أي متابع للعلاقات الإماراتية السعودية، وتطورها عبر تاريخ البلدين الشقيقين يدرك بدون عناء خصوصية هذه العلاقة وفرادتها، كنموذج راسخ ومشرف، في العلاقات بين الدول، ولاسيما الشقيقة التي تتقاسم التاريخ والدين والثقافة الواحدة، كما أن نموذج العلاقات السعودية الإماراتية يحمل في طياته أكبر المعاني، وأصدق القيم، فهذه العلاقة، ليست علاقة عادية أبداً، كما هو الحال بين الدول تمليها المصالح والقواسم السياسية المشتركة، وإنما علاقة مستندة إلى عمق تاريخي وقومي وديني وثقافي واجتماعي واقتصادي، قبل أن تكون علاقة سياسية، فتاريخ الدولتين الشقيقتين يثبت دائماً تلك العلاقة الفريدة بين الأخت الكبرى المملكة العربية السعودية، بما تمثله من ثقل عربي وإسلامي والدول العربية الأخرى وخاصة دول الخليج العربية، التي تنظر إلى المملكة العربية السعودية، باعتبارها الشقيق الأكبر والجدار الصلب الذي تستند إليه المنظومة الدفاعية الخليجية، بل والقومية العربية أيضاً، وباعتبارها القوة الأكبر في العالم الإسلامي، وذات الثقل العالمي أيضاً ومن هنا فإن الزيارات المتبادلة، والتعاون الاقتصادي وغيره، إنما يجب أن يفهم من علاقة الأخوة هذه، والتي جرى اختبارها في أكثر من مرحلة، وحدث إذ أنها تستند إلى أقوى الدعائم الفكرية والسياسية والدينية والاجتماعية، وكأننا هنا نتكلم عن شعب واحد في بلدين، وليس بلدين منفصلين وقد حرصت، قيادتا البلدين فيما بعد على توثيق هذه العلاقة الأخوية باستمرار وتشريبها بذاكرة الأجيال المتعاقبة، مما يوفر المزيد من عناصر الاستقرار الضرورية لهذه العلاقة، التي تعكس في الواقع إرثاً قويا من التقاليد والعادات والمواقف المشتركة التي أُرسيت على مدى عقود طويلة، الأمر الذي يفسر الانسجام التام والتناغم الكامل لكافة القرارات المتخذة من الدولتين الشقيقتين في القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، ناهيك عن كونها تمثل ركناً أساسياً من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمن القومي العربي ومن هنا يمكن فهم تلك الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين الشقيقين، ومن هنا تندرج زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى الإمارات، في أواخر عام 2016 والتي تعزز وتؤكد أهمية هذه العلاقة المميزة، وضرورتها في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها أمتنا العربية والإسلامية. وقد حاول بعض الحاسدين الحاقدين أن يحاولوا إشاعة الفرقة والتشكيك وزرع الفتن والبغضاء لهذه العلاقة الأخوية المتينة، كما هم يتصرفون مع شعوبهم وأنفسهم من خلال تصريحات مقززة لاتمت للحقيقة بصلة، ورد عليهم معالي أنور قرقاش وزير دولة الإمارات للشؤون الخارجية برد مفحم أسقط في أيديهم مايحملونه من كراهية وحقد وحسد على هذه المنطقة، كونها دول تحترم أنفسها وشعوبها ولاتحمل الكراهية والبغضاء ولازرع الطائفية والتفرقة. *المدير الإقليمي لصحيفة "الرياض" بالإمارات