجلة الاقتصاد بقوه أكبر وهو المنتظر من مثل هذه المشاريع. وأكد أن هذا المشروع سيجعل المملكة من الوجهات السياحية بالمنطقة، والمشروع يعتبر خطوة موفقه تحسب للأمير الشاب محمد بن سلمان، حيث تميز بتنوع الفكر الاقتصادي المصحوب بقرارات على أرض الواقع، وهي اضافة مهمة في مجال السياحة وتنوع مصادر الدخل للمملكة. 50 جزيرة طبيعية من جهته، أوضح د. صالح بن عبدالله الحبيب المستثمر في القطاع الفندقي، أن تشييد منتجعات سياحية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بالمملكة، هو انفتاح للمملكة على عالم الضيافة والفندقة ومواقع الطبيعية الأكثر جمالا في العالم، حيث نطمح جميعاً للارتقاء بالسياحة العالمية عبر فتح بوابة البحر الأحمر أمام العالم. وبين الحبيب أنه من خلال خبرتنا في مجال الضيافة والفندقة نؤكد أن المشروع سيجلب استثمارات إلى المملكة في ظل السعي إلى استقطاب وإعادة توجيه مصروفات السياحة السعودية إلى الداخل، حيث تحوّلت الصناعة الفندقية في المملكة خلال السنوات الأخيرة، إلى واحدة من أهم الصناعات التي تلقى رواجاً كبيراً بين المستثمرين، خصوصاً أنها تقتطع نصيباً لا بأس به من الموازنات المخصصة لتنظيم المؤتمرات وورش العمل من قبل الوزارات والجهات الحكومية والخاصة. وأضاف الحبيب أنه على الرغم من ارتفاع حجم الاستثمارات الفندقية في السعودية، فإنه ما زالت الفنادق العالمية تهيمن على السوق المحلية، في حين يقتصر نزلاء الفنادق المحلية على سيّاح الداخل، الذي يتقاطرون لزيارة المدن الكبرى لا سيما الساحلية منها، كجدة والدمام لقضاء إجازات الصيف أو الأعياد. وتوقع الحبيب أن القطاع الفندقي السعودي سيُسجّل نمواً متزايداً في حجم الاستثمارات خلال الأعوام الخمسة المقبلة ب100 مليار دولار، مقارنة بعدد من الدول العربية، في حين وفّر القطاع، بحسب لجنة الضيافة في غرفة جدة التجارية الصناعية، نحو 300 ألف وظيفة في مختلف مؤسسات الضيافة في المملكة ليصبح أكبر القطاعات الجاذبة بين الشباب. وتابع أن القطاع الفندقي أو الضيافة في السعودية يضم نحو 230 ألف غرفة، ويتوقع أن يرتفع هذا العدد مع نهاية عام 2020 إلى نحو 310 آلاف، بينما يُقدّر عدد الفنادق التي ما زالت قيد الإنشاء بنحو 149 فندقاً في كل المدن السعودية، مؤكدا أن المملكة تشهد نقلة غير مسبوقة في حجم الاستثمارات الفندقية وتنوعها، خصوصاً مع دخول الكثير من الأسماء الفندقية العالمية إلى السوق السعودية للمرة الأولى. وأشار د. صالح الحبيب إلى أن البلاد ستشهد طفرة في مجال المنشآت والمشاريع الفندقية خلال العامين المقبلين بالتزامن مع التطور الذي تشهده المدن السعودية، والنمو السنوي المتزايد للسياحة المحلية، مضيفا أنه من المتوقع بحلول عام 2020، الانتهاء من إنشاء عدد كبير من فنادق مختلفة الفئات بحجم استثمارات يقدر ب143.9 مليار ريال على مستوى عال من جودة الخدمة، والكثير منها يحمل أسماء لشركات فندقية عالمية. اكتشاف أفضل مواقع الغوص من جانب آخر أكد د. أيمن بشاوري المستشار الاقتصادي، أننا نرى من جديد المزيد من الانجازات الفعلية لأمير شاب قوي قولا وفعلا لا يتحدث بقدر ما ينفذ، والآن نرى المزيد من طموحاته والجديد من انجازاته لرؤية 2030 مشروع لم يسبق له مثيل في المملكة. وأضاف بشاوري أن هذا التوجه سيرفع اسمنا في قمة الدول المتقدمة، مبينا أن مشروع البحر الأحمر والقائم بين مدينتي الوجه واملج حيث يوجد أكثر