أعضاء الأوبك يدركون جيداً أن سياسة منظمتهم غير قادرة على مواكبة الدورات الاقتصادية والحد من تجاوزات الأعضاء فلا صحة لقول «إن لم نكسب لن نخسر». فلا نظرية اللعبة (Game theory) بتوازن ناش (Nash equilibrium) تعتبر حلاً لعدم التعاون بين عدد من اللاعبين، بفرضية أنهم يعرفون استراتيجيات التوازن للاعبين الآخرين الذين لن يحققوا أي مكاسب بتغيير إستراتيجياتهم، ولا نظرية «الكارتير» التى تدعم الاتفاقات والتحكم في الإنتاج قادرة على استمرار رفع الاسعار مع تجاوزات أعضائه لبيع اكبر كمية ممكنه على حساب الاعضاء الاخرين. فمهما كان نوع تنظيم الأوبك إلا ان سلوك إنتاج اعضائها تاريخياً لا يتسم بالتزام بعضهم بالحصص الانتاجية المحدده (ابريل 1982- ديسمبر 2008م) ولا بسقف الانتاج الأعلى (30 مليون برميل يوميا) في 2011م، بل ان هذه التجاوزات استمرت من الاعضاء الاقل طاقة انتاجية والأكبر تكاليف على حساب المنتجين الكبار. هكذا قررت السعودية في 27 نوفمبر 2014م، الخروج عن أي اتفاق من اجل المحافظة على حصتها السوقية وكان القرار الاكثر رواجاً وإيجابية، حيث تراجعت الأسعار الى ما دون 30 دولاراً، مما أيقظ «اليد الخفية» في الأجل القصير نحو التوازن في الاجل الطويل وبأسعار افضل لأصحاب الميز النسبية في الانتاج والاحتياطيات والتي استطاعت تقليص الفجوة بين العرض والطلب ولكن مازالت نظرية «إن لم نكسب لن نخسر» لها صداها في أروقة المنظمة. لا أتفق مع هذه النظرية قطعياً التي تأتي على حساب الاعضاء أصحاب الطاقة الانتاجية الكبيرة والتكاليف القليلة لتخسر على المدى الطويل. فقد أثبت اتفاق الأوبك وغير الأوبك على تخفيض الانتاج في 1 يناير 2017م، بعجزه عن إبقاء الاسعار طويلا فوق 55 دولاراً، بل إن إنتاج النفط التقليدي وغير التقليدي الذي تراجع سابقاً عاد مرة اخرى للارتفاع، مما نتج عنه استمرار ارتفاع المخزونات النفطية. ورغم ذلك مازالت الأوبك تنوي تمديد الاتفاق الى نهاية 2017م، لكن من المتوقع وفي افضل الاحوال بقاء استقرار الاسعار في نطاقها الحالي على المدى القصير. إن النتيجة المتوقعة مستقبلياً عكس العنوان «إن لم تخسر لن تكسب» فلا المعروض سيتقلص بل إن ارتفاع الأسعار سيغرق الأسواق، ليبقى خيار الأسعار السوقية التي تدعم الطلب هو الأفضل. وأذكر الأعضاء الكبار، بأن ارتفاع الطلب عند اسعار السوق، يقلص من الإنتاج المكلف ويسمح للسعودية باستثمار ميزها النسبية، حيث ان دولاراً واحداً اليوم أفضل من 10 دولارات 20 عاماً من الآن، وهذا أيضاً ينطبق على الطلب حتى وصوله إلى ذروته بحلول 2040.