يعاني الكثير من الناس في شهر شوال من اضطرابات في النوم، وهي بالتحديد عدم القدرة على النوم ليلاً، وصعوبة الاستيقاظ صباحاً. وكما هو معلوم ومثبت في الأبحاث المحلية فإن المجتمع السعودي وخاصة فئة الشباب يتغير نظام نومهم خلال شهر رمضان بشكل كبير حيث يتأخر وقت النوم إلى الساعات الأولى من الفجر ويتأخر وقت الاستيقاظ إلى ساعة متأخرة من نهار اليوم التالي. وتساهم في هذه العادة الخاطئة عدة عوامل منها المسليات، والتي تزداد بالليل حتى ساعة متأخرة مثل القنوات الفضائية، وتنظيم المسابقات الليلية، وزيادة نشاط الأسواق بالليل، وعشق الناس للسهر مع الأصدقاء حتى ساعة متأخرة، وتزداد هذه الممارسة الخاطئة خلال الثلث الأخير من الشهر الكريم، وخلال إجازة عيد الفطر المبارك، مما ينتج عنه تغير في ساعات معينة (عادة الليل) إلى الاستيقاظ والنشاط في ساعات أخرى (عادة النهار) فيصبح نهارهم ليلاً، وليلهم نهاراً، وفي نهاية الإجازة يفاجأ هؤلاء بأن عليهم النوم في ساعة مبكرة والاستيقاظ في ساعة مبكرة من النهار للذهاب إلى العمل، للارتباط بقضاء بعض الأعمال أو الالتزامات الاجتماعية، وهم بذلك يحاولون أن يستيقظوا في الوقت الذي تطلب فيه أجسامهم النوم، ويمكن تشبيه هذه الحالة بالسفر شرقاً عبر عدة نطاقات زمنية كالسفر لليابان مثلاً حيث يعاني بعض المسافرين مما يعرف بالجت لاق (Jetlaq) بسبب الاختلاف السريع في التوقيت بين البلدين حيث يبدأ اليوم قبل بدئه في بلد الموطن بعدة ساعات مما يسبب صعوبة للمسافر، حيث عليه أن يقدم وقت نومه واستيقاظه، وسرعة التأقلم مع الوضع الجديد تختلف من شخص لآخر، ففي حين أن البعض لا يجد أي صعوبة في التغيير السريع في نظام نومه، نجد أن الكثيرين يعانون من هذا التغير لفترات متفاوتة قد تصل إلى أسبوعين أو أكثر. وبعض المرضى تستمر المشكلة معهم لفترة طويلة بعد انقضاء الشهر الفضيل. ومن المهم هنا توضيح الفرق بين تأخير توقيت النوم الذي يحدث في رمضان ومحاولة تقديم النوم التي تحدث في شوال. من المعلوم طبياً أن تأخير موعد النوم (كما يحدث في رمضان) يمكن أن يحدث بسرعة وتأقلم سريع عند أكثر الناس، ولكن تقديم موعد النوم يكون أكثر صعوبة عند أكثر الأشخاص، وهذا ما يسبب صعوبة التأقلم في شوال. حيث إنه مثبت علمياً أن تقديم مواقيت النوم والاستيقاظ يكون صعباً جداً، مما يصعب من سرعة التأقلم بعكس تأخير النوم والاستيقاظ والذين يكون التأقلم معهما أسرع، وقد يعاني كثير من الناس من بعض الأعراض خلال الأيام الأولى من بدء الدوام مثل قلة النشاط خلال النهار، آلام في الجسم، الصداع، تعكر المزاج، نقص في الشهية، آلام في المعدة وحموضة، واضطراب الجهاز الهضمي. وللأسف لا توجد أي إستراتيجية أو أسلوب علاجي يمكنه التخلص من هذه المشكلة بصورة فاعلة خلال يوم واحد، ولكن لا بد من محاولة الاستعداد للنظام الجديد في النوم والاستيقاظ عدة أيام قبل بدء الدوام، وهذه بعض النصائح السلوكية التي قد تساعد على سرعة التأقلم وتساعد في تخفيف أعراض اختلاف وقت النوم: محاولة تغيير وقت النوم والاستيقاظ عدة أيام قبل بداية الدوام، ويجب الاستفادة من الأيام الأخيرة من إجازة العيد في ذلك، علماً بأن محاولة تعديل نظام النوم يجب أن يتم بصورة تدريجية. * تجنب الوجبات الثقيلة والدسمة في الأيام الأولى من بدء تغيير نظام النوم حتى تتوافق الساعة الحيوية في جسمك مع التوقيت الجديد. * التعرض لإضاءة قوية عند الاستيقاظ لمدة ساعة على الأقل (لا يتطلب ذلك البقاء خارج المنزل تحت الشمس ولكن يمكن التعرض للضوء من داخل المنزل أمام إحدى النوافذ)، لأن الضوء هو العامل الأساسي في تحديد الساعة البيولوجية حيث يقوم بخفض مستوى هرمون النوم (الميلاتونين) في الدم خلال النهار. * تجنب التعرض لإضاءة قوية من بعد صلاة العصر. كذلك الامتناع عن العمل على الجوالات، والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر قبل النوم بساعتين على الأقل. * التقليل من الأنشطة التي تسبب الإثارة قبل موعد النوم بساعتين كما يفضل أن تكون الإضاءة هادئة في وقت المساء.