من 50 جزيرة طبيعية من اجمل الجزر، يعتبر اختيارا ذكيا، فضلا عن مدة المشروع التي تعتبر قياسية على مدى ضخامته. وأكد د. أيمن بخاري أن هذه المشاريع هي التي تحتاجها المملكة للمستقبل لتدعم وتظهر مواطن السياحة بالمملكة، وهذا سيجعل المملكة تصبح في مقدمة الدول السياحية بل وستسبقها بإذن الله، حيث إن مثل تلك المشاريع تتيح اكتشاف جميع الأماكن السياحية المعروفة وغير المعروفة بالمملكة، بالإضافة الى اكتشاف افضل مواقع الغوص في العالم لتنوع الكائنات البحرية واعتدال جوها، وسينمي السياحة بشكل ملحوظ، خلاف فرص العمل التي ستوفرها مثل هذه المشاريع. وجهة سياحية ساحلية من جانب آخر، أوضح سعود آل الشيخ مستثمر في المجال السياحي والرياضي، أن مشروع البحر الأحمر سيكون وجهة سياحية ساحلية مبهرة لعشاق الجزر والطبيعة، واستكشاف أعماق البحار وما فيها من كنوز خفية من شعب مرجانية والحياه النباتية والحيوانية ليصل ان يكون مشروعا متكاملا للترفيه والاستجمام. وتابع آل الشيخ أنه بلا شك فإن نوعية هذه المشاريع يكون لها إسهامات قوية في توفير ايرادات عالية للاقتصاد المحلي، والتي قدرت ب15 مليار سنويا وبالتالي تنعكس على ايجاد الفرص الوظيفية المتوقعة ب 35 الف فرصة وظيفية التي ستكون اولويتها للشاب والفتاة السعودية. التنمية المستدامة كما أوضح د. توفيق السويلم الاقتصادي المعروف، أن المشروع سيكون وجهة سياحية ومصدرا من مصادر الدخل، وستكون هناك خدمات اخرى مساندة لتقديم خدمة فخمة وفريدة تتألف من جزر وطبيعة خلابة ومعالم ثقافية مميزة، يقام على إحدى أكثر المواقع الطبيعية جمالاً وتنوعاً في العالم، ما يساعد في تحقيق معايير جديدة في التنمية المستدامة ويضع المملكة منافسة على خريطة السياحة العالمية. وأضاف السويلم أن الاوساط الاجتماعية والاقتصادية استبشروا بإطلاق هذا المشروع والذي يعتبر تفعيلاً لأهداف ورؤية المملكة 2030، وما تحمله من مبادرات تنافسية واستثمارات داخلية وفرص تنموية كثيرة في شتى المجالات، والتي تجعل الوسط الاقتصادي مجتمعاً حيويا بقيمه الراسخة وبيئته العامرة، ومجتمعاً مزدهراً اقتصاديا مليئاً بالفرص الاستثمارية ذات التنافسية الجاذبة للاستثمارات الفاعلة وهذا بفضل الله ثم بفضل الموقع المتميز والمتفرد لمملكتنا الحبيبة وبفضل جهود حكومتنا الرشيدة اعزها الله. وتابع د. السويلم أنه من المتوقع أن يعزز مشروع البحر الأحمر مكانة المملكة العربية السعودية عالمياً، على مستوى الصناعة السياحية ويضعها على خريطة السياحة العالمية، حيث سيستقطب السياح محلياً وإقليمياً ودولياً. كما سيعمل المشروع على جذب الاستثمارات المحلية والدولية وكبرى الشركات السياحية بالعالم، وبالتالي زيادة إجمالي الناتج المحلي في المملكة بالإضافة الى تحقيق مكاسب تنموية هائلة من خلال توفير الالاف من فرص العمل التي تقدر بحوالي 35 ألف فرصة عمل بمجرد اكتمال وتطوير المشروع، تماشياً مع رؤية المملكة 2030. وأكد أن الآمال معقودة على مثل هذه المشاريع العملاقة والجاذبة للفرص الاستثمارية والتنموية والتي نأمل ان تدار بعقلية تجارية وليس بعقلية موظفين القطاع العام لتحقيق التنمية الشاملة لبلدنا المعطاء، أدام الله على المملكة عزها وأمنها تحت راية خادم الحرمين وحكومتنا الرشيدة. وتحية لكل الجهود الايجابية والتنموية في القضايا الاقتصادية. سعود آل الشيخ د. توفيق السويلم بسام العبيد أيمن بشاوري د. صالح الحبيب