سلسلة قرارات احترافية جريئة ومتسارعة أصدرها الاتحاد السعودي لكرة القدم في الشهر الماضي كانت كفيلة بأن تهز الساحة الرياضية؛ أهمها ما يتعلق بالتنظيمات المالية التي هي بمثابة عد تنازلي للخصخصة غير أن قراري السماح بالحارس غير السعودي، وزيادة عدد اللاعبين غير السعوديين إلى ستة استحوذا على الاهتمام المطلق. ثمة تباين إزاء القرارين إعلامية وجماهيرية، ما بين مؤيد ومعارض ومتحفظ، وجل وجهات النظر المعاكسة تتناوله من زاوية المنتخب، إذ تذهب إلى أنهما سيؤثران على عملية اختيار اللاعبين بحيث لن تتجاوز اللاعبين الاحتياطيين في فرقهم، فهم يرون أن المنطق سيفرض ذاته باستحواذ اللاعبين غير السعوديين على الخانات الأساسية بدءاً من حراسة المرمى وحتى آخر المهاجمين، بينما سيأخذ اللاعبون السعوديون مرغمين دكة الاحتياطيين مأوى لهم، ما سيخلف لنا منتخباً من الاحتياطيين. أكثر ما عزز تلك النظرة السلبية تجاه القراريين تدافع الأندية في الأيام الماضية على التعاقد مع حراس المرمى غير السعوديين، إذ تعاقد التعاون مع المصري عصام الحضري، والشباب مع التونسي فاروق بن مصطفى، وأحد مع الجزائري عزالدين دوخة، وترقب حسم الهلال لانتقال العماني علي الحبسي، مع توقع أن تتجه أندية أخرى صوب تطبيق القرار. هذا الانقلاب السريع - لا شك - صادم ويكشف عمق أزمة الحراسة السعودية، وستكون الصدمة أكبر حينما نجد أسماء بارزة من لاعبي المنتخب مكبلة في مقاعد احتياط أنديتهم، لكنها - في تقديري - صدمة إيجابية؛ إذ ستفرز لنا اللاعبين الأفضل، كما يفترض بها استنهاض وعيهم وهمم، ما ستجعل القتال شرساً للقبض على الخانة، بعدما كانت محجوزة بالاسم لبعض اللاعبين، أما حراسة المرمى فيكفينا بروز أربعة حراس كنجوم حقيقية في كل موسم، وهو جل ما يحتاجه المنتخب، فإن لم يكن أولئك الأربعة أساسيين في فرقهم فلا خير يرجى منهم. الأكيد أننا نريد منتخباً من صفوة نجوم الدوري، وهو ما قد تفرزه القرارات الجديدة، حيث سيخرج لنا في نهايته صفوة الصفوة، لكن الأكيد أيضاً أن المنتخب سيكون أقوى باحتياطيين مقاتلين مع لاعبين أقوياء في صراع الفوز على الخانة، وذلك أفضل من لاعبين كانوا يباتون في فرشهم وقد أغلقوا على خاناتهم بالضبة والمفتاح.