أعلن نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة أمس، عن إطلاق مشروع سياحي عالمي في المملكة تحت مسمى مشروع «البحر الأحمر»، يقام على إحدى أكثر المواقع الطبيعية جمالا وتنوعا في العالم، بالتعاون مع أهم وأكبر الشركات العالمية في قطاع الضيافة والفندقة، لتطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه، وذلك على بُعد مسافات قليلة من إحدى المحميات الطبيعية في المملكة والبراكين الخاملة في منطقة حرة الرهاة. تطوير القطاع السياحي قال أستاذ الإدارة الاستراتيجية وتنمية الموارد البشرية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن د. عبدالوهاب القحطاني: إن إعلان نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق مشاريع سياحية عديدة تحت مسمى مشروع البحر الأحمر، يعتبر دعما اقتصاديا قويا وجاذبا للمستثمرين من المملكة وخارجها، حيث ستستثمر فيه الحكومة ممثلة في صندوق الاستثمارات العامة وبالتعاون مع شركات عالمية متخصصة في قطاع السياحة والفندقة والضيافة، وذلك لتطوير منتجعات سياحية متميزة على ساحل البحر الأحمر وفي أكثر من 50 جزيرة طبيعية، وللمشروع فوائد اقتصادية كثيرة منها على وجه التحديد تطوير القطاع السياحي في المملكة. وبين القحطاني أن القطاع السياحي سيستفيد من تنمية هذا المشروع العملاق بعد أن تشارك الشركات السعودية في إنشاء البنية التحتية، وسيكون لصندوق الاستثمارات العامة دور كبير في ضخ الأموال بالمشروع والاستفادة من العوائد الاستثمارية بصفته الصندوق السيادي الأكبر في المملكة، ويسهم المشروع في قاعدة التنويع الاقتصادي في المملكة. أما من ناحية الأمن الاقتصادي فإن نسبة كبيرة من استثماراتنا ستكون في بلادنا تحت سيطرتنا وإدارتنا وتوجيهنا، وستكون السيولة النقدية المتدفقة كعائدات إلى صندوق الاستثمارات العامة مصدرا ماليا يعتمد عليه في الميزانية السنوية الحكومية. وأضاف: إن المواطن والمقيم والزائر السياحي سيستفيدون من هذا المشروع، وبإمكانهم قضاء اوقات ممتعة في بلادنا وبالتالي ضخ أموالنا في روافدنا السياحية، وكما نعلم أن السياحة من أهم مصادر الدخل وإجمالي الناتج المحلي من الترفيه والضيافة والفندقة، ناهيك عما تسهم به من فوائد في المعرفة والثقافة، كما أن السياح الأجانب سيقدمون إلى تلك المناطق السياحية في البحر الأحمر، وينفقون أموالهم للاستمتاع بما فيها من جذب سياحي طبيعي بعد توفر البنية التحتية والخدمات التي ترقى إلى المعايير العالمية. مراقبة المحتوى الوطني وأوضح القحطاني أن المشروع سيوفر مئات الآلاف من الوظائف للمواطنين والمواطنات الباحثين عن الوظائف المباشرة وغير المابشرة للنشاط السياحي والترفيهي حسب رغباتهم وتخصصاتهم وكفاءتهم وتدريبهم، ويفتح المشروع الفرصة لتخصصات جديدة بالمعاهد والكليات والجامعات المحلية في مجالات الترفيه والارشاد السياحي والتراث وتقنية المعلومات السياحية وحرف الهدايا التذكارية والتحف ذات العلاقة بالأماكن السياحية في تلك الجزر بالبحر الأحمر. وقال: إن مشروع البحر الأحمر سيضيف قيمة اقتصادية وثقافية واجتماعية للمملكة على المدى البعيد، بل سيجعلها وجهة سياحية عالمية مما يزيد روافدها الاقتصادية غير البترولية. وسيحفز المشروع قيام منتجات عائلية تراثية كالملبوسات والأكلات الشعبية والتحف من مختلف مناطق المملكة. وستتخصص شركات عديدة في تسويق نفسها في المجال السياحي والتراثي من خلال منتجاتها سواء المنتجات المرتبطة مباشرة بالأماكن السياحية أو المتعلقة باحتياجات السياح عامة. وأشار القحطاني الى أن قطاع المقاولات سينشط إذ أن هذا المشروع يشجع الشركات المتخصصة في المقاولات على الاندماج للاستحواذ على نصيب الأسد من المناقصات، خاصة أنها ستواجه منافسة قوية وشرسة