يثير المستوى المتراجع لحراس الفرق المحلية مخاوف القائمين على الرياضة السعودية ومدربي المنتخبات الوطنية على اختلاف فئاتها، بعد أن أضحى هذا المركز الحساس والدقيق فقيرا للمواهب التي يعول عليها في الدفاع عن المرمى بشجاعة وموهبة، ولم يعد يمكننا القول -في وضعنا الراهن- إن لدينا حارسا كبيرا يلامس شيئا من موهبة ونجومية أسطورة الكرة السعودية محمد الدعيع أو حتى شقيقه الأكبر عبدالله فضلا عن من سبقهم في الزمن الجميل الذي كان فيه الحارس يشكل مركز الثقل للفريق وعرابه على المستطيل الأخضر، «عكاظ» طرحت هذه التساؤلات على مجموعة من الخبراء الفنيين ووقفت معهم على أبرز الأسباب وراء هذا التراجع، فخرجت بالمحصلة التالية: يقول عميد المدربين الوطنيين خليل الزياني: «نتفق على أن حارس المرمى هو نصف الفريق، وأن فرقا عالمية تعتمد عليه في صناعة الألقاب وتأمين خطوطها الخلفية كونه السد المنيع للمرمى، وقبل أن نتحدث عن التعاقد مع الحارس الأجنبي، نتساءل: هل تم الاهتمام بالحارس المحلي وتدريبه وجلب مدربين حراس على مستوى عال؟، هذا سؤال مهم جدا بالنسبة للتعاقد مع الأجنبي في موقع الحراسة مثله مثل بقية المراكز، وعلينا أن لا نقلل من قيمة الحراس الموجودين. فهل يعني إذا جلبت مهاجما أو مدافعا أجنبيا في ذلك تقليل من الموجودين، بل بالعكس قد يرفع من مستواهم، ولكن رأيي أن وجود التنافس بين الحراس مهم جدا ومن الخطأ الاعتماد على حارس متمكن. ويتفق معه الحارس السابق لنادي الاتحاد والمنتخب السعودي حسين الصادق، إذ قال: «من الصعب جدا أن يكون جميع حراس دوري جميل أو غيره يتمتعون بمستوى فني كبير، لابد من تفاوت المستويات الفنية، وغالبا لا يكون هناك سوى حارس أو اثنين بارزين والبقية بمستوى عادي»، ويضيف: «هذا يرجع لعدة أسباب، منها هل النادي مهتم بالحارس؟ وهل يجلب مدرب حراس يطور مستواه ويقدم له تمارين خاصة؟ وهل الحارس نفسه مهتم بكل هذه الأمور؟، أما بالنسبة للتعاقد مع الحارس الأجنبي فأراه غير مؤثر على الحراس المحليين بشكل مباشر، ولكن مركز الحراسة لا يشغله سوى لاعب واحد، وقد يحرم وجود الأجنبي المحليين من الفرصة». يرى المدرب الوطني حمود السلوة أننا بحاجة لحلول تساعد على تطوير حراسنا بشكل أكبر وتدعمهم وتصقلهم بالخبرة، وأنه لا يجد في التعاقد مع الحارس الأجنبي أي مشكلة. وقال: «بصراحة لا أجد مبررا منطقيا أو فنيا لحصر الحراسة على السعوديين في ظل حاجة بعض الأندية لهذه الخانة، وليس صحيحا أن هذا سينعكس على المنتخب السعودي سلبا، فالحاليون سيكونون بوابة الهبوط لفرقهم إلى دوري الدرجة الأولى». وأرجع ضعف مستوى بعض الحراس لعدم وجود مدرب حراس صاحب كفاءة خلف هذا الحارس. المحليون يريدون الثقة ويعلق حارس فريق الاتفاق حاليا وأحد أبرز حراس المنتخب السعودي في العامين الأخيرين أحمد الكسار بالقول: «وجود الحارس الأجنبي في الدوري السعودي لا يخيفنا، فالميدان موجود، ومن يثبت نفسه سيقف بين الخشبات الثلاث، لكني أنصح الأندية بالاهتمام بحراس المرمى ومنحهم الثقة بدءا من مرحلة الناشئين وعدم تحطيمهم في حال الأخطاء وتحميلهم فقط مسؤولية الخسارة، بل عليهم منحهم الثقة وتشجيعهم وزرع الثقة الكاملة فيهم منذ الصغر والتركيز على تطويرهم». ويشاطره حارس فريق الأهلي عبدالله المعيوف، إذ يقول: «وجود الحارس الأجنبي في الدوري السعودي لا يؤثر بشكل كبير على الحارس المحلي، لدينا ثقة كبيرة بأنفسنا وأتحدث بشكل عام، يجب على الأندية تطوير قدرات حارس المرمى وإيجاد أكثر من حارس في الفريق مع جلب مدربين متخصصين في الأندية ومن درجة الناشئين، ليس لأنني حارس سعودي، ولكن أرى أن وجود الحراس الأجانب سيضعف من حضور المحليين، فالأندية ستجاملهم حتما على حسابنا وهذا طبيعي بحكم المبالغ المدفوعة، ويجب تطوير الحراس المحليين وزرع الثقة الكاملة فيهم وعدم تحميلهم فوق استطاعتهم. فكرة مرفوضة علق عضو الاتحاد السعودي المتحدث باسمه السابق عدنان المعيبد، قائلا: «حضور الحارس الأجنبي لم يطرح للنقاش داخل الاتحاد مطلقا، كانت هناك أفكار على هامش بعض الاجتماعات ولكنها لا تكاد تذكر، فالموضوع من وجهة نظرنا غير منطقي، فحضور الحارس الأجنبي وتعاقد الأندية معه سيجعل حراسنا يتوجهون (للمدرجات)، ولك أن تتخيل وتتساءل: 14 حارسا محليا في دوري عبداللطيف جميل للمحترفين ماذا سيكون مصيرهم؟». ويضيف: «هذا القرار لو تم تطبيقه سيؤثر على حراسة المنتخب الوطني إجمالا وهو الأهم بالنسبة لنا، بل وسيضعف الإقبال على هذا المركز من قبل اللاعبين السعوديين على مدى السنوات المقبلة، فمركز الحراسة لا يشغله سوى واحد على عكس بقية المراكز التي يكون فيها المجال متاح لعدد من اللاعبين، بدليل أن محمد الدعيع الحارس العملاق تحول من أحد المراكز إلى مركز الحراسة وبرز بشكل كبير، وهذا الأمر غير قابل للتداول ولم يتم نقاشه بشكل جاد أو التفكير به بصوت مسموع ولن نقر بالسماح للأندية بالتعاقد مع الأجنبي على الإطلاق، لأنه ببساطة مؤثر سلبا على مستقبل الحراسة السعودية.