أظهرت أعداد كبيرة من جنود الإسكندر المقدوني تذمرها من طول مدة الغزو التي فرقتهم عن أهلهم وديارهم، فما كان من الإسكندر إلا أن خاطب جنوده قائلاً:"لأجلكم أيها الجنود صبرت على كل الآلام والجراح. هل منكم أحد تحمل مثل تلك الجراح لأجلي؟ من كان عنده آثار جرح فليريني إياها، سأريه وغيره جراحي على جسدي.. لأجل أن تحظوا أنتم بالمجد والغنائم أخذت على عاتقي كل تلك الجراح! وحتى أولئك الذين لم يعودوا قادرين على القتال، أريدهم أن يعودوا منتصرين محسودين من رفاقهم الذين في الديار. ورغم كل هذا أرى منكم من يتخاذل ويريد أن يولي الأدبار، إرحلوا من هنا إن أردتم الرحيل!". مقالة اليوم تحت عنوان: المدير وجراح الموظفين... ننتقل إلى الولاياتالمتحدة الأميركية حيث واجهت شركة تيسلا المتخصصة بصناعة السيارات الكهربائية مشكلة ارتفاع نسبة الإصابات في مصانعها. وحسب منظمة (Worksafe) الخيرية فقد كانت نسبة الإصابات في مصانع شركة تيسلا أعلى بحوالي 30% من معدل الإصابات في بقية مصانع السيارات. ولمعالجة هذه المشكلة قامت إدارة الشركة باتخاذ عدد من الخطوات مثل توظيف بضعة آلاف من الموظفين الجدد، وتقليل العبء على الموظفين القدامى بزيادة الفرق العاملة مما أسهم بشكل كبير في تقليل معدل الإصابات. ومع ذلك لم يكتف رئيس الشركة (إيلون ماسك) بذلك، بل قام بإرسال إيميل إلى جميع موظفي الشركة يتعهد لهم فيه بالنقاط التالية: إبلاغه رسمياً بكل إصابة تحصل للموظفين في المصانع. عقد اجتماع أسبوعي مع لجنة السلامة في الشركة. زيارة كل موظف أصيب في المصنع والاجتماع معه. التوجه إلى خط الإنتاج وممارسة نفس العمل الذي مارسه الموظف الذي تعرض للإصابة لمعرفة المشكلة على أرض الميدان وحلها. ولك أن تتصور كيف كانت مشاعر العاملين في الشركة وهم يرون رئيسهم يتخاطب معهم مباشرة ويولي موضوع إصاباتهم أقصى اهتمامه بل ويمارس نفس الأعمال الخطرة بالمصانع. وشتان بين قائد ومدير يداوي جروح الموظفين وبين من يظن الإدارة هي التفنن بجرح الموظفين ماديا ومعنوياً والإساءة إليهم. وخير قدوة على مر العصور هو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم والذي أثنى عليه عز وجل في تعامله الفذ مع أصحابه بقوله: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).