من الشركات العالمية الشهيرة. وبين أن مثل هذه المشاريع لا بد من إدارتها بشفافية ورقابة محكمة على التكاليف والجودة لتحقيق الأهداف المأمولة بكفاءة عالية وتكلفة غير متضخمة لما لذلك من أثر كبير في العوائد الاستثمارية للمشروع. ومن الأهمية أن تفرض وتراقب الحكومة المحتوى الوطني؛ لما له من تأثير إيجابي في تحفيز الشركات الوطنية على الإنتاجية والمنافسة العادلة من غير تمييز يتنافى مع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية. منجم المشروعات السياحية وأكد المستشار المالي والمصرفي فضل البوعينين، أن مشروع البحر الأحمر هو المشروع الثاني في إستراتيجية صندوق الاستثمارات العامة في القطاع السياحي بعد مدينة القدية التي جاءت وسط بيئة صحراوية وجبلية، كما أن استثمارات صندوق الاستثمارات العامة أصبحت المحرك الرئيس للقطاع السياحي وفق رؤية استراتيجية تكاملية. وأوضح البوعينين أن مشروع البحر الأحمر أحد أهم المشروعات الطموحة التي ستغير وجه السياحة السعودية وسترفع من مساهمتها في الناتج المحلي، حيث من المتوقع أن يضيف للاقتصاد عند إنجازه 15 مليار ريال سنويا، وكثير من الفرص الاستثمارية الصغيرة والمتوسطة الى جانب الفرص الوظيفية، بالإضافة الى كونه محورا لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية وقدرته على تغذية قطاعات الاقتصاد المختلفة وتنشيطها، ويعتبر القطاع السياحي أحد أهم القطاعات المستهدفة بالتطوير ومشروع البحر الأحمر سيشكل نقلة نوعية للسياحة والاستثمار. وذكر أن التعامل مع المشروع باستقلالية وشمولية وفتحه أمام السياحة الأجنبية سيغير من رؤية المملكة للقطاع السياحي ودورها التنموي، وسيعظم الإنفاق السياحي الأجنبي الذي يمكن أن يكون موردا لتدفق العملات الأجنبية. وأضاف: إن تطوير 50 جزيرة وسواحل طويلة وإنشاء المطار والبنى التحتية يحتاج الى استثمارات ضخمة ورؤية شمولية وجهود مضنية، أدعو الله للقائمين على المشروع بالتوفيق والسداد. وأبان البوعينين أن المملكة تمتلك تنوعا بيئيا ومناخيا يجعلها منجما للمشروعات السياحية النوعية، ومشروع البحر الأحمر يستثمر تلك المقومات تنمويا واقتصاديا، والتنوع البيئي في المشروعات السياحية يحقق التكامل الأمثل بينها ويحقق الاستثمار، لافتا الى أن ضخ صندوق الاستثمارات العامة لاستثمارات نوعية في القطاع السياحي يتوافق مع رؤية 2030 من جانبين.. الأول: ضخ 50% من أصول الصندوق داخليا، والثاني تحقيق هدف تطوير القطاع السياحي ورفع مساهمته في الناتج الإجمالي المحلي. شراكات عالمية يعمل صندوق الاستثمارات العامة على ضخ الاستثمارات الأولية في هذا المشروع، ويفتح المجال لعقد شراكات مع أبرز الشركات العالمية الكبرى، مما سيسهم في جلب استثمارات مباشرة وجديدة إلى المملكة، مع السعي إلى استقطاب وإعادة توجيه مصروفات السياحة السعودية إلى الداخل. وسيكون الصندوق هو المستثمر الرئيسي والرائد في تطوير المشروع وجذب المستثمرين المحليين والدوليين. فمن المهم معرفة أن الصندوق يركز على المشاريع الحالية والمستقبلية المحتملة التي تساعد على تعزيز اقتصاد المملكة من خلال الاستثمارات الحكيمة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة وفرص النمو الاقتصادي محليا ودوليا. ومشروع «البحر الأحمر» أحد هذه الاستثمارات للصندوق والتي ستقود الاستثمار المحلي والأجنبي، وتساعد على توليد عائدات مالية قوية ستؤدي إلى تحقيق نمو عالٍ في الوظائف وزيادة في الناتج الإجمالي المحلي، وفتح ثروة طبيعية خلابة أمام العالم في المملكة العربية السعودية. وباعتبارها استثمارا نموذجيا في صندوق الاستثمارات العامة، سيتم استقطاب أهم المستثمرين عالميا، ودعوة هذه الكفاءات لتكون جزءا من كتابة تاريخ جديد يدفع عجلة التنمية.